مع إرتفاع سعر الصرف إلى 13650 ليرة مقابل الدولار مساء أمس، تكون العملة الوطنية قد خسرت 91 في المئة من قيمتها، ويكون “الهيركات” على ودائع الدولار قد ارتفع إلى حوالى 75 في المئة. إنها “مجزرة” خاسر- خاسر، التي صاغتها السلطة السياسية “عرفياً”، وتطبقها “همجياً” على المواطنين والمودعين بالتكافل والتضامن مع النظام المصرفي القائم.
ومع هذا، فان ترقيم نسب الخسارة، وقياس مؤشرات انهيار القيمة الشرائية، لم يعد لهما معنى مع فقدان العملة أحد أهم أدوارها كـوحدة تبادل تجاري. “فالتغيرات السريعة بسعر الصرف التي أصبحت تقاس بالدقائق والساعات وليس بالأيام، تدفع باتجاه الإحجام عن التعامل بالليرة بين الأفراد والمؤسسات”، يقول المستشار المالي مايك عازار، و”لا يعود هناك من خيار أمام التجار إلا الإقفال، أو عدم قبول الليرة وحصر التعامل بالدولار النقدي”.
الأمر الذي يزيد الطلب بشكل هائل على العملة الخضراء، ويدفع كل من يحمل ليرة إلى محاولة تحويلها إلى دولار، وهذا ما تؤكده مصادر الصرّافين، بينما لا تزال السلطة تعالج الأزمة بتقاذف المسؤوليات ورميها جزافاً على كل من تسول له نفسه أن يبادل الدولار في السوق الموازية، فتارة تتهم المنصات بتهديد الأمن القومي، وتارة تلاحق الصرافين بتهمة التلاعب بسعر الصرف وفي كلتا الحالتين ذر للرماد في العيون.
فان كانت السلطة حريصة فعلاً على “إقتفاء أثر” سعر الصرف العادل والمنطقي “فلتفتح السوق”، يقول عازار، و”لتسمح للبنوك والتجار والصرافين والافراد بالتداول شرعاً بين الليرة والدولار، ولترفع القيود عن السحوبات بالليرة من المصارف، وسنرى عندها ما هو السعر الحقيقي لليرة. فمع “الكابيتال كونترول” المفروض قسراً على السحوبات، وممارسة شتى أنواع العراقيل على التجار للحد من قدرتهم على الحصول على الدولار، ما زال سعر الصرف يرتفع، ولولا كل هذه القيود لكان سعر الصرف ارتفع أكثر، وإن لم يرتفع فسيعجز التجار عن تأمين الدولار وستفقد السلع والبضائع من الأسواق وتقفل المؤسسات. عندها تكون النتيجة عكسية على الإقتصاد”.
الحل الوحيد للسيطرة على جنون سعر الصرف بحسب عازار هو “بالعودة إلى الأساسيات المتمثلة بالإصلاحات واعادة هيكلة ورسملة المصارف ومصرف لبنان، والدخول في برنامج مع صندوق النقد الدولي. وإلا فان المسار الإنحداري لليرة مستمر بالهبوط من دون مظلات، ولا إجراء من خارج الحل الشامل من الممكن أن يفرمل هذا الانهيار القاسي والقياسي في سعر الصرف”.