شركات الطيران الخليجية جائزة ستارلينك الكبرى للاتصال الفضائي

تسعى شركة ستارلينك الأميركية إلى استقطاب شركات الطيران الفاخرة لتنمية أعمال شبكة الإنترنت على متن الرحلات الجوية، بما في ذلك التركيز على الشركات الخليجية، في منطقة تشكل نقطة مفصلية لنشر الاتصالات الفضائية على نطاق أوسع.

أخذت شركة ستارلينك تشق طريقها بثبات على مدى السنوات الثلاث الماضية إلى السوق المزدهرة لخدمة الواي فاي على متن الرحلات الجوية، في سباق لجعل الاتصال الفضائي خدمة أساسية في المستقبل.

وتتجه المعركة صوب الوصول إلى سماء متصلة بالإنترنت نحو المزيد من الاحتدام، مع نتائج يصعب التنبؤ بها. ومع ذلك، يشير عدد من المسؤولين التنفيذيين إلى أن سرعات البيانات التي توفرها ستارلينك تتصدر القطاع، وأن المستخدمين يبهرهم أداؤها.

ووقّعت الشركة التابعة للملياردير إيلون ماسك، الذي يمتلك سجلا حافلا في إحداث تحولات جذرية داخل صناعة الصواريخ إلى السيارات، عقودا مع شركات مرموقة تتقدمها أير فرانس ويونايتد أيرلاينز والخطوط الجوية القطرية.

وأعلنت ألاسكا أير غروب الأربعاء أنها ستبدأ تركيب ستارلينك اعتبارا من 2025، كما توصلت فيرجن أتلانتيك مطلع يوليو الماضي إلى اتفاق لاستخدام شبكة الأقمار الاصطناعية المملوكة لشركة سبيس إكس، وفق مصادر مطلعة.

وقد لا تكون بريتيش أيرويز بعيدة عن اللحاق بالركب، في صفقة ستمكّن رجل الأعمال الأميركي من ضم شركة طيران رائدة أخرى على خط الأطلسي المربح.

لكن عيون ماسك تتطلع إلى “جائزة أكبر” وهي الشرق الأوسط، موطن بعض أكثر شركات الطيران تأثيرا في الابتكار وتشكيل الاتجاهات في القطاع، ومركز ربط عالمي لرحلات المسافات الطويلة.

وأفادت بلومبيرغ بأن سبيس إكس أجرت محادثات مع طيران الإمارات التي تمتلك أكبر أسطول في العالم لرحلات المسافات الطويلة من طائرات بوينغ وأيرباص.

كما قدم أعضاء من فريق ماسك عروض ستارلينك لشركات أخرى من بينها طيران الخليج البحرينية وفلاي دبي، وهم الآن في محادثات متقدمة مع السعودية التي تملك ثالث أكبر شركة طيران في المنطقة، بحسب المصادر.

ويمثل الفوز بأعمال مع شركات الطيران الخليجية، لاسيما تلك المعروفة بكونها علامات فاخرة مثل طيران الإمارات، لحظة مفصلية في المنافسة العالمية لستارلينك ضد المشغلين التقليديين مثل إيكوستار وفياسات وأس.إي.أس.

وهؤلاء المنافسون غير مستعدين للتنازل عن حصتهم في السوق. فهم يعيدون صياغة خططهم ويخوضون موجة من إبرام الصفقات، فيما تتسارع المعركة على شريحة تنمو بسرعة من سوق اتصالات الأقمار الاصطناعية البالغة قيمتها 100 مليار دولار.

وانتزعت سبيس إكس لنفسها موطئ قدم في سوق الطيران العالمية عبر تقديم أسرع سرعات اتصال بالإنترنت على مستوى الصناعة باستخدام نحو 8 آلاف قمر اصطناعي.

وتقدم الشركة تقنية ستارلينك بنموذج اشتراك تدفع فيه الشركات مقابل تركيب المعدات، إضافة إلى سعر شهري لكل مقعد مقابل الاتصال.

وتبلغ كلفة تركيب الخدمة على طائرة بوينغ 737 نحو 300 ألف دولار، بينما تصل على طائرة 787 دريملاينر الأكبر سعرا إلى 500 دولار، وفق وثيقة اطلعت عليها بلومبيرغ.

وربما تختلف الأسعار الشهرية على أساس كل مقعد تبعا لعوامل كثيرة، منها مدة العقد الذي تكون شركة الطيران مستعدة لتوقيعه.

ولكن أحيانا، جرى الاتفاق على بيع الخدمة من ستارلينك بحوالي 120 دولارا شهريا لكل مقعد، مع 120 دولارا إضافية لتلفزيون البث المباشر، بحسب أحد المصادر التي أكدت أن المفاوضات لا تزال جارية وقد تنتهج الشركات إستراتيجيات مختلفة.

وفي حين أشارت فلاي دبي إلى أنها “تقيّم حاليا خيارات مختلفة للاتصال لتلبية خطط نمونا”، قالت طيران الإمارات إنها “ملتزمة بتقديم أفضل خدمة على متن الرحلات”، مع رفضها التعليق على الصفقة.

ولطالما كان الوصول إلى الإنترنت على الطائرات عرضا غريبا بقدر ما كان غير موثوق وباهظ التكلفة، سواء لشركات الطيران عند التركيب أو للركاب عند الاستخدام.

وتتحرك شركات كثيرة الآن نحو توفير بدائل سريعة وموثوقة، إذ إن تمكين المسافر من مشاهدة البث والعمل والتواصل في الرحلات الطويلة يمكن أن يكون مُغيرا لقواعد اللعبة في تجربة المقصورة.

وتُعد محطات ستارلينك المثبتة على متن الطائرات أقل كلفة من بعض منتجات المنافسين، وفقا للمحلل لوي دي بالما من شركة ويليام بلير آند كو، كما أنها تحتاج وقتا أقل للتركيب، بحسب يونايتد أيرلاينز.

وترسل شبكة ستارلينك الإشارات إلى الطائرة تماما كما تفعل مع مستخدميها النشطين البالغين 6 ملايين من القطاع السكني أو الوحدات المتنقلة أو الأعمال البحرية.

ويجري تثبيت محطة بحجم علبة بيتزا على الطائرة وتتصل بسلسلة من الأقمار الاصطناعية التي تعبر مسارها على ارتفاع يقارب نحو 560 كيلومترا فوق سطح الأرض، فيما يُعرف بالمدار الأرضي المنخفض.

وعلى النقيض، حققت شركات التشغيل التقليدية مثل فياسات وأس.إي.أس تغطية عالمية باستخدام عدد صغير من الأقمار الاصطناعية الأكبر حجما والأقوى بكثير على ارتفاع أعلى بنحو 65 مرة، في المدار الثابت بالنسبة إلى الأرض.

وبما أن هذه الأقمار أبعد عن الأرض، فإن البيانات تقطع مسافة أطول بكثير، ما يؤدي أحيانا إلى اتصال بطيء بالإنترنت على متن الرحلات. لكن مع متطلبات العصر لسرعات النطاق العريض من أي مكان، بدأ مشغلو الأقمار التقليديون بتبني نهج “سبيس إكس”.

وبدأت شركات إيكو ستار وفياسات وأس.إي.أس في تقديم الحلول متعددة المدارات مباشرة لشركات الطيران، من خلال دمج السعات المتاحة من مجموعات أقمار اصطناعية متنوعة تعمل في المدارات الثابتة جغرافيا وتلك الأقرب إلى الأرض.

وقال أندرو روسكوفسكي، الرئيس العالمي لقطاع الطيران لدى أس.إي.أس، إن النظام متعدد المدارات “يوفر قدرا من المرونة والاستمرارية، ويمنح مشغل الشبكة القدرة على التأقلم مع المتغيرات كالظروف الجوية أو تركز حركة الطائرات في مناطق محددة”.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، أعلنت فياسات عن إبرام صفقات لدعم خدمات الاتصال على متن الرحلات الجوية مع أميركان إيرلاينز وطيران الرياض.

وقال ماسك في مايو الماضي إن “السعودية ستُجيز استخدام ستارلينك لأغراض الطيران والنقل البحري”. وحاليا، لا يُسمح باستخدام الخدمة في الإمارات.

كما أعلنت إنتلسات، التي استحوذت عليها أس.إي.أس في يوليو، عن عقد شراكات مع تاي أيروايز إنترناشونال وصانعة الطائرات البرازيلية إمبراير.

وتشترط سبيس إكس على شركات الطيران تركيب تقنيتها على متن جميع طائرات أساطيلها قبل الإعلان عن أي صفقة، وهو ما يعد رهانا محفوفا بالمخاطر، لاسيما بالنسبة لشركات الطيران ذات الأساطيل الكبيرة، بحسب المصادر المطلعة.

واصطدمت يونايتد إيرلاينز بعقبة في رهانها على ستارلينك، إذ أكدت في مطلع يونيو أنها واجهت مشاكل تداخل إشارات بالنظام، ما اضطرها إلى إيقاف خدمة الواي فاي مؤقتا في 24 طائرة إقليمية.

غير أن الشركة نجحت في حل المشكلة، ومن ثم تركيب نظام ستارلينك على 60 طائرة إقليمية من طراز إمبراير.

يجري تثبيت محطة بحجم علبة بيتزا على الطائرة وتتصل بسلسلة من الأقمار الاصطناعية التي تعبر مسارها على ارتفاع يقارب نحو 560 كيلومترا فوق سطح الأرض

وأبلغ نحو 60 ألف عميل بانقطاع خدمة ستارلينك لساعات في الرابع والعشرين من يوليو، قبل أن تتعرض الشبكة لانقطاع واسع آخر لكنه كان أقصر مدة نسبيا في الثامن عشر من أغسطس.

وأوضح مسؤولون تنفيذيون بقطاع الطيران أن خدمة ستارلينك غير مرخصة في عدة دول، وهو ما قد يجبر شركات الطيران على إيقاف الإنترنت قبل الهبوط.

ويُتوقع أن تواجه الخدمة منافسة حتمية خلال العامين المقبلين مع دخول شبكات جديدة مثل لايت سبيد التابعة لتليسات أو مشروع كويبر التابع لأمازون الذي يدعمه جيف بيزوس، منافس ماسك.

وقال أليكس ويلكوكس، الرئيس التنفيذي لشركة جي.أس.إكس، “الانطباع العام أن الناس مندهوشون من سرعة الخدمة وقدرتهم على مشاهدة البث المباشر أو استخدام فيس تايم وزووم.. أعتقد أنهم سينفردون بالسوق، وبجدارة”.

وتقدم جي.أس.إكس خدمة واي فاي مدعومة بستارلينك على متن طائراتها المؤلفة من 30 مقعدا.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالطلب على الغاز الطبيعي المسال يتحدى التوقعات القاتمة
المقالة القادمةأدوات عادلة ومجدية لردم الفجوة الماليّة