تحت عنوان ” دعوات لبيع جزء من احتياطي الذهب اللبناني لإعادة هيكلة الاقتصاد” كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الاوسط وقالت: مع تدهور الوضع المالي اللبناني وبلوغه مستويات غير مسبوقة جعلت المسؤولين اللبنانيين يبحثون في إعادة هيكلة أو جدولة الدين العام ووضع خطط بالتعاون مع صندوق النقد الدولي للنهوض باقتصاد ومالية الدولة من جديد، تتجه الأنظار إلى احتياطي الذهب الذي ظل مجرد الحديث عن إمكانية المساس به خلال السنوات الماضية من المحظورات لاعتباره من قبل البعض ضمانة لليرة اللبنانية وثبات سعر صرفها.
وبعد أن كان مجرد الحديث عن بيع كمية من الذهب لسداد جزء من الدين العام من “المحظورات” قبل سنوات قليلة، أصبح اليوم يطرحه بعض الاقتصاديين والمعنيين بالشأن المالي. على سبيل المثال، يعتقد رئيس مركز “الدولية للمعلومات” جواد عدرا أنه “حان الوقت للتفكير باستخدام الذهب لإعادة هيكلة الاقتصاد وحماية الناس وحفظ سيادتنا، شرط أن لا نبدده لتسديد الدين ولا لتمويل الهدر وأن يكون ضمن خطة شاملة”، متسائلا: “لماذا لا نبدأ بالذهب في نيويورك وقد يكون ثلث الكمية؟”، وذلك في إشارة إلى كمية الذهب التي يحتفظ بها لبنان في الولايات المتحدة كجزء من احتياطيه.
وأشار النائب السابق لحاكم مصرف لبنان ، غسان العياش، إلى أنه “كان الاعتقاد سائداً في الماضي، ولفترة طويلة، بأن احتياطي الذهب ضمانة الليرة اللبنانية وثبات سعرها، وقد يكون ذلك صحيحاً عندما كان حجم الذهب متناسباً مع حجم الكتلة النقدية والناتج المحلي القائم، وعندما كان النظام النقدي العالمي قائماً على التغطية الذهبية للعملات. أما وقد تضخم حجم الكتلة النقدية وأصبحت التغطية بالذهب هزيلة، فلا شك أن احتياطي الذهب لم يعد يشكل ضمانة لليرة على الإطلاق”، لافتا إلى أن “بيع قسم منه بعدما تم التفريط في قسم كبير من الاحتياطات بالعملات الأجنبية، قد يساعد جزئياً في إعادة تكوين الاحتياطي النقدي لمصرف لبنان الذي جرى هدره لتمويل الميزان التجاري والطلب الخاص على العملات الأجنبية”. وأوضح العياش في تصريح لـ”الشرق الاوسط ان عياش يحتاج، لكي يخرج من أزمته النقدية، إلى ما يقارب 50 مليار دولار لاستعادة الكتلة المفقودة بالدولار وإعادة رسملة المصارف التي تعرضت رساميلها إلى تآكل بسبب إفراطها في إقراض القطاع العام”. وأضاف: “إذا بعنا قسماً من الذهب بنحو 7 مليارات دولار ضمن برنامج إصلاحي شامل، قد يشكل ذلك جزءاً من الحل، وإن كنا لا نزال بحاجة للمصارف”.
وللمفارقة فإنلبنان الذي يتصدر قائمة الدول المدينة في العالم نسبة لناتجه المحلي الإجمالي بعد اليابان بحسب “معهد التمويل الدولي ، هو من بين الدول العشرين الأولى في العالم الأكثر استحواذا على الذهب، كونه يملك نحو 286.6 طن من الذهب بقيمة 16 مليار دولار. وبدألبنان تجميع الذهب بعد سنوات قليلة من نيله الاستقلال عام 1943، واستمر حتى عام 1971، ومع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 أرسل لبنان إلى ولاية كنتاكي الأميركية جزءاً من احتياطي الذهب لحمايته، مثلما فعلت الكثير من البلدان الأخرى، وهو لا يزال هناك، ولم تحاول الدولة استعادته طوال السنوات الماضية.
وبحسب دراسة موسعة عن الذهب اللبناني لحركة “مواطنون ومواطنات في دولة”، فإنه محمي بقانون صدر عام 1986 يمنع بيعه أو رهنه، لكن المخاوف هي من عدم سريان القانون اللبناني على الذهب الموجود بالخارج، باعتبار أنه في حال عجزت الدولة عن سداد دينها لحاملي سندات “اليوروبوند” فإن بعض هؤلاء قد يقدمون على رفع دعاوى أمام محاكم نيويوك، ما قد يؤدي إلى وضع اليد على الكميات المحفوظة في الولايات المتحدة والتي تقدرها الحركة بثلثي الكمية الإجمالية، علما بأنه لا أرقام رسمية حول الموجودات من الذهب فيلبنان والكميات التي تم نقلها إلى أميركا.