أكّد حاكمُ مصرف لبنان رياض سلامة أنّ المصرف فتح تحقيقًا لتحديد ما إذا كانت هناك جهات داخلية مستفيدة من مسألة تخلف لبنان عن سداد ديونه، وما إذا كان بعضُ الأفراد جمعوا ثروةً من خلال هذه العمليّة التي تمّ إبلاغهم بها مسبقاً، وكان سلامة عارضَها بشدة نسبةً لتداعياتها البالغة على الدولة وذلك أنّ “التخلف عن سداد الديون قطع لبنان عن مصادر تمويله” ، بحسب سلامة.
ويُفكّك الحاكم حملةَ الشيطنة التي شُنت ضدّه بهدفٍ مُزدوج: تحميل السياسات التي اتبعها المسؤولية الكاملة عن الانهيار الذي تعيشه البلاد، وتأليب المودعين الذين تستعد الدولة لمعاقبتهم ضده.
“لا أعرف ما إذا كانت محاولة تحويل الخسائر إلى مصرف لبنان هي عن جهل أو عن قصد”، يقول سلامة الذي يشرح بالتفصيل نتائج التدقيق في حسابات مصرف لبنان بين عامَي 2010 و2021 ويفنّد من خلالها كيف استنزفت الدولة خلال هذه الفترة 62 مليار دولار فريش من مصرف لبنان.
سلامة الذي عارض بشدّة العديد من النّفقات التي تكبدتها السلطة التنفيذيّة، بما في ذلك سلسلة الرتب والرواتب التي لحظت في العام 2018 زيادة رواتب موظفي القطاع العام، يُصرّ على أن الخسائرَ هي حصراً نتيجة النفقات التي فرضتها الحكومة على أساس اصدار قوانين. وهذه ليست خسائر مصرف لبنان، بل خسائر لمصرف لبنان”.
ويُعطي في السياق مثالاً على المبالغ المقترضة من المصرف المركزي بفائدة 1%، أيضاً على أساس تشريعات حتى لا تضطر السلطات إلى دفع فائدة على الدين الذي يحمله مصرف لبنان على الدولة.
ويضيف “يحاولون تحويل الخسائر إلى المصرف المركزي، لكن هناك أيضًا تحوير الانتباه لتأليب المودعين ضد مصرف لبنان الذي كان يطبق القوانين”، ويردّ على من يتهمونه بتمويل الدولة بالقول: “لم نكن وحدنا من مولها. فقد استمرت منظمات عربية ودولية في ذلك. إذا كان علينا التوقف، فسيتعيّن على الجميع ذلك.”
ويتابع: “بين العامَين 2017 و2022 ، قام مصرف لبنان بسداد دولارات فريش للمصارف. لقد سددنا 24 مليار دولار إضافية كتكاليف. فلا يقولنَّ أحد أنَّ مصرف لبنان هو الذي بدد أموال المودعين”.
ويرى سلامة ان لبنان يحتاج قبل كل شيء الى “الاستقرار السياسي الضروري لإنعاش الاقتصاد، لأن هذا الانتعاش سيعيد الأموال إلى المصارف وبالتالي إلى المودعين”.
وفي ما يتعلق بأموال المودعين، يشير إلى أنها تعتمد على الخطة التي ستتبناها الحكومة.
ويقول: “الخطة الحاليّة تتضمن خطوطاً عريضة، لكن بلا تفاصيل.
تاريخيًا، لم تكن هناك برامج تعافي في العالم تعاقب المودعين في بلد ما”.
ويعرب عن أمله في أن تأخذ السلطات اللبنانية هذه النقطة في الاعتبار خلال مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. ” لبنان له مصلحة بأن يكون لديه برنامج مع صندوق النقد الدولي. ولذلك ، فإنّ المودعين يقعون، إلى حد ما، تحت رحمة المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي”، يقول سلامة ، الذي يجدد معارضته لبيع الذهب ويشرح الآلية التي اعتمدها مصرف لبنان لتثبيت سعر الصرف.
ويؤكد في هذا الصدد أن احتياطيّ البنك المركزي يبلغ 11.8 مليار دولار: “ما زال احتياطنا البالغ 12 ملياراً عند هذا المستوى، 11.8 ملياراً تحديداً. ويعود سبب التدهور البالغ 200 مليون دولار إلى أّن ضمن احتياطنا مبالغ باليورو وقيمة اليورو إزاء الدولار انخفضت”.