إنتعشت سوق تأجير السيارات في منطقة النبطية، وشهدت نموّاً لافتاً في الأسابيع الماضية جرّاء ارتفاع أعداد المغتربين، فالطلب غير مسبوق على استئجار السيارات على اختلاف أنواعها، بسبب ازدهار الموسم السياحي، ما حوّل كلّ مواطن عاملاً في تأجير السيارات.
قبل عامين، كان هذا القطاع في حالة جمود، بالكاد تجد 7 مكاتب لتأجير السيارات في المنطقة، وكانت اللوحة الخضراء علامة فارقة. اليوم تبدّل المشهد، وصار كلّ من يملك سيارتين أو ثلاثاً يؤجّرها، فالسوق مباحة للجميع، وبدل 7 مكاتب، صار في كل بلدة 10 مكاتب تقريباً تؤجّر سيارات غير مرخّصة، وصارت اللوحة البيضاء معتمدة.
لم يعد المغترب يرغب في شراء سيارة، الأمر مُكلف ومعقّد والتسجيل متوقّف، ما يدفع به الى استئجارها، فكلفة التأجير لن تتجاوز ألف دولار، في حين تخطّت كلفة شراء سيارة حديثة الصنع 25 ألف دولار، أضف الى أنّه غير مسؤول عن أي عطل فيها، وفق ما تقول غالبية من يعملون في القطاع اليوم. بين «التويوتا» و»الكيا»، و»السوزوكي» و»الشيروكي»، تتعدّد أنواع السيارات المعروضة للإيجار، يقول «فادي»: «الموسم أكثر من جيّد، كلّ السيارات محجوزة حتى أيلول، وهذا يدلّ على نمو القطاع». فهو دخل على خط تأجير السيارات بداية العام الحالي، ويؤكد أنها «فرصة ذهبية، ومربحة في آن، تدرّ أموالاً لا بأس بها». ويضيف وهو يوقّع وكالة سوق لأحدهم: «مش عم نلحق اتصالات».
تتراوح كلفة إيجار السيارة في اليوم بين 25 و70 دولاراً للسيارات الصغيرة، وتصل إلى 300 دولار للسيارات الكبيرة والسبعة مقاعد. ويحقّق العاملون فيها أرباحاً تصل إلى حدود 2000 و3000 دولار في كل سيارة. وهو ما يراه يوسف رقماً مقبولاً في مواجهة ظروف الحياة، إلا أنه يشير الى ارتفاع كلفة الصيانة، «فكل ميكانيكي أو مخرطجي أو حتى دهان يضع سعراً مغايراً ويصل الفارق إلى 100 دولار في القطعة الواحدة»، وهذا دفعه لتعلّم الدهان والميكانيك وحتى خراطة القطع ليوفّر في الصيانة. وعلى قاعدة الطلب أكثر من العرض، يستغلّ بعض هؤلاء الفرصة لرفع الأسعار، وتصل كلفة إيجار السيارة في اليوم الواحد إلى 50 دولاراً، فقط لأنه لم يحجز سيارة مسبقاً، ويستغلّ بعض المكاتب الأمر، ولا سيما في ظل عدم وجود عدد كافٍ من السيارات لتلبية حاجة السوق، وهذا ما يسمى «السوق السوداء».
هي فرصة عمل جديدة أنتجتها الأزمة الاقتصادية، دفعت الشباب نحوها، «مروان» شاب كان يعمل في أحد المصارف في منطقة النبطية قبل أن يتّجه نحو تأجير السيارات، فبدل 100 دولار كراتب، من سيارتين بدأ بتأجيرهما، بات يملك اليوم 9 سيارات، كلّها محجوزة كما يقول، يصف الموسم «بالذهبي»، ويرى أن المغتربين أنعشوا هذه السوق على حساب سوق بيع السيارات.
السيارات بمعظمها لدى «مروان» صغيرة بلوحة بيضاء، فأغلب العاملين اليوم يعتمد النمرة البيضاء لا الخضراء، حتى أصحاب المكاتب لجأوا إليها هرباً من الشروط التي تفرض عليهم من تبديل السيارة كل ثلاث سنوات، وأن تكون ذات نَوْع حديث «في ظل صعوبة الأمر وإقفال «النافعة»، تحوّل الكلّ نحو اللوحة البيضاء مع اعتماد وكالة سوق ورفع مسؤولية يُضاف إليهما التأمين». ويقول: «شراء السيارة اليوم بات مكلفاً نتيجة رفع الرسوم الجمركية وفق سعر 86 ألف ليرة، يضاف إليها رسم 3 بالمئة من سعر السيارة، وهو أمر جعله أمراً صعباً ومعقداً، وأدى إلى شلّ قطاع بيع السيارات، وجعل تجارها يلجأون نحو إيجار السيارات لتعويض الخسارة».
تعدّ أشهر تموز وآب وأيلول أشهراً ذهبية لتأجير السيارات، يعوّض خلالها أصحاب هذا القطاع كسر الأشهر الماضية، ويعوّلون على موسم سياحة الشتاء. بعضهم رفع الأسعار تزامناً مع ارتفاع الأسعار في البلد، والبعض فضّل البقاء على أسعار العام الماضي ومعظم العاملين فيه لا يملكون رخصاً، بل دخلوا القطاع كفرصة عمل مزدهرة، ويسعون لفتح استثمار جديد.