يؤكد إعلان الشهر الماضي أن السعودية بصدد زيادة حصتها في شركة صناعة السيارات الكهربائية “لوسيد موتورز” أن الرياض باتت تسابق الزمن لتسريع خطط صناعة سيارات صديقة للبيئة لتوفير فرص عمل وتعزيز إيرادات الدولة، غير أنه يطرح تحديات المنافسة مع لاعب مهم في المجال في الشرق الأوسط وأفريقيا وهو المغرب الذي استطاع استقطاب أكبر شركات صناعة السيارات في العالم.
ونقلت مجلة فورس عن دومينيك دادلي قوله”يلتزم صندوق الاستثمارات العامة بدفع مبلغ 2.5 مليار دولار أميركي لشركة لوسيد”. وفي عام 2018، قدم صندوق الاستثمارات العامة مليار دولار إلى الشركة التي يقع مقرها في ولاية أريزونا على أمل أن تبدأ تصنيع السيارات الكهربائية في المملكة بحلول عام 2020. وبسبب جائحة كورونا ، رغم التوقعات المتضخمة وغير الواقعية، لم يحدث شيء من هذا القبيل.
ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، تم استخدام جزء من استثمار صندوق الاستثمارات العامة الأصلي بواسطة شركة لوسيد لبناء مصنع كازا غراندي. وكان التزام صندوق الاستثمارات العامة مقيدًا بوعد قطعته الشركة ببناء مصنع سعودي ولكن من الواضح أنه لم يتم تحديد أي إطار زمني.
ويقارن رولينسون استراتيجية لوسيد بلعبة الشطرنج التي تحتوي على الكثير من القطع المتحركة بحيث يمنحه تمويل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الوقت والمال لتنفيذ استراتيجيته، لكن لم يتضح بعد كيف سيخلق الاستثمار الضخم للمملكة في الشركة، في أي وقت قريب، ما تحتاجه رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030 بشكل عاجل، وهو توفير وظائف للشباب السعودي.
وحتى في حالة ظهور صناعة السيارات الكهربائية إلى النور في السعودية، فهناك بالفعل لاعب مهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يستحوذ على صناعة سيارات راسخة وناجحة، ويتمتع بموقع جغرافي مثالي كبوابة لكل من السوق الأوروبية الناضجة والسوق الأفريقي المزدهر، وهو المغرب.
وتم تعزيز صناعة السيارات المغربية من خلال الاستراتيجيات الحكومية التي تشمل الدعم المؤسسي من وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي والوكالة المغربية للاستثمار وتنمية الصادرات. ومن خلال العمل مع الجمعية المغربية لصناعة السيارات والتجارة، استطاعت الحكومة تحقيق أهداف رئيسية، من بينها قيادة التدريب والتطوير المهني وضمان تعزيز الصادرات ونقل التكنولوجيا وتشجيع الاستثمار في قطاع السيارات، وكلها مصممة من أجل منح المغرب ميزة تنافسية.
وبينما يقود المغرب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إنتاج السيارات، فإن مصر، التي كان لديها قطاع تصنيع سيارات (لم يكن ناجحًا للغاية) منذ عقود، أشارت الآن إلى نيتها في الانتقال إلى سوق السيارات الكهربائية. وكانت شركة النصر قد أعلنت في يناير عن عقدها صفقة مع شركة “دونغ فينغ” الصينية لإنتاج 25 ألف سيارة سنويًا. تشمل الصفقة تجديد مصنع النصر بحلوان، حيث سينتج 50 في المئة من مكونات السيارة.
وبالعودة إلى أميركا، يتحرك بيتر رولينسون من شركة لوسيد بحذر في هذه الصناعة بالرغم من سخاء السعودية معه. يظهر التساؤل لماذا، بعد تعهده بدفع مليار دولار أميركي في عام 2018، عاد ولي العهد السعودي بالمزيد من الأموال من صندوق الاستثمارات العامة؟ الإجابة هنا هي أنه نظرًا لأن رولينسون يبني بشكل منهجي القدرات في مصنعه في أريزونا على مدار العقد المقبل، ومع وجود منافسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن ولي العهد السعودي لا يزال يحمل وعدًا غامضًا بإنشاء مصنع للسيارات الكهربائية في وقت ما في المملكة.