ديمومة عملهم في خطر | «موظفو المصارف»: لم يعد لدينا ما نخسره

بعد خمس سنوات على الانهيار المصرفي، بدأ كيل اتحاد نقابات موظفي المصارف يطفح. تأخّر كثيراً. لكن يبدو أن الاتحاد بدأ يدرك أن المصير الجماعي للموظفين على المحكّ.

فسواء في عقد العمل الجماعي، أو في مرحلة إعادة الهيكلة المرتقبة، ستميل الكفّة دائماً إلى أصحاب المصارف. هذا مبرّر كافٍ للتحرّك على الأرض. لذا، دعا الاتحاد إلى جمعية عمومية لإطلاع الموظفين على المفاوضات مع الجمعية بشأن العقد الجماعي، وللنقاش في الخطوات المقبلة. ففيما خسر القطاع أكثر من 10 آلاف موظف، يرفض أصحاب المصارف توقيع العقد بكل مندرجاته من حدّ أدنى للرواتب، وصولاً إلى هوامش أوسع للمنح المدرسية والجامعية وغيرها. برودة أصحاب المصارف تجاه الأمر، تشي بأن إعادة هيكلة القطاع بكل مساراتها؛ تصفية أو دمجاً أو استحواذاً، ستحوّل العاملين في القطاع إلى ضحايا.

في الجمعية العمومية التي دُعي إليها موظفو المصارف، لم يكن الحضور واسعاً. ربما كان حضوراً تمهيدياً للتحرّكات الآتية. ما يعيشه الموظفون، ليس خافياً على أحد. تآكلت رواتبهم منذ عام 2020 بشكل كبير. بعض المصارف عوّض جزءاً من هذا التآكل، وبعضها ترك الخسائر كاملة تصيب موظفيه.

أما عقد العمل الجماعي «الذي كان يميّزنا، فقد تآكل العديد من عطاءاته ولم يتم تجديده منذ عام 2020» يقول رئيس نقابة موظفي المصارف إبراهيم باسيل. تبرّر جمعية أصحاب المصارف، رفض توقيع العقد «بذرائع واهية» من أبرزها انتخابات الجمعية التي انتهت أخيراً إلى توسيع مجلس الإدارة ليشمل عضوين إضافيين مقابل تجديد ولاية الرئيس سليم صفير لسنتين إضافيتين. «انتهى الأمر.

لم يعد هناك مبرّر للمماطلة والتسويف» يقول باسيل، ويسأل: «لقد دفع الكثير من زملائنا الثمن بصرفهم المبطّن من الخدمة، ولا تزال الأخطار تلوح في الأفق، إذ نسمع يومياً عن مشاريع لإعادة هيكلة المصارف. لا أدري ما المقصود بإعادة الهيكلة؟ هل تعني تصفية المصارف الحالية لمصلحة مصارف جديدة أم المقصود إجبار المصارف الصغيرة على الدمج في المصارف الكبيرة؟ في كلتا الحالتين سيكون الموظفون هم الضحية».

ما حصل في السنوات الخمس الماضية، أنه كانت هناك ثلاث فئات من الخسائر البشرية في القطاع: الفئة الأصغر سنّاً التي لم تعد ترى أن وجودها في القطاع يؤمّن لها مستقبلاً مهنياً ومورداً مالياً كافياً للعيش، والفئة الأكبر سنّاً التي كانت تتشكّل من موظفين تقاعدوا لكنّ المصارف تتعاقد معهم، والفئة التي تركت العمل وهاجرت إلى الخارج. إلى جانب هذه الفئات، تقدّر النقابة أن من صُرفوا من العمل تعسّفاً يبلغ عددهم نحو 4 آلاف موظف من أصل خسارة موارد بشرية إجمالية تبلغ 10 آلاف موظف.

كانت المصارف تدفع بروتوكولات صرف مخزية، وهذا يشمل السنوات السابقة بكل تعقيداتها وتوالي انهيار السعر فيها. لم يحصل الموظفون المصروفون من العمل على بروتوكول يتضمن أكثر مما بين 20% و25% من الرواتب بالدولار الفريش. وفي النهاية، فإن أفضل بروتوكول صرف، يمنح المصروف من العمل، رواتب تراوِح بين شهرين و12 شهراً بالإضافة إلى أشهر الإنذار.

بعض المصارف منح المصروفين من العمل منحاً مدرسية وجامعية لسنة أو اثنتين، أو تأميناً صحياً لسنة. لكن في المجمل، كانت الرواتب ضئيلة للغاية وتعويضات الصرف على شاكلتها.

من يتحمّل المسؤولية؟ يجيب باسيل، بالإشارة إلى المعنيين في مجلس النواب ومجلس الوزراء والمجلس المركزي لمصرف لبنان والمصارف. هؤلاء لم يتخذوا أي خطوات لحماية الموظفين في القطاع المصرفي، لا لحماية مدّخراتهم التي ضاعت مع مدّخرات سائر المودعين، ولا لحماية رواتبهم وقوتها الشرائية «وهم الآن أمام أفق مجهول». فمن أصل نحو 35 مجموعة مصرفية، يتردّد أن عدداً قليلاً سيبقى عاملاً في السوق، ما يعني أن عدداً آخر ستتم تصفيته أو دمجه أو الاستحواذ عليه من مصارف أخرى ستبقى أو من شركات تؤسّس في الخارج. المصارف التي ستُصفّى أو تُدمج أو تُشترى، فما سيكون مصير موظفيها؟ الآن يصل الموظف إلى التقاعد «بلا معاش، وبلا تعويض وبلا مدّخرات».

في الإطار نفسه، يشير رئيس الاتحاد جورج الحاج إلى أن ما قد ينتج من عمليات صرف مستخدمين بعد إقرار قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي «قد يطاول المئات في المصارف التي قد تضطر إلى التصفية أو الاندماج»، لذا يرفض الحاج أن يُعطى المصروفون «تعويضات صرف واردة في المادة الخمسين من قانون العمل أو المادة الرابعة من قانون الاندماج المصرفي. لذا يطالب بتحريك «مشروع قانون لتعديل المادة الرابعة من قانون الاندماج المصرفي المتعلقة بتعويضات الصرف» سبق أن قدّمته كتلة نواب الجمهورية القوية في عام 2022 «لكنه ما زال في أدراج اللجان المشتركة».

إذاً، الخطوات المتاحة أمام النقابة، تتلخّص بـ«المواجهة». يقول الحاج إنها ستكون «بشتى الوسائل»، ولا سيما إذا كانت «التعويضات لا تتناسب مع الظروف المعيشية». يقول باسيل: ذاهبون إلى الآخر، فلم يعد لدينا ما نخسره».

 

مصدرجريدة الأخبار - محمد وهبة
المادة السابقةببان الى وسائل الاعلام
المقالة القادمة65 ضعفاً: الأسعار تواصل الارتفاع