تشير أحدث الدراسات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي في أفريقيا يقف على أعتاب طفرة تكنولوجية معتبرة بحلول العقد المقبل مع تبني العديد من الدول لهذه التكنولوجيا المتقدمة واستخدامها في عدة قطاعات.
وأصدرت ماستركارد تقريرا جديدا قبل أيام بعنوان “تسخير القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي في أفريقيا” وهو دراسة شاملة على مستوى القارة تتناول مدى جاهزية أفريقيا لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، إلى جانب الفرص المتاحة والخطوات المستقبلية المقترحة.
ويقدم التقرير تحليلا مفصلا حول كيف يمكن للذكاء الاصطناعي عند استخدامه بشكل عادل وشامل، أن يحقق نتائج مؤثرة في قطاعات حيوية مثل الزراعة والرعاية الصحية والتعليم والطاقة والتمويل.
ومع التوقعات بنمو سوق الذكاء الاصطناعي في أفريقيا من 4.5 مليار دولار في 2025 إلى 16.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير صادر عن منصة ستاتيستا، يؤكد التقرير أهمية التعاون بين مختلف الأطراف والاستثمار المشترك.
كما يسلط الضوء على نقاط القوة التي تميز أفريقيا، مثل التركيبة السكانية الشابة، والاعتماد الكبير على الهواتف المحمولة، وروح ريادة الأعمال المنتشرة، ما يجعلها في موقع جيد لصياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي.
وقال مارك إليوت، رئيس قطاع أفريقيا في ماستركارد، إن “تفاعل أفريقيا مع الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل في تغيير حياة الناس، ليس فقط في المختبرات، بل في الحقول والمراكز الصحية والفصول الدراسية أيضا”.
وأضاف في بيان أوردته خدمة بزنس واير “لتحقيق أقصى فائدة، نحن بحاجة إلى استثمارات في البنية التحتية والبيانات والمهارات والسياسات”.
وتابع “في ماستركارد، نؤمن بأن الذكاء الاصطناعي المحلي والمسؤول يمكن أن يعزز النمو الشامل ويربط المزيد من الناس بفرص اقتصادية جديدة”.
ويتناول التقرير الأثر الإيجابي المتوقع للذكاء الاصطناعي على تطوير البنية التحتية الرقمية، والسياسات العامة، والبحث العلمي، وتحسين معالجة اللغات المحلية، بالإضافة إلى تعزيز تدفق الاستثمارات في القارة.
كما يشير إلى أن هذه التقنية يمكن أن تسرّع من توفير فرص العمل الرقمية، حيث يُتوقع توفير ما يصل إلى 230 مليون وظيفة بحلول عام 2030.
كما أنها تساعد على تحسين الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية من خلال أدوات مثل تقييم الجدارة الائتمانية المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتقنيات كشف الاحتيال.
وقال غريغ أولريش، المدير التنفيذي للذكاء الاصطناعي والبيانات في ماستركارد، “قوة الذكاء الاصطناعي لا تكتمل إلا بوجود الثقة”.
وأضاف “في ماستركارد، نلتزم ببناء تقنيات ذكاء اصطناعي تكون مسؤولة، شاملة، ومصممة لتقديم قيمة حقيقية لعملائنا وشركائنا وموظفينا. هذا ليس مجرد تطور تقني، بل هو ابتكار يحمل في طياته المسؤولية والنزاهة”.
وأبرز المحطات الإقليمية التي تناولها التقرير المغرب، حيث يبرز البلد كمركز ناشئ للذكاء الاصطناعي في شمال أفريقيا، حيث يتم اعتماد هذه التقنية في قطاعات الصحة والطاقة والزراعة والتمويل.
وتقود مؤسسات مثل جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية وشركة ديب إيكو جهود الابتكار المحلي، فيما يساهم “المؤتمر السنوي للذكاء الاصطناعي بالمغرب” في تشكيل حوار وطني حول مستقبل التقنية.
وضمن إستراتيجية التحول الرقمي 2030، يسعى المغرب إلى جذب استثمارات بقيمة 1.1 مليار دولار وتوليد 240 ألف فرصة عمل.
أما جنوب أفريقيا، فقد استقطبت استثمارات بقيمة 610 ملايين دولار في رأس المال الاستثماري المخصص للذكاء الاصطناعي خلال عام 2023، ومن المتوقع أن تصل قيمة الاستثمارات الإجمالية في هذا المجال إلى 3.7 مليار دولار بحلول عام 2030.
ويعد هذا البلد الأكثر استعدادًا من حيث البيانات والبنية التحتية للقارة، ما يعزز مكانته كقائد في أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وتحتضن البلاد معهد الذكاء الاصطناعي في جنوب أفريقيا، الذي يُعد بوابة للطلاب والمهنيين للوصول إلى تعليم عالمي وأحدث الأبحاث والمستجدات في القطاع.
كما تهدف الخطط الحكومية إلى تطوير 300 شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي وتدريب 5 آلاف متخصص بحلول نهاية هذا العقد، ما يؤسس لنظام بيئي محلي مزدهر في هذا المجال.
وتُعد كينيا من الدول الصاعدة بمجال الابتكار المرتبط بالذكاء الاصطناعي، حيث استفادت من سمعتها كـ”سيليكون سافانا” لنشر هذه التقنية بشكل آمن في مختلف القطاعات.
وتُستخدم منصات مثل تالا بيانات الهواتف المحمولة لتقييم الجدارة الائتمانية، في حين يقدم روبوت الدردشة يوليزال لاما المدعوم بالذكاء الاصطناعي من جاكاراندا هيلث دعمًا للأمهات بخمس لغات محلية.
وأطلقت الحكومة مؤخرًا إستراتيجية للذكاء الاصطناعي 2025 – 2030، تعكس التزامها بتحويل كينيا إلى مركز إقليمي للبحث والتطوير والابتكار التجاري في مجال الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وتحتل نيجيريا المرتبة الثانية في عدد الشركات الناشئة العاملة بمجال الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، وقد جذبت استثمارات رأس مال مغامر بقيمة 218 مليون دولار خلال عام 2023.
وتتمتع البلاد بأحد أكثر النظم البيئية حيوية في هذا المجال، حيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتخصيص التعليم من خلال ريسينغ أكاديميس وتقديم خدمات التمويل الصغير عبر منصة كودي دوت أي.آي، وتعزيز الحوكمة باستخدام أدوات ترصد توزيع الأموال العامة.
ومع توقعات بوصول حجم سوق الذكاء الاصطناعي إلى 1.4 مليار دولار بحلول عام 2025، يُشير تفاعل الحكومة النشط إلى جانب الابتكار المتزايد في القطاع الخاص إلى نمو واعد في استخدامات هذه التقنية.
ومع ذلك، يحذر التقرير من أن تحديات مثل تجزئة البيانات، وعدم شمولية اللغات، وتفاوت الأطر التنظيمية قد تؤدي إلى تعميق الفجوة الرقمية.
وسيكون اغتنام إمكانيات الذكاء الاصطناعي في أفريقيا عاملا حيويا في تسريع الشمول المالي وتعزيز النمو الرقمي والاقتصادي للقارة.
وبحسب ماستركارد، يعد التعاون الإستراتيجي بين الحكومات وشركات التكنولوجيا المالية والشركاء العالميين مفتاحا لتحقيق الأثر الكامل للذكاء الاصطناعي.



