كشفت «السلع المدعومة» عيشة الذل التي يعيشها اللبناني يومياً لتأمين حاجاته الأساسية من الزيت والأرز والسكر والحليب والدواء والمحروقات… فالأزمات المتلاحقة غيّرت كثيرا في نمط حياة اللبناني وتصرفاته وأولوياته التي تحولت الى تأمين ما تيسّر من المدعوم خصوصاً بعدما أصبح فارق السعر بين سلعة مدعومة وسلعة غير مدعومة شاسعاً، وهاجس رفع الدعم كلياً يلاحقه.
ومع التكرار اليومي لمشاهد العراك والشجار داخل السوبرماركات تحولت الأخيرة الى ساحات معارك، دفعت البعض منها الى التوقّف عن استلام المدعوم وبيعه. يقول احد التجار: ما ان يتم إخراج عربة المدعوم من المستودع حتى يتدافع المستهلكون لأخذ ما تيسّر، وغالباً ما تنتهي الكمية من الصناديق قبل وضعها على الرفوف. وكشف ان هناك مجموعات تواظب على المداومة مداورة في السوبرماركت ما ان تلمح المدعوم حتى ترسل رسائل «واتس اب» الى اقربائها واصدقائها وجيرانها، وفجأة يتضاعف عدد المتسوقين فيها فيتهافتون ويتضاربون من اجل غالون زيت.
أكد نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد ان ليس هناك من قرار رسمي بمقاطعة بيع المنتجات المدعومة الا ان بعض السوبرماركات التي تأذّت كثيرا من التعديات والتضارب الذي حصل داخل متاجرها والتدافع لشراء المدعوم قرّرت الاحجام عن استلامه وبيعه.
أضاف: انّ عبء بيع المدعوم بات أكبر من قدرتنا على ادارته وتنظيمه، ومع كل ما نعانيه ومع حرصنا على التوزيع العادل له، تُوجَّه الينا الاتهامات من كل الاتجاهات، وهذا الوضع لم يعد مقبولا، لذا يرفض عدد كبير من التجار اليوم التعاطي بالمدعوم بينما قرر البعض الاخر وقف بيع المدعوم في الفروع التي يحصل فيها تضارب ومشاكل والإبقاء على عرضها في الفروع التي لم تحصل فيها اية مشاكل.
أما المشكلة الأكبر فتتمثل بالمجموعات المنظمة التي تستهدف البضاعة المدعومة في غالبية السوبرماركات يشترونها بالسعر المدعوم ويعيدون بيعها الى «الميني ماركت» او الدكاكين التي ليس لها وصول الى المدعوم وبأسعار مضاعفة. وأوضح :نحن لا نتحدث هنا عن مستهلك اشترى 3 غالونات زيت وكيس رز وحليب ووضعها في سيارته وانصرف، إنما عن مجموعات تمتهن سحب ما بين 50 الى 100 غالون زيت مدعوم في اليوم وتضعها في «فانات» متخصّصة لنقل البضاعة، وتلك المجموعات هي وراء غالبية المشاكل والتلاسن الذي يحصل في السوبرماركات.
إزاء مشاهدات الذل اليومية في المحلات التجارية الغذائية اين تقف وزارة الاقتصاد من نتائج وتداعيات سياسة الدعم التي أنشأتها؟ وكيف تقيّم نتائجها؟
ترى مصادر في وزارة الاقتصاد ان الجهة المخوّلة بيع المواد المدعومة هي السوبرماركت اذ ليس للوزارات أي نقاط بيع لتتولى هي مسؤولية البيع للمستهلكين، لذا على المحال التجارية الغذائية العمل على تنظيم عرض وبيع المواد المدعومة للمستهلكين شرط ألّا يحتكروا المواد والّا يتم تخزينها، كما يتكشّف ذلك لمراقبي حماية المستهلك.
ودعت المصادر أصحاب السوبرماركت الى تنظيم بيع المواد المدعومة بالتنسيق مع الامن المولج حماية المؤسسة او حتى القوى الأمنية تجنباً لأي خلافات داخل المؤسسة، وليتمكنوا بدورهم من حماية أنفسهم،
وشدّدت المصادر على ان الحل الوحيد لهذه الأزمة يكمن في دعم المواطن مباشرة وليس دعم السلعة، فهذه السياسة أفادت التجار على حساب المواطن. أما اين أصبحت التحضيرات للبطاقة التموينية، فقالت المصادر: للأسف لا جديد في هذا الموضوع، فوزارة الاقتصاد أعدّت مشروع البطاقة التموينية ورفعته كجزء من سياسة الدعم ككل، وهذا الموضوع ما عاد مرتبطاً بها إنما بالحكومة، لذا يفترض مساءلتها عن هذا الموضوع ومتابعته معها.