تُعدُّ الصيدليات في لبنان أحدى الركائز الأساسية للرعاية الصحية، حيث تلعب دورا حيويا في توفير الأدوية للمواطنين، وتتميز بانتشارها الواسع وقدرتها على الوصول إلى مختلف المناطق، مما يسهم في تلبية احتياجات المرضى وتقديم الدعم الطبي والخدمات الطبية اللازمة لهم.
يذكر ان هذا القطاع تمكّن عبر السنوات من بناء علاقة ثقة مع المجتمع، بفضل تقديمه للأدوية بجودة عالية وخدمات استشارية مميزة، تساعد المرضى في إدارة صحتهم. هذا بالطبع لا يشمل الصيدليات التي استغلت أوضاع الناس اثناء الازمة الاقتصادية الشديدة، وضاعفت الأسعار وزورت تواريخ صلاحية المكملات الغذائية المخصصة للرضع.
ولا بد من الإشارة هنا، الى انه ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلد، شهد هذا القطاع تحديات غير مسبوقة، بعدما انخفضت قيمة العملة المحلية، وارتفعت تكلفة استيراد الأدوية، مما أدى إلى نقص حاد في توفر العلاجات الأساسية وارتفاع أسعارها بشكل كبير.
خطة الطوارئ تحتاج الى خطة!
اوضح عضو في نقابة الصيادلة لـ “الديار” ان “الحديث عن وضع خطة للطوارئ في حال اتساع رقعة الحرب هو موضوع مهم للغاية، خاصة في ظل الأزمات المتكررة التي يمر بها لبنان منذ أكثر من 4 سنوات. وبناء على ذلك، يجب ان تتضمن عدة محاور رئيسية، مع التركيز على كيفية الايراد والتوزيع، ومراقبة الأسعار الفردية”.
العقبات
أضاف “ان تأمين سلسلة التوريد للأدوية يعتبر تحدياً كبيراً، خاصة مع تدهور البنية التحتية، وتصاعد الضربات “الاسرائيلية” في الجنوب، وصولا الى القصف الأخير الذي طال الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي حال تفاقمت الأوضاع الامنية، سيكون من الصعب تأمين ضمان استمرار عمل الصيدليات”، مشيرا الى “ان هذا القطاع يواجه صعوبات مالية بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين”.
وقال: “من الضروري خلق نهج محدد لتأمين المؤن الدوائية الأساسية خلال هذه الفترة، كما ان وإنشاء مخازن استراتيجية للأدوية يمكن أن يساعد في التعامل مع نقص الإمدادات في حالات التأهب والاستعداد والحذر، واستنباط آليات للتجزئة بسرعة وفعالية خلال الفواجع”.
واكد “ان هذا المجال من الاقسام الحيوية التي يجب تأمينها وحمايتها، لذلك من المهم تقديم دعم مستمر للصيدليات لمواصلة عملها، وبالتالي ضمان تلبية احتياجات المواطنين”. ولفت الى انه “لتفادي السيناريوهات الأسوأ وضعت خطط طوارئ مسبقة، وان كانت ضمن نطاق محدود، لتقليل تأثير الأزمات في قطاع الأدوية. ومن المفترض بناء شراكات مع جهات محلية ودولية، لان هذا الامر يساهم في توفير الدعم اللازم”.
حركة الشراء “طبيعية”
من جانبه، أوضح الصيدلي علي خليل لـ “الديار” أن الأدوية متوافرة، ويوجد مخزون كبير في المستودعات، وعملية التبضع عادية، والإقبال على شراء الأدوية قد يتضمن شراء عقار إضافي أو اثنين. لكن هناك تهافت على شراء المستلزمات المتعلقة بالأطفال، لا سيما الحليب وبعض الأدوية الملحّة، خوفا من انقطاعها أو فقدانها من السوق”.
وأكد “أن المخزون الحالي سواء الموجود في الصيدليات او السوق يكفي لمدة 6 أشهر، لأن البضائع محفوظة في مستودعات كبيرة، وليس هناك انقطاع لأي نوع من العقاقير”.
ماذا عن خطة الطوارئ؟ يجيب: “الخطة موجودة لكن لا يتم الحديث عنها كثيرا في وسائل الإعلام، ووفقا لهذه الخطة الدواء مؤمن لمدة ستة أشهر إضافية”.
حفظ الادوية “بحكمة”!
من جهتها، قالت الصيدلانية ايمان “في ظل ارتفاع الأسعار في لبنان، يتعين على الناس اتخاذ قرارات مدروسة بشأن الأدوية، التي يجب التركيز على تخزينها أو شرائها. لذلك من الضروري تخصيص الموارد بحكمة، وضمان الحصول على الأدوية الأكثر أهمية، والتي لا يمكن الاستغناء عنها، بينما يمكن تقليل الإنفاق على تلك غير الضرورية. وانصح المواطنين الالتزام بالخطوات التالية:
1- الأصناف الأساسية: يجب تخصيص الجزء الأكبر من الميزانية للأدوية التي تعالج حالات صحية مزمنة أو مستعصية، مثل أدوية السكري، ضغط الدم والقلب.
2- العلاجات غير الاضطرارية: قد تكون بعض العقاقير، مثل المكملات الغذائية أو الأدوية التي تعالج حالات غير ملحة أقل أولوية. لذلك ينبغي تقليل الإنفاق على هذه الأنواع إذا كانت بدائلها متاحة أو الحالة الصحية لا تتطلب استخدامها بشكل فوري.
3- التخزين الحكيم: من الفطنة ادخار الترياق بطرق فعالة لتخفيض الحاجة إلى شراء معدلات كبيرة بشكل متكرر، لان هذا قد يتضمن شراء كميات أكبر من الأدوية الأساسية عندما يكون ذلك ممكنا، مع مراعاة تواريخ انتهاء الصلاحية.
4- الاستشارة: التحدث مع الأطباء حول الأدوية الضرورية، وتلك التي يمكن تأجيلها أو تخفيف تناولها، فهذا يساعد في إدارة النفقات بشكل أفضل، كما يمكن أن يقدم الاختصاصي نصائح حول بدائل أو طرق تقليل الحاجة إلى بعض البلاسم.
ما هي ادوية الطوارئ؟ تجيب “في حالة الحروب أو الكوارث، من الضروري تخزين العقاقير والمنتجات الطبية الأساسية لضمان تلبية الاحتياجات الفردية منزليا. لذلك يجب ان تتضمن أدوية ومستلزمات الأطفال، مسكنات الألم وخافضات الحرارة، المضادات الحيوية أموكسيسيلين (شراب) وأزيثروميسين (شراب). وأدوية الحساسية تشمل مضادات الهستامين وكريمات مضادة للحكة”.
وتابعت “بالإضافة الى أدوية الجهاز الهضمي والتنفسي وأدوية مضادة للإسهال والسعال، الى جانب بلاسم الجلد والجروح التي تتضمن مطهرات (مثل الكحول) وكريمات مضادة للبكتيريا وضمادات وشاش”.
وأشارت الى مستلزمات أخرى لا يمكن الاستغناء عنها، مثل حفاضات الأطفال وحليب الأطفال (بودرة) وميزان حرارة”.
ماذا عن أدوية ومتطلبات الكبار؟ تجيب “يجب ان تتضمن مسكنات الألم وخافضات الحرارة، وأدوية الأمراض المزمنة، ومضادات حيوية، بما في ذلك مضادات الحموضة والحساسية، بالإضافة الى أغراض وأدوات الإسعافات الأولية”.
وختمت “ينبغي تخزين الأدوية والمقتضيات الطبية بشكل جيد في مكان آمن وجاف بعيداً عن الحرارة والرطوبة ،لضمان المحافظة على جودتها وصلاحيتها عند الحاجة إليها”.