تلعبُ المنصّات غير الشرعيّة دوراً كبيراً في تحديد سعر صرف الدولار في السوق السوداء صعوداً أو نزولاً، وغياب الرقابة والمُحاسبة في لبنان، إضافةً إلى التطوّرات السياسية كلّها عوامل أدّت إلى بلوغ سعر الدولار في السوق الموازية أرقاماً قياسيّة.
وعن أسباب مُلامسة الدولار الـ 25 ألفاً، أوضَح الخبير الإقتصادي نسيب غبريل في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أنّ “العامل الأساسي هو الجمود السياسي الذي يخلق أجواء تساعد المُضاربين على التدخّل في السوق لجني أرباح سريعة”.
وبحسب غبريل، فإنّ “سعر صرف الدولار في السوق الموازي هو سعر إصطناعي، وصحيح أنّ هناك عدم وضوح وجمود مؤسساتي وتأخير بالإصلاحات، لكن مرّ عامان على الأزمة من دون أيّ إجراء إصلاحي، والتراجع الحادّ بتدفّق رؤوس الأموال إلى لبنان منذ أيلول 2009، و13 شهرًا من دون حكومة والتعثّر عن تسديد “اليورو بوندز” وعدم إجراء مفاوضات مع الدائنين لغاية الآن، فتح الباب للمُضاربين للتحكّم بسعر صرف الدولار في السوق الموازي”.
وقال: “من المؤكّد أنّ هذا السعر إصطناعي، ولكنّ لا يُمكننا تحديد السعر الحقيقي للدولار لأنّ هناك إجراءات يجب أن تُتّخذ، فهناك آلية يجب أن يضعها مصرف لبنان ووزارة المالية لتوحيد أسعار صرف الدولار في السوق اللبناني، هذه الآلية تكون ضمن الخطّة الانقاذية التي تُعرض على صندوق النقد الدولي ويتم التفاوض على أساسها، ويتمّ الإتفاق بين الطرفَين على جدول زمني لتطبيق آلية توحيد سعر الصرف، لكنّ بعد توقيع إتفاق تمويلي إصلاحي مع الصندوق، الأمر الذي يُعطي مصداقية للبرنامج الإصلاحي للسلطات اللبنانية ويؤدّي إلى الإنضباط في تطبيقها”.
ولفتَ إلى أنّه “هناك عوامل تُحدّد سعر الصرف كالاستقرار السياسي، العمليّة الإصلاحية، النمو الإقتصادي وتدفّق رؤوس الأموال. عندها نعرف السعر الحقيقي لصرف الليرة بالسوق اللبناني”، مُؤكّدا أنّه “لا يمكن الجزم بسعر معيّن حالياً”.
وردًّا على سؤال عن الفترة الزمنية التي يحتاجها لبنان للتعافي، أجابَ غبريل: ”يَجب أن نعود إلى العامود الفقري للإقتصاد اللبناني وهو القطاع الخاص والمبادرة الفردية”، مُشيرًا إلى أنّ “أحد أسباب الازمة الاقتصادية الحالية هو انفلاش القطاع العام على حساب القطاع الخاص، وإدخال 32 الف شخص الى القطاع العام (توظيفات سياسية) وزيادة النفقات بشكل غير مسبوق من 6 مليارات و800 مليون دولار بالعام 2005 الى 18 مليار دولار بالعام 2019، وعدم مكافحة التهرّب الضريبي وعدم تفعيل الجباية، كل هذه الأمورر أدّت إلى طغيان القطاع العامّ على القطاع الخاص، وإحتكار القطاع العام لقطاعات حيويّة كالإتصالات والكهرباء والمرافئ، وزيادة الضرائب بشكل عشوائي، ما أدّى إلى زيادة الأعباء التشغيليّة على كاهل القطاع الخاص وإنفلاش العام”.
في هذا الإطار، دعا غبريل الى “تطوير المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال ورفع مستوى تنافسية الاقتصاد اللبناني وإعادة تأهيل البنى التحتية وتطبيق الحوكمة والادارة الرشيدة بالقطاع العام، بشكل يؤدّي الى خلق مناخ مؤاتٍ للقطاع الخاص ليعود ويلعب دوره الطبيعي”.