سيرة الكهرباء على حالها: لا تمويل… لا فيول… لا تغذية!

ليس لدى مؤسسة كهرباء لبنان أي حلول جدّية لأزمة الكهرباء. عتمة شاملة استمرت لأكثر من 24 ساعة لم تتمكّن خلالها المؤسسة من إعادة تشغيل الشبكة. الأزمة أزمة فيول، وهي أزمة ممتدّة. وطالما أن الفيول غير متوفّر فإن الكهرباء ستبقى مقطوعة، في ظل عدم قدرة المولّدات الخاصة على تعويض الفارق، بسبب نقص المازوت والخشية من أن يؤدي التشغيل الإضافي إلى المزيد من إلغاء الاشتراكات بسبب الارتفاع الكبير في قيمة الفواتير.

في المقابل، فإن كهرباء لبنان تحوّلت إلى مؤسسة عاجزة عن أداء وظيفتها، أي إدارة عملية إنتاج الطاقة ونقلها. فلا كهرباء تُنتج ولا كهرباء تُنقل. حتى مفهوم إدارة الأزمة غير متوفر، في ظل الشحّ الشديد بالفيول والمازوت. أمام هذا الواقع، لم يكن مفاجئاً إطفاء معملَي دير عمار والزهراني بسبب نفاد مخزونهما من الغاز أويل، ما أدى إلى انخفاض التغذية إلى ما دون 270 ميغاواط تأمّن أغلبها من معملَي الزوق والجية الجديدين، بعدما أعيد تشغيلهما بمجرد وصول باخرة الفيول Grade B. ورغم أن المؤسسة كانت تُدرك أنه يستحيل الحفاظ على استقرار الشبكة بهذه الكمية المتدنية من الإنتاج، إلا أنه لم يتم القيام بأي إجراء قبل انفصالهما عن الشبكة، بعدما تبيّن أن منشآت النفط غير قادرة على بيع المؤسسة أي كمّيات لعدم توفّرها.

أُجريت اتصالات عدة تولّتها وزارة الطاقة ورئاسة الحكومة ووزارة الدفاع وقيادة الجيش، أدت إلى تقديم الجيش لـ6000 كيلو ليتر من الديزل، وُزّعت بالتساوي على معملَي دير عمار والزهراني وساهمت في إعادة بناء الشبكة. بحسب بيان كهرباء لبنان، فإن هذه الكمية ستكفي لتشغيل المعملين ثلاثة أيام، لكن المُشكلة أن لا موعد واضحاً لوصول أي شحنة جديدة من الديزل (ما بين العشرين والثلاثين من الشهر الجاري) ما يعني الإبقاء على أكبر معملين مطفأَين لفترة طويلة. لكنّ الأسوأ أنه في حال تأخر شحنة الفيول عن نهاية الشهر، فإن النتيجة ستكون مجدداً الإطفاء الشامل، لأن مخزون الفيول بنوعَيه لن يصمد أكثر من عشرين يوماً.

بناءً عليه، تقول مصادر مؤسسة كهرباء لبنان إن الهاجس اليوم هو «تسيير» الأمور لأن الخطر هدّد بتوقف تغذية مرافق أساسية من المرفأ إلى المطار إلى مؤسسات المياه، إضافة إلى المقارّ الرسمية الأساسية. علماً أنه حتى مع وصول باخرة الديزل، لن يصل الإنتاج إلى 650 ميغاواط، ما يعني بقاء الأمور على حالها، فالكمية المعمول بها حالياً لا تكفي حتى لتوفير 4 ساعات للجميع.

من جهتها، تتحدّث مصادر وزارة الطاقة عن علاجات ممكنة لاستعادة تغذية الساعات الـ4 يومياً خلال وقت قصير. لكنها تعود لتؤكد أن هذا علاج مؤقّت ولا يسمح بالبناء عليه. كما توضح أن التعجيل بتوفير تمويل طويل الأمد من خلال مؤسسات دولية، والشروع الفعلي في برنامج نقل الكهرباء والغاز من مصر والأردن وسوريا سيجعلان من الممكن الحصول على ساعات أكثر من التغذية وبصورة مستدامة، إلى حين توصّل مجلس الوزراء إلى علاج جذري ولو بعد حين، لتوفير القدرة على إنتاج الطاقة من خلال معامل جديدة وتمويل حاجاته، سواء كانت من الفيول أو الغاز. واللافت أن المسؤولين في الحكومة، يتجنّبون أيّ وعود كالتي كانت تُطلق سابقاً حول فكرة الـ 24 على 24، وجلّ ما يأملونه هو ثلث هذه الكمية من الوقت خلال العمر القصير جداً لهذه الحكومة.

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةالمازوت الإيراني يزيد الضغط على سعر الصرف
المقالة القادمةضوابط سعودية تأمينية لكيانات المناطق اللوجيستية المتكاملة