أتى قرار وزير المالية بتخفيض سعر الصرف الرسمي لليرة إلى 15 ألفاً مقابل الدولار الواحد، عشوائياً كـ”المنايا”، التي أماتت المواطنين والدائنين بالليرة، وأخطأت المصارف مطيلةً بعمرها لتهرم على عيبها. ففي الوقت الذي حُيّدت فيه البنوك عن إعداد موازناتها على أساس السعر الجديد، برز السؤال عن مصير الدائنين بالليرة اللبنانية، أي المكتتبين بسندات الخزينة، ومنهم بشكل أساسي الضمان الاجتماعي. فمن الناحية النظرية ستخسر هذه السندات من قيمتها، المقدرة بـ 6.5 آلاف مليار ليرة، بنفس نسبة تخفيض سعر الليرة، أي 10 أضعاف. وسيصبح هذا المبلغ الذي أجبر الضمان على توظيفه بالسندات قبل سنوات طويلة، لا يساوي قيمة الحبر الذي كتبت فيه.
إذا أضفنا خسارة السندات المقومة بالليرة لقيمتها، على تخلف الدولة عن سداد ديونها إلى الضمان التي تفوق الـ 5 آلاف مليار ليرة تصبح المشكلة كبيرة. وهي تهدد قدرة الصندوق على زيادة تقديماته ومواكبة الارتفاع الكبير في أسعار الادوية وفواتير المستشفيات. وبحسب مصدر عمالي فان “هذه الاموال خسرت فعلياً 95 في المئة من قيمتها، ولا مَن يسأل أو يتابع أو يدافع عن أبسط حق من حقوق اللبنانيين. فالضمان الاجتماعي متروك لمصيره”. وبرأيه “كان من الاجدى رفع دعوى قضائية على الدولة والجهات التي ضيّعت أموال الضمان. وذلك على غرار الدعاوى التي تحضرها نقابات المهن الحرة. فهذه الاموال متوجبة على الدولة والمصارف التجارية، ولا يد للضمان في انهيار قيمتها. ولا سيما أن الصندوق ألزم على توظيف امواله، التي تعود إلى صندوق تعويضات نهاية الخدمة في سندات الخزينة. وقد توافقت كل الحكومات على هذا الشكل اليتيم من التوظيفات. في حين أنه كان يمكن تنويع الاستثمارات بما يحفظ قيمتها؛ وإن لم تعط المردود الكبير الذي يعطيه التوظيف في سندات الخزينة”.
الإتفاق على انخفاض القيمة الشرائية للتوظيفات بالليرة اللبنانية بنفس نسبة انخفاض سعر صرف الليرة، يقود مصدر مطلع إلى التقليل من اهمية الانخفاض، كون هذه المبالغ سبق وخسرت كل قيمتها في حال احتسبناها بالدولار على سعر صرف السوق. فمجمل المبلغ المستحق للضمان من التوظيفات والديون لم يعد يتجاوز 285 مليون دولار، بعدما كان يعادل 7.3 مليارات دولار. وعليه سيخسر الضمان حكماً القدرة على زيادة التقديمات التي تقوم بالدولار، سواء كان لتسديد تعرفة المستشفيات التي تحتسب وفق سعر السوق أو حتى الادوية المحتسبة بالنسبة الاكبر منها بالدولار النقدي.
تخفيض سعر الصرف سينعكس ارتفاعاً بالرسوم والضرائب على المواطنين من جهة، وتراجعاً بالتقديمات الاجتماعية من الجهات الضامنة، ولا سيما الضمان الاجتماعي من جهة ثانية. وهو الامر الذي ستكون له انعكاسات بالغة التعقيد والصعوبة على المواطنين.