دولة مفلسة بكل المعايير!

لم يكن اللبنانيون ينتظرون كلام نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ليتأكدوا أن دولتهم في حالة إفلاس، وأن المصرف المركزي يُعتبر مفلساً.

حكومة حسان دياب كانت أول من أعترفت بإفلاس الدولة، عندما إتخذت ذلك القرار الأرعن بعدم دفع الفوائد المستحقة على سندات اليوروبوند للدائنين من مؤسسات وصناديق إستثمار دولية، الأمر الذي ضرب الثقة الخارجية بقدرة لبنان المالية، وأدّى داخلياً إلى المسار الإنهياري المستمر لليرة اللبنانية.

محاولة رئيس الحكومة التخفيف من تداعيات صدمة كلام نائبه وقوله أن المقصود هو نقص السيولة وليس الملاءة المالية، لا يُغيّر من واقع الوضع المالي المتدهور للدولة، والذي سحب مضاعفاته على القطاع المصرفي والقطاعات الحيوية الأخرى، وطال بكارثته أكثرية اللبنانيين الذين فقدوا أموالهم في المصارف، وهبطوا بين ليلة وضحاها إلى مهاوي الفقر والتعتير، وراحوا يستجدون المصارف للحصول على ما يسد رمق عيالهم، أو تأمين أقساط أولادهم في المدارس والجامعات.

المشكلة أن المسؤولين يهربون من مواجهة مرارة الواقع الإفلاسي، والإمعان في سياسة الإنكار، دون إتخاذ الخطوات الجدّية الضرورية لوقف الإنحدارات المتلاحقة، خاصة في قطاع الكهرباء، حيث يعيش البلد في عتمة شبه كاملة منذ أكثر من تسعة أشهر، والدولة المفلسة غير قادرة على تأمين الأموال اللازمة لا لتوفير الفيول، ولا لتأمين الصيانة للمعامل المتهالكة لتوليد الكهرباء.

أهل الحكم، وبينهم رجال أعمال مرموقون وخبراء إقتصاديون، يعرفون أكثر من غيرهم أن فقدان السيولة يعني إفلاساً مالياً مُحققاً، وأن كارثة بنك إنترا في الستينات بدأت بفقدان السيولة، رغم حجم الموجودات الضخمة التي كان يملكها أكبر مصرف في الشرق الأوسط في ذلك الزمان، والتي مازال بعضها قيد التداول رغم كل الصفقات التي عُقدت لبيع عشرات العقارات المهمة في باريس ولندن ونيويورك وجنيف وزوريخ وغيرها من المدن العالمية.

ماذا يمكن أن نصف دولة عاجزة عن تأمين رواتب موظفيها، وغير قادرة على تسيير مرافقها العامة، ولا توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، غير أنها دولة مفلسة وبكل المعايير ..وإلى حد الإنهيار الشامل؟

مصدراللواء - صلاح سلام
المادة السابقةحرق دولارات المركزي: 1.75 مليار في أربعة أشهر
المقالة القادمة«سقطة الشامي»