نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( OECD ) ورشة عمل حول مكافحة الفساد ونزاهة الأعمال” . حضر الجلسة الافتتاحية وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد . والنواب ياسين جابر ، جورج عقيص ، نديم الجميل ، الياس حنكش . الوزير السابق زياد بارود والنائب السابق غسان مخيبر السفير الالماني في لبنان جورج برغلين السفير الاسباني خوسيه ماريا فيّري. وممثل عن السفير المغربي ، مدير فرع الشرق الاوسط وافريقيا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كارلوس كوندي ومدير المجلس الاقتصادي والاجتماعي د. محمد سيف الدين . وحشد من المهتمين بملفات الفساد واعضاء المجلس .
جريصاتي
استهل جريصاتي كلمته بشكر المجلس الاقتصادي والاجتماعي لاهتمامه بالملفات الحيوية . واصفا السفير الالماني بالصديق للبنان . وتوجه الى منظمة التعاون وهي شريكة لوزارة العدل والشؤون الرئاسية وهي التي التزمت بالتزاماتها وانوه بالسيد كوندي نيابة عن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يشدد على مكافحة الفساد ويترجم ذلك من خلال النصوص والافعال واتخاذ التدابير الضرورية على مختلف المستويات . اضاف : ان حكومتنا تنشط على مستوى تطهير الاعمال والشأن العام لتحقيق الهدف الوطني . واننا نعمل على تحقيق المعايير الدولية الخاصة بالنزاهة والشفافية التي يحتاج لبنان اليها .
تابع : آمل من المشاركين في الندوة ملاحظة ما حققه لبنان من انجازات في مجال مكافحة الفساد اكان على المستوى التشريعي ام القضائي . ونشدد في هذا السياق على حق الوصول الى المعلومات والشفافية لاسيما في قطاع النفط والغاز الواعد وجماية الذين يكشفون عن الفساد والفاسدين والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وهي في طور الانجاز والاعتماد .
عربيد
وقال عربيد : في بلدنا ليس خافياً على أحدٍ أن شبكات الفساد موجودة ونشطة،وهذه الشبكات المنتشرة وصلت إلى درجة من المكر لتتحدث بنفسها عن مكافحة الفساد وتموه لهم الحقيقية، وتحصر الفساد في مجموعة من الموظفين الذين يفتحون أيديهم تحت طاولاتهم، لصاحب معاملة أو مصلحة.
الفساد بصورته المدمرة أوسع بكثير، ولا يتوقف عند حد ، بل يتجاوز هذا المظهر الصغير منه، ليمتد إلى هرميات السلطة والمنتفعين منها.
الفساد الإداري مرفوض، وهو مؤذٍ ومهين للدولة والمواطن، لكنه أبسط أنواع الفساد الذي ساد، بينما النوع الأكثر فتكاً هو الفساد السياسي المدمر للدول، والذي يطال بنية الدولة ويحرّف آليات عملها.
الحقيقة أن الفساد أصبح له في بلادنا أنظمة وآليات وطرق عسكرية للمناقصات. ثنائياتٌ سياسية-اقتصادية، إن قلتَ زيدٌ في السياسة، يتبعه حكماً عمرٌ في الصفقات. حتى تنتقل الثروات من جيوب الناس إلى جيوب كتلة الأنانيين الصغيرة.
وبذلك، ما من شكٍ بأن كلفة الفساد على اقتصادنا هائلة. فهي تمنع تكافؤ الفرص، وتبعد المستثمر المخلص، وتقرّب المرتكب من مركز القرار، فتقتل الأمل في الجيل الطالع ليكون حامل لواء التغيير، فتدفعه إلى الطائرة التي يراها تقلع الى وجهة أحلامة.
إن القوانين والإجراءات الحالية تصب تركيزها على معالجة مشكلة الفساد في الإدارة العامة، وهذا ضروري، لكنه ليس كافياً، بل إنه من الضروري اصابة منظومة المناقصات المركّبة، وتحالفات المصلحة بين رأس المال ورأس السياسة.
الفساد ليس قدراً عندنا. هو متفشٍ لكن محاربته ممكنة. والجميع يعترفون به. فعندما يقع فاسدٌ، يخرج شركاؤه علينا ليقولوا: سنرفع الغطاء عن المرتكب.
هذا يعني ببساطة أن الغطاء كان موجوداً. لماذا يكون في بلادنا غطاء غير غطاء القانون الذي يظلل كل الناس؟
لقد وصلنا الى مرحلة، تطبّع فيها الفساد وعمّ. وهو العائق الاول للتنمية المستدامة. ومسبب سوء توزيع الثروة، والتفاوت الطبقي بين الناس، وعنوان تدمير الامن الاجتماعي والامن الاقتصادي. بل عنوان تدمير الدول برمتها. وفي حالتنا، هى مشوه لصورة بلدنا التي لطالما كانت جميلة.
وفي الحلول، فإن مكافحة الفساد لها مساراتٍ متعددة. فهي على المدى البعيد مسألة ثقافة، وتربية على النزاهة، وزرع مفاهيم، وتأصيل انتماء، وتعريف بالحقوق والواجبات، وتعميق للعلاقة بين المواطن والدولة، وبين المواطن والقانون.
وفي أفق أقرب، هي نزع للسموم الطائفية من النصوص والممارسات، ورفع لأغطية الدين والسياسة عن الإدارة. وهي قبل ذلك كله، تصحيح للتمثيل الوطني في مؤسسات الدولة، من خلال سحب الطائفية منه، وهذا كله عمل قانون الانتخابات الذي قبل كل شيء، يحدث المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات،
وفي أفق حالي أكثر قرباً، فإن مكافحة الفساد هي نتيجة حتمية لتعزيز دور الاجهزة الرقابية، وتزخيم يد القضاء، ورفع الوصاية عن هيئاته، واطلاق يد العدالة وتعزيز سيادة القانون. وايصال المعلومة الى المواطن.
وهنا دور المواطن نفسه في مكافحة الفساد، حيث ان له الدور الابرز والاكثر تأثيراً، في أن يعرف اكثر، وان يمتنع عن المشاركة في دوامة الفساد، حتى وان كانت تسهل عليه حل مشكلة لحظية، فهي تعمق مشكلاته الابعد والاكثر استدامة. وهنا ايضاً، يبرز دور وسائل الاعلام في ان تسهم في استراتيجية مكافحة الفساد، فتكشف الحلقات الخفية من تحالفات المال والسياسة، وتوصل المعلومة الى المواطن، الذي يمكن له مع غيره أن يشكل جماعات مصالح مشتركة تكون قادرة على محاربة كتبة الانانية. كل ذلك ممكن، فليبدأ كل واحدٍ من نفسه.
كوندي
اما كوندي فاعتبر في كلمته ان مكافحة الفساد مسألة أساسية لأننا نعرف تمام المعرفة أن للفساد تأثيرًا عميقًا على الاقتصاد الكلي في العديد من البلدان وهو يمثل عقبة رئيسية أمام التنمية المستدامة والتنافسية. وهذا مثير بشكل خاص لأن لبنان بلد فيه واحدة من أكثر الاقتصاديات تنوعًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، وهي مفتوحة للاستثمار الأجنبي ، مع وجود قطاع خاص ديناميكي للغاية.
وبما أن قطاع الخدمات يمثل 76٪ من القيمة المضافة وقطاع الصناعات التحويلية يمثل نسبة عالية من الإنتاج الصناعي ، فإن للبنان بنية اقتصادية متطورة للغاية.
في سياق إقليمي معقد له تداعيات إنسانية واقتصادية وجيوسياسية شديدة ، يبدي لبنان مرونة استثنائية.
ومع ذلك ، لا يزال هناك عدد كبير من التحديات ومواطن الضعف التي يواجهها لبنان لتحقيق نموه الاقتصادي الكامل ، والذي يشمل استمرار الفساد والرشوة.
اضاف : في مؤتمر CEDRE الذي عقد قبل أكثر من عام ، وضعت الحكومة اللبنانية في قلب “رؤيتها لتحقيق الاستقرار والنمو والوظائف” ، ومكافحة الفساد ، إدراك أنه لا يمكن تحقيق خطة شاملة للإصلاحات وبرنامج الاستثمار في البنية التحتية في لبنان دون معالجة هذه الآفة.
السفير الالماني
بدوره شدد السفير الالماني في كلمته على ضرورة مكافحة الفساد شارحا مساوءه على الاوضاع الاقتصادية والمالية . ومحاربة الفساد ليست فقط طريقة حكم جيد بل انها شأن وطني بامتياز خصوصا ان الفساد قوة تدميرية تكسر الثقة بين الدولة والمواطن وهذه الثقة هي ما يحتاجه لبنان للتنمية المستدامة والنجاح .
اضاف : الفساد يضرب قطاعي التعليم والاستشفاء ويرهق الموازنة و وقسم الشعب الى فئتين واحدة تستفيد من الفساد واخرى تدفع الثمن ونحن كدولة المانيا نقف الى جانب لبنان لمكافحة الفساد .