رفع الدعم أو ترشيده: بطاقة تمويلية للبعض.. والمجاعة للجميع

بات من المؤكد أن الدعم سيرفع بعد نهاية شهر رمضان المبارك، أي بعد اسبوعين او ثلاثة تقريباً، وسيدخل اللبنانيون مرحلة جديدة من الافقار والتجويع، رغم العناوين البراقة التي يرفعها المسؤولون عن ضرورة ترشيد الدعم، حرصاً على ما تبقى من احتياطي في ​مصرف لبنان​، وعن أن الدعم لن يرفع الا بعد اقرار البطاقة التمويلية التي ستعوض على المحتاجين خسائر ارتفاع الأسعار.

وفق المعلومات المتداولة، يقال أن قيمة البطاقة التمويلية مليون و330 ألف ليرة لبنانية شهرياً لكل عائلة. وفي الاصل كان الحديث يدور عن 100 دولار شهرياً، ولكنها ستدفع بالليرة اللبنانية. وستعطى البطاقات لنحو 750 ألف عائلة موزعة كالتالي:

-215 ألف عائلة مشمولة ببرنامج شبكة الأمان المموّل من قرض ​البنك الدولي​ بقيمة 264 مليون دولار. بمعنى أن هذه الأسر التي سيوزع عليها ما يقرب من 900 ألف ليرة شهرياً، ستتقاضى باقي المبلغ من ​الدولة اللبنانية​ أي ما يعادل نحو 430 ألف ليرة لبنانية ليتساوى دعمها مع باقي الأسر.

-60 ألف عائلة من ضمن العائلات المصنفة ضمن فئة الأكثر فقرا في وزارة الشؤون الاجتماعية.-475 ألف أسرة من ضمنها 300 ألف أسرة تستفيد اليوم من 400 ألف ليرة شهريا يوزعها الجيش، بحيث يتم الاستغناء عن الـ400 ألف ليرة مقابل استفادتها من مليون و330 ألف ليرة.

الرقم 750 ألف أسرة ليس نهائيا بعد، ويقال أن العدد سيرتفع الى 800 ألف، وتذهب بعض المعلومات الى الحديث عن 70 في المئة من الأسر في لبنان.

عندما يقال ان الليرة خسرت 90 في المئة من قدرتها الشرائية، فينبغي أن يكون الحل على مستوى هذه الخسارة، وأن يشمل بتعويضاته كل الخاسرين.

وبالعودة إلى البطاقة التمويلية، وما يقال ويحكى عن فوائدها لتعويض خسائر رفع الدعم ، فهذا “ضحك على الدقون “، والحقيقة ان الدولة باتت عاجزة تماما ًعن الاستمرار بالدعم وهي سترفعه كلياً في غضون أشهر قليلة، ولكنها تريد “تبليغ ” هذه القرار الخطير للفئات الشعبية، بحقنة مورفين موقتة، أسمها البطاقة التمويلية.

هذا البطاقة لن تصمد اكثر من شهرين أو ثلاثة، لأسباب عدة:

اولا: ان التمويل غير متوفر لها، وقرض البنك الدولي سيكفي لهذه الفترة فحسب، وكل ما حكي عن تمويل قطري آت، هو مجرد تكهنات.

ثانيا : ان رفع الدعم، أو حتى تقليصه سيؤدي إلى توقف مصرف لبنان عن تزويد التجار والمستوردين بالدولار الرسمي، وستنشأ حاجة كبيرة، وطلب هائل على دولار ​السوق السوداء​، الذي سيحلق ليبلغ مستويات لا يستطيع أحد تقديرها، وسنصل الى واقع ان المبلغ المدفوع شهريا بالليرة لحاملي البطاقات سيفقد قيمته أيضا، وسيتحمل المحرومون من البطاقة اعباء اضافية.

ان تعذر تأمين الدولارات للاستيراد، والهبوط المتزايد لقيمة الليرة، سيؤديان حتما الى تأثر حركة الاستيراد، وهذا يعني انقطاع وفقدان المواد والسلع الاساسية من السوق، ومن غير المستغرب أن نبلغ مرحلة يرفض فيها بائع المفرق البيع إلا بالدولار، لان تاجر ​الجملة​ لا يسلمه البضاعة الا بالدولار. وعندما نصل الى مرحلة ان ملايين الليرات في جيوبنا لا يمكن أن تشتري شيئا .. فإنها بداية ​المجاعة​.. للجميع.

مصدرالنشرة - علي حمود
المادة السابقةلبن الفقراء بات للأغنياء والعلف المدعوم مفقود
المقالة القادمةوزارة العمل تطلب من أصحاب المؤسسات المساهمة في تسريع عملية التلقيح