رعى وزير المال ياسين جابر ممثلًا بمدير المالية العام جورج معراوي أمس في مقرّ معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي إطلاق دورة 2025 من الشهادة التخصّصية الدولية في الشراء العام الاستراتيجي التي يوفرها المعهد بالتعاون مع جامعة روما تور فرغاتا.
حضر احتفال الدورة، وهي الثانية، سفير إيطاليا لدى لبنان فابريزيو مارتشيللي، وسفيرة لبنان لدى إيطاليا كارلا جزار، ومدير مكتب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) في لبنان أليساندرو فيتاديني، ومديرة مركز المساعدة الفنية للشرق الأوسط (METAC) التابع لصندوق النقد الدولي مونيك ناوياك، وممثلان عن قائد الجيش وعن المدير العام لقوى الأمن الداخلي.
وأعرب معراوي في كلمته عن “الشكر والتقدير العميق للحكومة الإيطالية – وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ممثلة بالسفير فابريزيو مارشيللي، لدعم تنمية القدرات الوطنية في لبنان من خلال هذا المشروع”، وقال: “تسعى حكومتنا جاهدة إلى تصحيح تداعيات الأزمة المالية والسير بالإجراءات المطلوبة للتعافي والنهوض بالاقتصاد”.
أضاف: “نحن بدورنا نعمل في وزارة المالية على إصلاحات أساسيّة تطويرية وتحديثية تضبط التهرّب الضريبي والتهريب الجمركي وتعزز الإيرادات، وهو ما نناقشه مع صندوق النقد الدولي للوصول معه إلى برنامج يسهم إسهامًا كبيرًا في استعادة الثقة بلبنان ويساعد في توفير المساعدة الدولية وجذب الاستثمارات”.
لكنه شدّد على أن “الاستقرار الأمني يبقى العامل الأساسي للنمو الاقتصاديّ، وهذا يتطلّب مزيدًا من الجهد الدولي لردع إسرائيل عن اعتداءاتها المتكرّرة على لبنان وإلزامها بتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة”.
وأشاد معراوي بنجاح معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي “في تقديم هذه الشهادة – وهي الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة العربية – للعام الثاني على التوالي، وبكسبه “ثقة شريكه، جامعة روما تور فرغاتا، ذات الصيت الشائع والنجاح العالمي”.
ورأى أن “هذا النجاح دليل على قوّة علاقات التعاون بين إيطاليا ولبنان والتي تعود جذورها إلى قرون من التبادل الثقافي والتجاري”.
أمّا السفير الإيطالي فابريزيو مارتشيللي، فذكّر في كلمته بأن الهدف من إطلاق النسخة الأولى العام المنصرم كان “إضفاء مضمون حقيقيّ على قانون الشراء العام الجديد في لبنان من خلال تعزيز مهارات واحترافية المسؤولين عن تطبيقه”، ملاحظًا أن “النسخة الأولى حققت نجاحًا باهرًا، وأثبتت أن لبنان يمتلك موظفين متفانين وموهوبين جاهزين لترجمة الإصلاح إلى واقع عملي”.
وإذ شرحَ أن “الشراء العام ليس مجرّد عملية فنيّة، بل هو في الواقع أداة استراتيجية للحوكمة، إذ يضمن الشفافية والإنصاف والقيمة مقابل المال في استخدام الموارد العامة”، رأى أن “لا غنى عن الشراء الفعّال لإعادة بناء الثقة، وضمان ثقة الشركاء الدوليين، وتوجيه الموارد نحو التعافي والنموّ المستدام، في هذه المرحلة الحرجة التي يمرّ بها لبنان”.
وأكّد أن “إيطاليا تفخر بالوقوف إلى جانب لبنان في هذا المسعى”، معتبرًا أن “دعم إصلاح الشراء العام يؤدي إلى تقوية المؤسّسات، والمؤسّسات القوية هي أساس الاستقرار والازدهار”.
ولاحظَ مدير الماجستير الدولي في الشراء العام في جامعة روما تور فرغاتا غوستافو بيغا في كلمة ألقاها بواسطة تقنية الفيديو أن “ثمّة قدرًا هائلًا من الإهدار في الشراء العام”، موضحًا أن إصلاحه “يخفض الإنفاق العام بنسبة 20 في المئة، من دون التأثير على الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف، لأنه يُقلّل الإهدار ويوفّر موارد كبرى للاستثمارات الإضافية، وخفض الدين العام، وخفض الضرائب”.
وشرح أن الدراسات أظهرت أن “80 في المئة من الهدر الهائل الذي يحصل في الشراء العام يعود إلى انعدام الكفاءة، بينما يشكّل الفساد سببًا لــ 20 في المئة”.
وشدّد على ضرورة “تأطير المعركة ضد الهدر بطريقة مختلفة تمامًا، تُركِّز على معالجة مشكلة انعدام الكفاءة”. وأضاف: “مكافحة الفساد بالغة الصعوبة، إذ إن الفساد أحيانًا يكون ثقافيًا، وراسخًا في المجتمع، وتستغرق مكافحته وقتًا طويلًا، ومن الأسهل بكثير التركيز على مكافحة انعدام الكفاءة (…) التي تتيح تفاؤلًا أكبر بتحقيق نتيجة”.
وذكّرت رئيسة معهد باسل فليحان لمياء المبيّض بساط في كلمتها بأن المعهد “ثابر مدى الأعوام التسعة والعشرين المنصرمة” على العمل للمساهمة “في إعادة بناء مؤسسات الدولة (…) من بوابة الإصلاح المالي”، مُبرزةً أهمية “بناء المؤسّسات القويّة التي تَدوم وتصنع المستقبل”. وأشارت إلى أن الحكومة تسعى إلى “التعافي الاقتصادي والمالي من خلال سلّة متكاملة من الإصلاحات الهيكلية لاستعادة الثقة بالدولة ومؤسّساتها”. وأوضحت أن “الشهادة التخصّصية الدولية في الشراء العام الاستراتيجي كرّست التزام المعهد مبدأ التخصّص في الشراء العام، الذي ارتكز عليه قانون الشراء العام 244/2021 كمدماك أساس لنجاح عملية الإصلاح والارتقاء بهذه المهنة”.



