سنة قبل أن نعرف شيئاً عن إحتياطات البلوك 9

يشهد قطاع التنقيب عن النفط والغاز في لبنان- حالياً- انفراجة بعد توقيع اتفاقية جديدة- يوم الأحد 26 يناير/كانون الثاني- للاستكشاف والإنتاج في الرقعتين 4 و9 بعد دخول قطر للطاقة في شراكة مع شركتي إيني الإيطالية وتوتال إنرجي الفرنسية.

وأوضح المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان مروان عبدالله، أن هذه الخطوة كانت متوقعة بعد انسحاب شركة نوفاتيك الروسية من الائتلاف، واستكمالاً لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والذي نصَّ على عدم السماح للشركات اللبنانية والإسرائيلية بالتنقيب في البلوكات الحدودية بين البلدين.

وأضاف عبدالله- في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أن شركتي إيني الإيطالية وتوتال إنرجي الفرنسية كانتا في حاجة إلى شريك ثالث جديد غير مُسجل في لبنان، ليأتي دخول قطر للطاقة بمثابة انفراجة للموضوع. وأكد المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان أن قطر أدّت دوراً مهماً في الوساطة خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل؛ ما جعل دخولها في الائتلاف بحصة الثلث مع شركتي إيني وتوتال بمثابة هدية من اللبنانيين.

واستدرك عبدالله حديثه مطالباً بضرورة التوضيح للمجتمع المدني كيف جرى الترتيب لدخول قطر للطاقة في الائتلاف، وما إذا كان قد تمّ عبر اتفاق سياسي أم من البوابة التجارية.

ولفت إلى أن هذه الخطوة ستعجّل بالتنقيب في البلوك رقم 9، متوقعاً أن ينعكس ذلك بصورة إيجابية على المدى المتوسط، نظراً لجذب الاستثمارات والشركات إلى لبنان.

وتوقّع عبدالله أن الحفر في البلوك رقم 9 لن يدرّ أموالًا كثيرة، ولكنه سيساعد في الحفاظ على الأمن والسلام بالحدود الجنوبية اللبنانية، مشيراً إلى أن هذا الوضع لن يسمح بحدوث أيّ تصعيد أمني أو حربي على الحدود؛ ما سيوفّر أجواء سلمية، و»هذه أهم المكاسب على المدى القصير» حسب تعبيره.

وأوضح أنه في حالة استكشاف حقل معين سيحدث تطوير، ومن ثم جذب استثمارات كبيرة إلى لبنان لبدء إنتاج الغاز على المستوى المطلوب.

إستئناف عمليات الإستكشاف

أشارت المستشارة في المخاطر السياسية والجيوسياسية المتعلقة بقطاع النفط والغاز ‏منى سكرية، إلى أن انضمام قطر للطاقة إلى الائتلاف المكون من شركتي توتال وإيني بعد انسحاب الشركة الروسية نوفاتيك من التحالف، سيسمح بمتابعة عمليات الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في لبنان.

وأوضحت سكرية- في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن القانون اللبناني يحتّم وجود ائتلاف مؤلف من 3 شركات على الأقلّ لمزاولة العمليات.

وقالت: «إن أولى هذه العمليات ستكون التحضير لعملية الحفر جنوب البلوك رقم 9 قبل نهاية العام الجاري، والتي أصبحت ممكنة بعد حل النزاع الحدودي مع إسرائيل بوساطة أميركية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022».

وأضافت قائلة: «يأمل اللبنانيون أن يعزز انضمام قطر للطاقة إلى الائتلاف الثقة للاستثمار في الاقتصاد اللبناني المنهك، وأن يسهم في تشجيع عودة الاستثمارات العربية والخليجية إلى لبنان، كما يبنون الآمال على نتيجة الحفر في البلوك 9، علماً بأن نسبة النجاح لا تتخطى 20%، وفي حال اكتشاف مكمن تجاري، فإن عملية التطوير قد تستغرق سنوات طويلة».

تشجيع شركات النفط العالمية

عبّرت سكرية عن أمل اللبنانيين في أن يشجع خبر دخول شركة قطر للطاقة إلى قطاع النفط والغاز في لبنان شركات النفط العالمية للمشاركة في دورة التراخيص الثانية التي تعرض 8 رقع بحرية للاستثمار، علماً أن الموعد النهائي لتقديم طلبات الاشتراك قد تأجّل إلى 30 يونيو/حزيران 2023.

وسلّطت الضوء على تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة توتال باتريك بويانيه حول بحث الشركتين- الفرنسية والقطرية- التعاون في مجال الطاقة المتجددة في لبنان، مشيرة إلى أن اللبنانيين الذين يعانون أزمة كهرباء حادة يعلّقون أمالاً عريضة على تطوير هذا القطاع.

من جانبه، يرى الباحث في مجال الطاقة بمعهد عصام فارس في الجامعة الأميركية ببيروت مارك أيوب، أن توقيع الاتفاقية الجديدة يُعدّ أحد نتائج ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الذي تمّ في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام المنصرم.

ونوّه أيوب- في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- بالدور القطري في الوساطة في مفاوضات ترسيم الحدود، موضحاً أنه قد بدأ قبل التوقيع من خلال زيارات إلى لبنان والولايات المتحدة للتباحث مع الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وكان من الطبيعي دخول قطر للطاقة إلى الائتلاف بعد انسحاب الشريك الروسي.

وأوضح أيوب أن البحث كان يجري عن شريك من المنطقة، وخاصة من دول الخليج؛ حتى تكون لديه القدرة على أداء دور محوري في هذا الائتلاف، لافتاً إلى أن اختيار قطر لم يكن ذا دلالات تجارية فقط، ولكن سياسية واقتصادية أيضاً، متوقعاً زيادة الدور القطري بقطاع النفط والغاز في لبنان في المستقبل كذلك.

نتائج إيجابية

أكد الباحث في مجال الطاقة بمعهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت أن هذه الخطوة ستنعكس بصورة إيجابية على لبنان. وتوقّع أيوب أن يكون لقطر للطاقة دور مستقبلي بقطاع النفط والغاز في لبنان، وأن يتقدم هذا التحالف في دورة التراخيص الثانية التي ستُعقد في شهر يونيو/حزيران 2023.

وأشار أيوب إلى أن التنقيب في البلوك 9 لن تكون له نتائج إيجابية على الاقتصاد اللبناني في المدى القصير، كما لا يمكن الجزم قبل نهاية عام 2023 أو بداية عام 2024 إذا ما تمخضت عمليات الاستكشاف عن كميات تجارية في البلوك 9 أم لا.

ولكنه أفاد أنه في حالة وجود كميات تجارية سيكون هناك تطوير، مشيراً إلى أن نتائج الحفر ستظهر على المدى المتوسط والطويل، وليس على المدى القصير.

إئتلاف قوي

قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان: «إن توقيع الاتفاقية الجديدة كان متوقعاً، ودخول قطر للطاقة شريكاً مع توتال وإيني كان من الأمور التي حُسمت خلال مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بعد تخلّي نوفاتيك عن حصتها في الائتلاف».

وأضافت- في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن العمل في البلوك 9 كان من ضمن اتفاق ترسيم الحدود؛ إذ كان من بين شروط لبنان أن تستأنف توتال أعمالها في هذا البلوك، وهذا ما يحدث حالياً، فهناك أعمال تحضيرية جارية فيه لبدء العمل مع نهاية عام 2023.

وأكدت هايتيان أن دخول قطر للطاقة في الشراكة مع توتال وإيني يُعدّ أمراً إيجابياً للغاية، مشيرة إلى أن الشركة القطرية واحدة من أهم الشركات التي تعمل في قطاع الغاز، ولديها خبرة كبيرة في هذا المجال. وتابعت أن إيني وتوتال وقطر للطاقة تمثّل تحالفاً قوياً لديه القدرات المالية والتقنية كافةً للقيام بالأعمال، و»هذا شيء جيد جداً».

إلّا أنها حذّرت من أن السلطة الحالية التي أفلست البلاد قد تستغل الانفراجة في قطاع النفط والغاز في لبنان لتحقيق مصالح شخصية وتعزيز وجودها دون القيام بالإصلاحات المطلوبة لتمكين اللبنانيين من الاستفادة من مواردهم في المستقبل.

تصدير الغاز اللبناني

أشارت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أنه على الرغم من أهمية الاتفاقية الجديدة لدعم قطاع النفط والغاز في لبنان، فإن هنالك مخاوف كبيرة من عدم استفادة اللبنانيين من هذا القطاع.

وطالبت بممارسة ضغط على الدولة للقيام بالإصلاحات المطلوبة، إلّا أنها رأت أنه ليس هناك من يستطيع القيام بهذا الدور في الوقت الراهن.

وقالت: «أعتقد أن علينا أن نواكب هذا التطور، وأن ننتظر ما سيحدث خلال جولة التراخيص الثانية، ولا أدري إذا ما كانت قطر للطاقة ستكون مهتمة بالاستحواذ على بلوكات أخرى في البحر اللبناني، بما أنها دخلت اليوم مع توتال وإيني في البلوك 9، ولكن هناك 8 بلوكات أخرى قد تكون قطر للطاقة مهتمة بالدخول في مزيد منها، وهذا ما ستكشف عنه المرحلة المقبلة».

وأوضحت هايتيان أنه لا بد من انتظار نتائج الحفر للنظر في الصورة النهائية لمعرفة ما إذا كانت هناك كميات تجارية ملائمة للتصدير للإسهام في استبدال الغاز الروسي.

ولفتت إلى أن استهلاك الداخل اللبناني محدود، وخاصة أن هناك محطتَي كهرباء فقط تستطيعان استيعاب الغاز، كما لا توجد بنية تحتية داخلية؛ فهذا يتطلب الكثير من الأموال.

وتابعت أنه لا بد أن تدرس هذه الشركات الجهات التي ستُصدّر لها كمية الغاز المُتبقية، كما لا بد من وجود بنية تحتية مناسبة للتصدير لتحقيق الأرباح المطلوبة، مشيرة إلى أن نتائج ونوعية الاكتشاف- إذا كانت كميات قليلة غير قابلة للاستخراج أو كميات تجارية- ستحدد طبيعة المُستهلِكين في الداخل والخارج.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةسلامة يُمعن في حماية المصارف المتعثّرة… مقابل هيركات 76% على حساب المودعين
المقالة القادمةسلامة يناقض نفسه ويقع في فخ اتهامه بعشوائية وخسائر تثبيت سعر الصرف