بعد تعليق العمل في منصة صيرفة ووقف مصرف لبنان عملية استنزاف الدولارات لتمويل الدولة بما فيها رواتب موظفي القطاع العام، تواجه الأخيرة أزمة صرف ليس بالدولار فحسب بل بالليرة أيضاً. فالمسألة لا تقتصر على توفر الإعتمادات المخصصة للرواتب والأجور بالليرة بل بكيفية وآلية صرفها للموظفين.
أزمة دولار او ليرة
تواجه مسألة صرف رواتب القطاع العام أزمة بدءاً من نهاية شهر آب الحالي، ذلك بعد إصرار نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري على وقف عمل منصة صيرفة بشكلها السائد منعاً لاستنزاف دولارات مصرف لبنان. وعليه يواجه موظفو القطاع العام أزمة رواتب إذ درجت العادة أن يتقاضوا رواتبهم بالدولار عبر منصة صيرفة وهو أمر لم يعد مطروحاً أقله خلال الشهر الجاري.
تتركز الأزمة في عدم إمكانية صرف رواتب الموظفين بالدولار الأميركي، لكن هذا الأمر قد لا يستنفر بحد ذاته الموظفين باعتبار الفارق بين سعر دولار منصة صيرفة المفترض (85500 ليرة) وسعر الدولار في السوق السوداء (89000 ليرة) لم يعد كبيراً وبالتالي لن يحقق الموظف أكثر من 20 الى 30 دولاراً بالحد الأقصى فيما لو تم تقاضيه راتبه بالدولار على منصة صيرفة.
أما الأمر الذي يستنفر الموظفين فعلياً فهو تدني قيمة رواتبهم وخوفهم المستمر من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء. فالرواتب ورغم تقاضيها في وقت سابق بالدولار عبر منصة صيرفة إلا أنها لم تتجاوز 200 دولار بأحسن الأحوال في حين يتقاضى السواد الاعظم من الموظفين رواتب لا تزيد عن 140 دولار شهرياً.
وبحسب المعلومات فإن أكثر من خيار مطروح لدفع رواتب القطاع العام نهاية شهر آب الحالي، إن بالدولار او الليرة لكن جميعها يتراوح بين السيء والأسوأ. ومن بين الخيارات تحويل وزارة المال اعتمادات الرواتب بالليرة وفق ما يقتضي القانون بحسب الجداول الرسمية من دون اي إضافات ويقوم مصرف لبنان بتحويل كوتا دولارية مقابل الرواتب للمصارف على أن يتم اعتبار المبلغ المحوّل قرضاً على الدولة اللبنانية.
في المقابل يستبعد مصدر من مصرف لبنان هذا الخيار ويقول أن الإحتمال الوحيد الذي قد يجيز صرف رواتب القطاع العام بالدولار هو قوننة إقراض مصرف لبنان للدولة اللبنانية وتشريع السحب من الإحتياطات وفي هذه الحالة تكون السلطة أحكمت الخناق على نفسها في حلقة مفرغة قد تنتهي بتذويب ما تبقى من احتياطات بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان.
ويعوّل المصدر على انتهاء العمل بالمنصة الجديدة التي يتم التحضير لها من قبل النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين، والتي من المرتقب إطلاقها في الاسابيع القليلة المقبلة، لافتاً إلى أنها ستشكل معبراً لرواتب القطاع العام وتمويل استيراد بعض الادوية الى جانب مهمتها الاساسية وهي توحيد اسعار الصرف.
ازمة صرف بالليرة
الخيار الآخر الذي يتم البحث به لحل أزمة رواتب القطاع العام يتمثل بتحويل وزارة المال الرواتب وفق جداولها، على أن يقوم مصرف لبنان بصرف زيادات بنسبة معينة قد لا تتجاوز 20 في المئة من قيمة كل راتب ولكن بالليرة اللبنانية، وذلك تعويضاً عن المكاسب التي خسرها الموظفون من توقف منصة صيرفة وعدم تقاضيهم رواتبهم بالدولار أي انها تمثل الفارق المفترض تحقيقه بين الدولار والليرة. ويؤكد المصدر أن اي زيادات على الرواتب لا تتعلق بوزارة المال إنما يتم الاتفاق عليها بين مصرف لبنان والمصارف فقط.
وأمام هذا الخيار ايضاً عقبات أبرزها أن الرواتب بشكلها الحالي، قبل اي زيادات مفترضة، يَصعب صرفها عبر المصارف إذ أن الصرافات الآلية قد لا تتمكن من توفير كل الليرات يومياً خصوصاً ان حجم الرواتب سيكون هائلاً وقد يضطر الموظفون لإحضار حقائب وأكياس والوقوف في صفوف الطوابير لتقاضي رواتبهم من الصرافات الآلية.
يُضاف إلى تلك العقبات مشكلة ضخ كتلة نقدية كبيرة بالليرة اللبنانية في السوق إذ من شأن ذلك أن يرفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى مستويات مرتفعة جداً قد تطيح بأي زيادات قد ينالها الموظفون على رواتبهم.
بالمحصلة تدرس وزارة المال ومصرف لبنان مخرجاً لمسألة صرف رواتب القطاع العام ويقول مصدر من المالية أن الحلول تتجاوز مسألة الوقت إذ أن مطلق حل لا يستلزم تطبيقه اكثر من 24 ساعة لكن يبقى الأهم التوصل إلى حل، بعيداً عن استخدام الملف كمادة للضغط السياسي.