شح أسطول الناقلات يزيد من تكاليف شحن الغاز

يراقب محللو صناعة الغاز حول العالم التأثيرات العميقة التي بات يحدثها الطلب الكثيف على هذا المورد والذي أدى إلى زيادة تكاليف الشحن، مما يفرز واقعا جديدا في الأسواق التي لا تزال جراحها من الحرب في أوكرانيا لم تندمل بعد.

ورجح خبراء القطاع أن يضطر المتداولون إلى دفع أكثر من مئتي ألف دولار يوميا لشحن الغاز الطبيعي المسال في الأشهر القليلة المقبلة، وسط تفاقم شح الناقلات المتوافرة قبل فصل الشتاء، الذي يصل فيه الطلب على وقود التدفئة إلى ذروته.

ورصدت شركة سبارك كومودتيز صعودا في عقود استئجار الناقلات إلى أكثر من نحو 284.7 ألف دولار لشهر نوفمبر المقبل، ونحو 206.7 ألف دولار لشهر أكتوبر، أي أكثر من ضعف المستويات الحالية.

وفي حال استمرت هذه المعدلات فإنها تنذر بتكرار الارتفاع الكبير في الأسعار الذي حدث خلال العام الماضي، عندما قفز الطلب في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمية، وسط الإقبال على الاستبدال بالإمدادات الروسية بعد غزو أوكرانيا.

ويقلّ عدد الناقلات المتاحة بشكل متزايد لأن التجار يستخدمون السفن كمخازن عائمة، رهانا منهم على صعود أسعار الغاز الطبيعي المسال عند زيادة برودة الطقس.

ويمكن أن تقلّص أسعار الشحن المتقلبة هوامش أرباح متداولي الغاز الطبيعي المسال الذين يتطلعون إلى جني مكاسب من وراء ارتفاع الأسعار لإمدادات فصل الشتاء.

كما قد يؤدي ارتفاع تكاليف الشحن في نهاية المطاف إلى زيادة الأسعار المطروحة للمشترين في أوروبا وآسيا.

وارتفع عدد السفن المحمّلة بشحنات الغاز الطبيعي المسال في عرض البحر لمدة عشرين يوما على الأقل في أواخر يوليو الماضي، وفقا لبيانات 42 سفينة تتبعها بلومبرغ.

وبحسب العديد من محللي القطاع، يشكل هذا المدى الزمني زيادة بواقع 27 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقال ريتشارد برات، الذي يعمل مستشارا لشحنات الغاز الطبيعي المسال، “نرصد بالتأكيد بعض السفن المحمّلة بالشحنات في عرض البحر”.

وتوقع في حديثه مع وكالة بلومبرغ استمرار معدل التخزين العائم المرتفع “خلال أغسطس الجاري وسبتمبر المقبل، ما لم تحدث أي اضطرابات في الإمدادات”.

وانخفض إنتاج روسيا من الغاز الطبيعي خلال النصف الأول من العام بنحو 13 في المئة مقارنة بالعام السابق، بعد قرار موسكو وقف صادرات خطوط الأنابيب إلى العديد من الدول الأوروبية، التي تعدّ كبرى أسواقها.

وضخت شركات إنتاج الغاز الروسية 319.3 مليار متر مكعب في النصف الأول من العام، وفقا لبيانات القطاع التي اطّلعت عليها بلومبرغ.

وبدأت روسيا خفض إنتاج الغاز بشكل كبير العام الماضي، بعد أن أوقفت معظم صادرات خطوط الأنابيب إلى أوروبا وسط مواجهة الكرملين مع الغرب بسبب غزو أوكرانيا.

ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022 أدى الارتفاع الصاروخي في أسعار شحن الغاز المسال إلى إقصاء العشرات من صغار التجار، مما تسبب في تركيز الأعمال في أيدي حفنة من شركات الطاقة العالمية الكبرى وكبار التجار في هذه السوق.

ومن غير المتوقع أن تتراجع هذه القبضة حتى عام 2026 عندما تزيد كميات الإنتاج وتنخفض الأسعار، مما يزيد من مخاوف الإمداد للدول الفقيرة التي تعتمد عليه لتوليد الطاقة ورفع التكاليف لاقتصادات آسيا الكبرى.

وتضاعف حجم سوق الغاز العالمي منذ 2011، مما أدى إلى دخول العشرات من الوافدين الجدد وتوسع الشركات الأصغر حجما في آسيا.

وفي السنوات الأخيرة، شكل التجار الصغار 20 في المئة من واردات الغاز الطبيعي المسال في الصين وحدها.

لكن الارتفاع الحاد في أسعار الشحن الفوري للغاز إلى ما بين 175 ومئتي دولار، من نحو 15 إلى 20 مليون دولار قبل عامين، كان له تأثير زلزالي على نشاط التداول المادي للعديد من اللاعبين الصغار.

وارتفع رأس المال اللازم للتداول في السوق بعد أن ارتفعت أسعار الغاز القياسية من أدنى مستوياتها القياسية دون دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 2020 إلى أعلى مستوياتها عند 57 دولارا في أغسطس العام الماضي.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقة“فيتش” تخفض التصنيف الإئتماني للولايات المتحدة وواشنطن ترد
المقالة القادمةنذر خسائر مؤلمة تتربص بمستثمري العقارات في العالم