هناك أزمة حقيقية تتفاعل ولكنها لا تحظى بالاهتمام المطلوب، وهناك سكوت عنها، وهي الأزمة التي يواجهها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعويضات الموظفين والعمال الذين عملوا طوال عقود، معوّلين على تعويض قد يمنحهم العيش الكريم عند سن التقاعد والراحة.
واليوم بات الصندوق يفرض على صاحب العمل دفع فروقات كنوع من التسوية للتعويض عن فقدان التعويضات قيمتها ، والا يخضعونه للتفتيش والمضايقة ولا يتمكن من الحصول على براءة ذمة.
ترفض السلطة تحمل مسؤولياتها اليوم ، وتزيد الطين بلة عبر تحميل المؤسسات الانتاجية في لبنان تبعات ما تم ارتكابه من فظائع من قبل المسؤولين والمصارف والمصرف المركزي.
ولا تبالي بتبعات ذلك على المؤسسات التي تستمر في هذا البلد بطلوع الروح وبالرغم من كل الازمات والبيئة غير الصديقة للاعمال،
الدولة لا تدفع مستحقاتها للصندوق منذ العام 2002 وبحسب محمد كركي مدير الصندوق فأن الديون المستحقة للصندوق على الدولة ارتفعت من 850 مليار ليرة في 2006 إلى 5 تريليونات ليرة بنهاية 2021 ، والوقاحة ان الدولة بالتعاون مع المصارف والمصرف المركزي حرمت صاحب العمل في لبنان من ودائعه، وتأتي اليوم لتحمله تبعات سرقاتهم وفسادهم. وتحاول خلق شرخ بينه وبين عماله ، هذه المحاولات يجب ان يرفضها العمال ويعرفوا اين مكمن الخلل ، وانه اذا زادت الصعوبات على اصحاب العمل سرعان ما لن يتمكنوا من الاستمرار وحينها يفلس صاحب العمل ويخسر العمال وظائفهم.
وكأن الدولة تتقصد تهجير كل القطاعات الانتاجية في البلد . وتهجير القطاعات المنتجة ، تعني فقدان فرص العمل المنتجة والوظائف . وبذلك لا يكونوا فقط سرقوا التعويضات بل افقدوا العمال وظائفهم . هذا تفكير انتحاري يريد القضاء على ما تبقى من اقتصاد في البلد !!!
في الماضي ، كان لدينا تحفظات على طريقة اداء الصندوق ولكن تحفظاتنا لا قيمة لها في ظل الفساد والهدر وغياب الشفافية.
ارحموا القطاعات الانتاجية في البلد التي تتخبط في تحمل اعلى تكاليف انتاج ، ان سياساتكم تقوم بتدمير اية فرصة للنمو.
فيما تستمرون بالتغطية على المصارف واصحابها ، وتستمر عملية قرصنة الودائع من دون اية نية للوصول الى الحقيقة الكاملة في عملية سرقة العصر التي حدثت . والاستمرار بعدم مطالبة المصارف المرتكبة بفتح اوراقها كاملة.
الحل يكون باعادة الثقة الى البلد عبر ارجاع الودائع كاملة الى اصحابها ، وتغيير القوانين المؤذية للاستثمار وخطوات اخرى يطول شرحها ، لا يمكن تحقيق النمو عبر فرض المزيد من الاعباء والضرائب على الناس ، اذا تم ارجاع الثقة لبنان قادر على تحقيق النمو فهو يملك قدرات كبيرة.
أخيراً، نفهم مع الاسف تجاهل المسؤولين للشفافية، ويمكن تبرير موقفهم حيث انّ الشفافية لا تناسبهم، فهي تفضح كل الممارسات وتضرّ بسلطتهم وتحكّمهم، ويصبح من الصعب تحقيق المكاسب اذا وُضعت كل المعلومات بتصرف الشعب.
فلا نفهم تجاهل الشعب والعمال للشفافية، هؤلاء الذين نُهبت اموالهم وجنى عمرهم وتعويضاتهم وهم أكثرية، لماذا لا يطالبون بها ويعتبرونها المطلب الأساسي. مأساة كبيرة إن استمروا في تجاهلها، فهذا يعني تكرار المآسي التي تعرّضوا لها.