قدرت الخسائر الناتجة عن الأزمة المالية بنحو 69 مليار دولار كما في ايلول الماضي، وهي أساساً الفارق بين ما تبقى في مصرف لبنان من عملات أجنبية وما عليه من التزامات تجاه المصارف التي هي عملياً ودائع للناس وظفتها البنوك في شهادات ايداع وودائع في البنك المركزي. هناك نزاع الآن حول من يتحمل هذ الخسائر التي ستتوزع في نهاية الأمر بين المصارف ومصرف لبنان والدولة والمودعين لا سيما كبارهم. وبين الحلول المطروحة استخدام أصول الدولة.
يبدو ان لا مهرب من استخدام بعض أصول الدولة لردم جزء من الفجوة، والسبيل الوحيد للاستفادة من هذه الأصول العامة هو ، من خلال الـ “Corporatization” (أو التشركة) يجيب رئيس “الجمعية الاقتصادية اللبنانية”، والخبير السابق في صندوق النقد الدولي الدكتور منير راشد. فهذا المصطلح المركب يعني “تكوين الشركات”. و”هذه العملية تتم من خلال تحويل وإعادة هيكلة أصول الدولة، من هيئات حكومية ومؤسسات عامة ومصالح مستقلة إلى شركات مساهمة.
وهو ينطوي على مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى، تقتضي بخصخصة إدارة هذه المرافق من خلال مناقصات عالمية شفافة.
الثانية، تحويل رأسمال الشركة إلى أسهم مدرجة في البورصة بعد طرحها في السوق للاكتتاب العام.
مع كل حديث عن الاستفادة من الملك العام يتحرك فريق، مصوراً العملية بأنها انتهاك لحقوق المواطنين وهدراً لموارد الأجيال اللاحقة. والأمران خاطئان، من وجة نظر راشد. فـ”المواطنون من غير المودعين يستفيدون تلقائياً من تحسن الخدمات، وانخفاض كلفتها عليهم، وتراجع سعر الصرف وارتفاع متوسط الدخل وازدياد فرص العمل. ومع تحسن المداخيل يصبح بامكانهم الاستثمار في شراء الأسهم. مع التشديد على أن هذه الأملاك تصبح فعلاً لا قولا ملك الشعب وتحت إدارته.
تتوزع أصول الدولة على 4 قطاعات رئيسية بحسب دراسة «خصخصة الأصول اللبنانية العامة – لا يوجد حل سحري للأزمة» التي أعدها الزميل الباحث في السياسات في معهد عصام فارس البير كوستانيان، وهي:
– شركة طيران الشرق الأوسط، كازينو لبنان وشركة الريجي.
– المواصلات والبنى التحتية، ويضمان: المطارات والمرافئ البحرية.
– العقارات، وتضم: الأراضي والمباني المشيّدة.
– المرافق العامة وتضم: شركة أوجيرو، وشركتي الاتصالات الخلوية MIC1 وMIC2 ومؤسسة كهرباء لبنان، ومؤسسات المياه.
ولعل أكبر أصل تمتلكه الدولة هو قدرتها على إعطاء التراخيص للمشاريع والاستثمارات الجديدة في كافة الميادين. منها، النقل، وتطوير سكك الحديد وشركات القطارات، والبناء، وإقامة المرافئ البحرية وتلزيم المطارات… وغيره الكثير. وهذا الحق الحصري لا يمكن الاستفادة منه إلا في ظل وجود دولة قادرة ان تعطي الثقة للداخل والخارج، وتتمتع بقضاء نزيه وعادل، وشفافية في العلاقة مع الغير، وحوكمة رشيدة.