المسألة الأولى: كيف تفرض المصارف على المدينين بالدولار أن يدفعوا لها بالدولار، فيما هي لا تدفع أموال المودعين الا بالليرة اللبنانية؟
في فترة ما أعطى «جهابذة» المستشارون القانونيون لدى المصارف اجتهادا بأن قانون النقد والتسليف ينص على ان الليرة اللبنانية «وسيلة ابراء» قانوني، يخول المصارف بها حتى دفع الالتزامات المعقودة بالعملة الأجنبية، بل ان «قوننة» الكابيتول كونترول ستكرس هذا «الاجتهاد» للمصارف باعطائها حق دفع ودائع الدولار بالليرة، ولكن دون أن يتوسع «الاجتهاد» بحيث يعطي للمقترضين بالدولار ايضا حق دفع ما عليهم من قروض، بالليرة اللبنانية !!
والمسألة الثانية: كيف تطلب المصارف من الدولة أن تضع ممتلكات الشعب من أراض أميرية ومشاع ورخص وامتيازات ومرافق عامة ومؤسسات في صندوق تسدد الدولة من عائداته ما يستحق عليها للمصارف من ديون؟ ودون أن تضع المصارف بديلا، أو بالمقابل، في «صندوق خاص» لصالح المودعين كل الأراضي والمباني والأسهم والامتيازات المرهونة لديها من قبل المدينين (والتي تقدر بحوالي ٤٥ مليار دولار) تسدد المصارف ما يتحصل منه بالدولار ما يتوجب عليها من ودائع الدولار. أي دولار مدين مقابل دولار دائن. وصندوق مصرفي مقابل صندوق سيادي، وديون المصارف على الدولة مقابل أموال المودعين لدى المصارف، فتستعيد المصارف بعض الثقة التي فقدتها لدى المودعين وغير المودعين من مقيمين ومغتربين.
والمسألة الثالثة: تحاج الى تنفيذ وهي انه يمكن عندها أن تعيد المصارف من عائدات الصندوق السيادي وتحصيلات الصندوق المصرفي ٥٠% من أموال المودعين بالدولار، و٥٠% بالليرة اللبنانية بالسعر المعتمد لديها اليوم ٣٩٠٠ ليرة مقابل كل دولار واحد. وتكون المصارف قد وفرت للمودعين من الدولارات ما يكفي لاحتياجاتهم بالدولار وما يمكن انفاقه بالليرة، وعلى طريقة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم». وبالمقابل تستخدم المصارف الـ٥٠% الباقية بالدولار من عائدات الصندوق السيادي وتحصيلات الصندوق المصرفي ما يمكن أن تقرضه مجددا بالدولار، وهكذا «تحيا المصارف ولا تموت الودائع» وتحافظ المصارف على حقوق المودعين وعلى قطاعها ورساميلها التي هددتها بارتجالية وعبثية وعشوائية ورقة حكومية خالية من أي علم مصرفي وأي خبرة حسابية لا تؤدي لو نفذت سوى لتدمير قطاع بناه لبنان وشعب لبنان بـ»ماء العين»على مر الزمان.
ملاحظة: في موضوع حق الدفع بالليرة اللبنانية أي ديون أو ائتمانات أو ودائع أو أي التزامات بالدولار أو بأي عملة أجنبية، هناك اختلاف أو تناقض بين قانون النقد والتسليف الذي ينص في مادته ٧ على أن الليرة اللبنانية «قوة ابرائية غير محدودة في كافة أراضي الجمهورية اللبنانية» وبين قانون الموجبات والعقود الذي ينص في المادتين ٢٩٩ و٣٠١ على أن أي تعاقد بالعملة الأجنبية، يجب أن يتم بالعملة نفسها التي نص عليها التعاقد. مع الملاحظة بوجود تناقض في المادة ٣٠١ نفسها حيث تنص الفقرة الأولى منها على وجوب الدفع بالليرة في الحالة التي يكون فيها هذا الدين مبلغا من النقود. حتى ولو كان الدين محررا بالعملة الأجنبية في الأصل.
وفيما قد تلجأ المصارف ربما الى هذه الفقرة والى قانون النقد والتسليف لجهة «القوة الابرائية» لليرة اللبنانية (وهي القوة التي قد تعتمد لـ»قوننة» الكابيتال كونترول لجهة اعادة ودائع الدولار بالليرة!!) فان المودعين يتمسكون بالمقابل بالنص الذي يلي الفقرة الأولى من المادة ٣٠١ من قانون الموجبات والعقود بدفع الالتزام أوالوديعة بعملة أجنبية، بالعملة الاجنبية نفسها.
مع الاشارة الى أن المحاكم اللبنانية أصدرت أخيرا أحكاما اعتمدت بها على هذا الجزء من قانون الموجبات والعقود بدفع الالتزام بالعملة نفسها التي تم فيها التعاقد.
علما ان قانون العقوبات ينص على معاقبة من يرفض الليرة اللبنانية كوسيلة دفع نقدية، وهذا كله يبقى موضوع اجتهادات واحتمالات آن أوان الحسم فيها بتشريعات جديدة لا سيما بعد التعقيدات التي أفرزتها الأزمة المصرفية الراهنة.
الرئيسية اقتصاد لبنان الإعلام الإقتصادي رهنيات المصارف في صندوق للمودعين مقابل رهن «الصندوق السيادي» للمصارف