في اجتماع أمس الاول بين وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمه وجمعية شركات الضمان في لبنان (ACAL) على خلفيّة القرارالذي أصدرته الوزارة والذي تمنع فيه المساهمين في شركات التأمين من سحب أرباحهم، تم الاتفاق على نقطتين أساسيّتين: تتمثّل الاولى بعدم إقدام الوزير على إصدار تعميم قبل التشاور مع الجمعية. أما النقطة الثانية فمتعلّقة بطلب الوزير من مستشاره القانوني إعادة درس التعميم بالتشاور مع محامي (ACAL)، علماً أنّه قرار تنظيميّ لشركات بقرار خارج عن مجالس إداراتها أو جمعياتها العمومية، على أن يتم التوصّل الى صيغة ترضي الجميع وألّا يكون الحلّ بالطعن بقرار الوزير.
على خطّ موازٍ، وفي اجتماع أعضاء (ACAL) الذي سبق اجتماع الجمعية مع الوزير، لمّح عدد من الشركات إلى أن خيار الطعن بقرار الوزير قائم لاعتبار أن ما أتى فيه خارج عن أطر صلاحياته.
تساؤلات “مشروعة”
في هذا السياق، يتساءل متابعون للملف عن سبب عدم اجتماع الوزير مع الجمعية قبل اقرار تعميم مماثل، وعلى اي اساس اتّخذ هكذا تدبير؟ وعما اذا كان هناك اتفاق ضمني مع “بعض” الشركات من داخل (ACAL) بما أن القرار جاء كخدمة لنحو 6 شركات متعثّرة جرّاء تورّطها في لعبة اليوروبوندز؟ كما تساءل المتابعون أيضاً عن إمكانية توريط هذه الشركات للوزير الجديد “من تحت الطاولة”. لكنّ الاهمّ يبقى مصير هذه الشركات التي ترفض القبض بالليرة رفضاً قاطعاً، فأين دور لجنة الرقابة على شركات التأمين؟” كلها أسئلة برسم المعنيين في ملف يطال حياة غالبية اللبنانيين.
من يُعيّن “الرقيب”؟
عن الموضوع يوضح مصدر مطّلع لـ”نداء الوطن” أنه “كان من الممكن للوزير أن يلغي التعميم ببساطة أو أن يستعيض عنه بقرار آخر، لذا من المستغرب أن يقرر المجتمعون دراسة التعميم على أن يتم التوصل الى صيغة ترضي الجميع”.
ويضيف المصدر أن “الوزير نعمه طلب خلال الاجتماع من شركات التأمين ارسال السِّيَر الذاتية لمرشحين محتملين لرئاسة اللجنة، موضحاً أنه يريد تعيين رئيس من طائفة الروم الكاثوليك بما أن رئيسة اللجنة الحالية ندين حبّال تشغل المنصب بالإنابة أي أنها ليست أصيلة”.
“المخيف” في هذا الطلب “الغريب” في توقيته، هو أن من المفترض أن يكون الوزير “الوصيّ” على هذا القطاع، في حين أنه يطلب من الشركات أسماء لاختيار من يقوم بمحاسبتها ومساءلتها!
تشنُّج… واستقالة
من جهته، اتّسم اجتماع أعضاء (ACAL) بالتشنّج لكن وفي نهاية المطاف تمّ التوافق بين الشركات على أن يكون القرار النهائي موحّداً وبعد التنسيق مع الجميع. وشهد اجتماع الجمعيّة استقالة شركة “Cumberland” رغم المحاولات لإثنائها عن هذا القرار. “ما يهمّنا هو إعادة النظر في تركيبة (ACAL) علّها تتوقف عن تمثيل الشركات ذات الشراكة العالمية، وتلك المملوكة من المصارف على حساب تلك التي تعمل لرفع مستوى القطاع في لبنان”، يقول مصدر في إحدى الشركات العاملة في القطاع ومساهم في إحدى شركات التأمين.
وينقل أحد الحاضرين في الاجتماع أن “ما يحصل في الواقع في قطاعنا هو أن الشركات الجيّدة والشفافة تذهب ضحية تلك المشبوهة. لا شكّ أن هناك شركات يجب أن تمنع من توزيع أرباحها على المساهمين لأنها تعاني من مشاكل مالية جسيمة. وبالتالي ليس من المنصف اقرار تعميم يطال كل الشركات سواسية لا سيما التي حققت أرباحاً والتي لديها ميزانيّة شفافة. لكن يمكن الاستعاضة عن التعميم الاخير بقرار يقضي بتقديم كل الشركات ميزانياتها بعد إخضاعها للتدقيق فإن تبيّن بأنها سليمة وغير منخرطة بالاكتتاب بسندات اليوروبوندز، عندها يُسمح لها بتوزيع أرباحها بحريّة تامة. أما قرار الوزير فنابع من رغبته بعدم كشف أوضاع شركات متعثّرة أو مقبلة على التعثّر”.