خلف: مرحلة جديدة قد تجعل من 2026 انطلاقة للحلول النهائية

رأى الأمين العام لجمعية مصارف لبنان فادي خلف أنّ “المرحلة الجديدة التي تلوح في الأفق قد تجعل من سنة 2026 عام البدء بتنفيذ الحلول النهائية، وإعادة إطلاق القطاع المصرفي على أسس أكثر صلابة، كما وإعادة الحقوق إلى أصحابها ضمن إطار دولة تسعى، أخيرًا، إلى إعادة بناء الثقة والمؤسسات. لكن المطلوب اليوم يبقى في استكمال هذا التوجّه بشفافية وتنسيق مع الجهات المحلية والدولية، كي لا تضيع الفرصة مجدّدًا، ولا يُعاد إنتاج الأزمة بثوب جديد”.

كلام خلف جاء أمس في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية بعنوان “أزمة نظامية… من الاعتراف إلى التطبيق”، كتب فيها: “منذ بداية الأزمة، ظلّت المصارف محورًا للجدل، وكثيرًا ما نُظِر إليها وكأنها السبب أو الضحية، أو الاثنين معًا. لكن التطوّرات الأخيرة في الخطاب الرسمي بدأت ترسم مسارًا مختلفًا، أكثر واقعية ووضوحًا”.

وتابع، “فقد صرّح سعادة حاكم مصرف لبنان، الأستاذ كريم سعيد، خلال جلسة المجلس النيابي المخصصة لمناقشة مشروع موازنة 2025، بوضوح لا لبس فيه، قائلًا “الأزمة هي أزمة نظامية (Systemic Crisis)، وليست أزمة قطاع مصرفي بحدّ ذاته”.

هذا التصريح، الصادر عن المرجعية النقدية الأولى في البلاد، يُعدّ بمثابة إعلان حاسم عن طبيعة الأزمة، ويؤسّس لقراءة جديدة تستوجب حلولًا شاملة تتناول النظام المالي والاقتصادي ككل، لا المصارف وحدها.

وفي السياق نفسه، جاء موقف معالي وزير المالية، الأستاذ ياسين جابر، في كلمته أمام مؤتمر اتحاد المصارف العربية المنعقد يوم الخميس في 18 أيلول 2025، ليعزّز هذا التوجّه، إذ قال: “الأزمة الأخيرة اختلفت عن سابقاتها لتشمل كامل النظام المصرفي من خلال انضمام المصرف المركزي إلى عناصر الأزمة، وأصبحت أيضًا أزمة نظام مالي بعد أن اتخذت الحكومة اللبنانية في نيسان 2020 قرارًا بالتوقّف عن سداد ديونها المحرّرة بموجب سندات دولية متداولة بالعملة الأجنبية”.

وأضاف: “هاتان الشهادتان، الصادرتان عن رأسي السلطتين النقدية والمالية، تضعان حدًّا للجدل الطويل حول تحديد هوية الأزمة. فبعد سنوات من الاتهامات المتبادلة والتفسيرات المتناقضة، أصبحت الصورة واضحة: نحن أمام أزمة نظامية متعدّدة الأبعاد، تتطلّب حلولًا يشارك فيها كلّ الأطراف، وعلى رأسها الدولة ومصرف لبنان كما والمصارف. لكن الاعتراف بطبيعة الأزمة لا يُغني عن معالجة للأسئلة العالقة. وفي طليعتها: ما معيار تراتبية المسؤوليات؟

إنّ الحلّ لا يكمن فقط في الاعتراف بجوهر الأزمة، بل في ترجمة هذا الاعتراف إلى خطوات عملية تأخذ في الاعتبار الواقع القائم، فتراتبية المسؤوليات لا تبدأ من أسفل الهرم بل من رأسه: الدولة، ثم مصرف لبنان ومن ثم المصارف.

ما مصير مبلغ الـ 16.5 مليار دولار الذي يعتبره مصرف لبنان دينًا له في ذمّة الدولة؟ هذا المبلغ يشكّل عنصرًا أساسيًا في المعادلة، ويؤثّر مباشرةً على ميزانية مصرف لبنان وقدرته على مواكبة أيّ خطة إنقاذ.

هل سيتم تطبيق المادة 113 من قانون النقد والتسليف؟ هذه المادة تُلزم الدولة قانونًا بإعادة رسملة مصرف لبنان في حال تعرّض لرأسمال سلبي. فهل سيلتزم التشريع المقبل بتطبيقها؟

أين المصارف اليوم من خطة ردم الفجوة المالية؟ المصارف التي صمدت طوال السنوات الست الماضية، رغم أصعب الظروف، تُثبت أنها قادرة على النهوض مجدّداً إذا ما توفّرت الإرادة السياسية والنية الصادقة للمعالجة. لكنّ المصارف، في الوقت عينه، تشعر بأنها مستبعَدة عن الجزء الأهم من النقاشات الحاصلة. في هذا السياق، يتم التحضير لمشروع قانون الفجوة المالية حاليًا من دون إشراك “فعلي” لجمعية المصارف في الاطّلاع على الصياغات الجارية، إذ تطّلع المصارف على ما يرشح عن هذه التحضيرات من خلال وسائل الإعلام المرئية والمقروءة التي تُسرَّب إليها الصيغ المقترحة”.

وختم خلف بالقول: “إنّ المرحلة الجديدة التي تلوح في الأفق قد تجعل من عام 2026 عام البدء بتنفيذ الحلول النهائية، وإعادة إطلاق القطاع المصرفي على أسس أكثر صلابة، كما وإعادة الحقوق إلى أصحابها ضمن إطار دولة تسعى، أخيرًا، إلى إعادة بناء الثقة والمؤسسات. لكنّ المطلوب اليوم يبقى في استكمال هذا التوجّه بشفافية وتنسيق مع الجهات المحلية والدولية، كي لا تضيع الفرصة مجدّدًا، ولا يُعاد إنتاج الأزمة بثوب جديد”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةكيف تقلّص الحكومة التهرّب الضريبي؟
المقالة القادمةمديرة صندوق النقد الدولي: دول الخليج «نقطة مضيئة» رغم التحديات العالمية