فقدت المصارف ثقة اللبنانيين والمستثمرين الأجانب، إثر امتناعها عن إعادة الودائع إلى أصحابها، وانكشاف تحويلها ودائع كبار السياسيين والمصرفيين، إلى الخارج. وباتت بأمسّ الحاجة لجرعة انقاذ توقِف تدهور أحوالها قبل استعادة عافيتها على المدى البعيد.
ويتولّى سلامة قيادة الدفّة وإعداد خريطة طريق لتحسين صورة المصارف. وما المنصة الالكترونية الجديدة سوى اصطناع دور للمصارف في إدارة حركة الدولارات في السوق، فيما يلعب قرار الإفراج عن 50 ألف دولار كحد أقصى لكل مودع، الدور الأبرز في تلميع الصورة. إذ أن الإفراج يعني بدء المصارف باستعادة عافيتها، واستعدادها لاستقبال ودائع المستثمرين وإدارة حركتها بأمان وبلا خوف. والدليل، حسب ادعاء الخطة، البدء بالتسييل التدريجي للودائع، وفق جدول زمني محدد.
في الواقع، يحتوي المخطط على خداع ضمني للداخل والخارج. على أن ما يهم المصارف هو الرأي العالمي الذي بدأ بإخراج المصارف من دائرة اهتماماته. والخداع يستند على عدم قدرة المصارف على دفع الحزمات الدولارية، وعلى عدم رغبتها في التفريط بالدولارات وسط دوامة سياسية واقتصادية ونقدية مجهولة حتى اللحظة.
تفنيد آلية الافراج عن الودائع تُثير الشبهات. فموضوع البحث هو الإفراج عن الـ50 ألف دولار كحد أقصى، أي أن هناك هامشاً كبيراً يمكن للمصارف اعتماده لكسب الوقت والحفاظ على أكبر قدر من الدولارات لديها. فالـ25 ألف دولار المسموح سحبها بالدولار الورقي، مقسّطة على 5 سنوات بسقوف سحب شهرية غير محددة. وكل مصرف يقرر السقف الذي يناسبه لكل مودع. وبما أن السقف غير محدد، والرقابة في الأصل غائبة، والدعم مطلق من مصرف لبنان، الذي سمح بإذلال المودعين وتضييع حقوقهم، فلا رادع أمام المصارف يمنعها من استغلال هذا المخطط لتسييل ودائع بعض كبار المودعين، وبدولارات أكبر مما هو معلن. على أن يساهم هؤلاء المودعون بتلميع صورة المصارف خارجاً.
اليوم يحتاج سلامة لقانون يحميه هو والمصارف قبل المودع. فالقانون شهادة أخرى للمجتمع الدولي تفيد بحسن سلوك المركزي والمصارف، فكل الأعمال مقيّدة بقانون. لكن ما لا يكترث له سلامة والمصارف، هو أن التصرف بالودائع بأي شكل من الأشكال التي لا تتطابق مع إعادتها بعملتها الأساسية، من دون موافقة صاحبها برضاه ومن دون إكراه، هو إساءة أمانة يعاقب عليها القانون.