إن لم يتوقف الدعم عاجلاً بسبب حلول شهر رمضان المبارك، فسيُعلن عن رفعه آجلاً قبل حلول شهر حزيران القادم. كل المؤشرات تدل على أن الرفع سيكون كلياً وليس جزئياً. فالترشيد كان يصح قبل ستة أشهر عندما كان الإحتياطي في مصرف لبنان يبلغ 17.9 مليار دولار. وقتها كان يمكن الحديث عن ترشيد للدعم وتخفيضه من حدود 500 مليون دولار شهرياً إلى حوالى 266 مليوناً، أي بنسبة 50 في المئة. أمّا اليوم، ومع وصول إحتياطي العملات الأجنبية في مصرف لبنان إلى 16.88 مليار دولار، فان الترشيد لم يعد ينفع، خصوصاً إذا أخذنا في الإعتبار عدم الإتفاق على تخفيض نسبة الإحتياطي الإلزامي من 15 إلى 12 في المئة، وإصرار جمعية المصارف على أن “أموال الإحتياطي الإلزامي هي إيداعات ذات تخصيص محدد، لا يمكن تحويلها لأي سبب من الأسباب إلى دعم المنتجات المستوردة”.
حتى أن الجمعية ذهبت في كتاب موجه إلى مصرف لبنان أبعد منذ ذلك مطالبة إياه بإعادة الفائض الناتج عن انخفاض الودائع إلى المصارف المعنية، ما يعني أنه حتى مع وصول الودائع في المصارف إلى 100 مليار دولار، ترتب اخذ احتياطي بقمية 15 ملياراً، فان المركزي لن يستطيع التصرف بالمليار دولار المحرر لاغراض الدعم، بل سيكون مجبراً على إعادته للمصارف.
أمام هذا الواقع يعتبر نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن انعكاسات رفع الدعم واستبداله بالبطاقات التمويلية قد لا تكون بالتضخيم الذي يجري الحديث عنه. بحصلي ينطلق من قطاعه الذي قد لا يتأثر كثيراً بسبب دعم كميات قليلة جداً على سعر 3900. وحتى هذه السلع لا تكون في أحيان كثيرة متوفرة بسبب تأخر فتح الإعتمادات واعتكاف قسم كبير عن الاستيراد للتعقيد الذي يحيط بالعملية.
إلا أن منطق الأمور يفترض في حال رفع الدعم كلياً إنخفاض فاتورة الإستيراد بما لا يقل عن 50 إلى 70 في المئة. حيث بينت الأرقام أن 40 في المئة من السلع المدعومة تهرّب إلى خارج لبنان، وأنّ قسماً غير قليل منها يخزن عند الأفراد والمؤسسات، ويستهلك بشكل غير معقلن. ومع هذا الإفتراض يُعتقد أن سعر الدولار لن يرتفع إلى معدلات خيالية. أكثر من ذلك فان رفع الدعم قد يصحح العجز التاريخي في الميزان التجاري ويخلق نوعاً من التوازن على الصعيد الداخلي.
لغاية اليوم كل الفرضيات لا تزال قائمة، وإلى أن تحسم الحكومة والوزارات المعنية أمرها بما خص الدعم، فان الإستنزاف سيبقى مستمراً من دون أن يصل الدعم إلى مستحقيه الفعليين.