أكد أمين الناصر الرئيس التنفيذي لعملاق النفط أرامكو الثلاثاء أن الخطط الأوروبية لتطبيق حد أقصى لفواتير الطاقة للمستهلكين وفرض ضرائب على شركات النفط لا تقدم حلولا طويلة الأجل أو مجدية لأزمة الطاقة العالمية.
وقال أمام منتدى في مدينة لوزيرن السويسرية إن “تجميد أو وضع حد أقصى لفواتير الطاقة قد يساعد المستهلكين على المدى القصير، لكنه لا يعالج الأسباب الحقيقية ولا يمثل حلا طويل الأجل”.
وتابع الناصر قائلا إنه “من الجلي أن فرض ضرائب على الشركات في الوقت الذي تريد منها زيادة الإنتاج ليس بالخطوة المجدية”.
وخصصت الحكومات في جميع أنحاء أوروبا مئات المليارات من اليورو لإنفاقها على تعزيز التخفيضات الضريبية والإعانات وبرامج الدعم لمعالجة أزمة الطاقة التي أدت إلى ارتفاع التضخم الذي بلغ مستوى تاريخيا الشهر الماضي عند 9.1 في المئة، مما أجبر الصناعات على إغلاق الإنتاج ورفع الفواتير قبل الشتاء.
وفي إطار خطط الاتحاد الأوروبي التي جرى الإعلان عنها الأسبوع الماضي، سيُقتطع بعض من الأرباح الهائلة التي تحققها شركات الطاقة وسيعاد توزيعها لتخفيف العبء على المستهلكين.
ويعتزم الاتحاد جمع أكثر من 140 مليار يورو لتخفيف وطأة عاصفة تكلفة المعيشة على المستهلكين من خلال وضع سقف لإيرادات منتجي الكهرباء منخفضة التكلفة.
وتقترح المفوضية الأوروبية حدا أقصى لإيرادات الشركات التي تنتج الكهرباء بتكاليف منخفضة، لا بالغاز باهظ الثمن، كما أنها تقترح ضريبة مؤقتة على منتجي الوقود الأحفوري وخاصة روسيا.
وتعتبر السعودية أن أزمة الطاقة الراهنة ناتجة إلى حد بعيد عن تراجع الاستثمارات في الهيدروكربونات، وهو موقف يشاطرها فيه بقية أعضاء تحالف أوبك+ وفي مقدمتهم الإمارات والعراق وروسيا.
وقال الناصر، الذي يرأس أكبر شركة مصدرة للنفط في العالم، إن “من بين الأسباب الجذرية للأزمة هو استمرار نقص الاستثمارات في قطاع الهيدروكربونات في الوقت الذي لا تزال فيه بدائل الوقود الأحفوري غير متاحة بسهولة”.
وأضاف “الصراع في أوكرانيا أدى بالتأكيد إلى تفاقم آثار أزمة الطاقة، لكنه ليس السبب الجذري لها”. ومضى قائلا “للأسف، حتى لو توقف الصراع اليوم كما نتمنى جميعا، فإن الأزمة لن تنتهي”.
وأشار إلى أنه في ظل هذه المستويات يحتاج الحفاظ على الإنتاج إلى كثير من رأس المال، بينما تتطلب عمليات زيادة الإنتاج المزيد من الاستثمار.
وتعد السعودية ودولة الإمارات من بين الأعضاء القلائل في منظمة أوبك التي لديها مخازن كبيرة لإنتاج النفط.
وتنفق كل منهما المليارات من الدولارات لزيادة طاقتها الإنتاجية بشكل أكبر، ومع ذلك ستستغرق المشاريع بضع سنوات على الأقل حتى تكتمل.
Thumbnail
وتضخ أرامكو استثمارات لزيادة الطاقة الإنتاجية للبلد الخليجي الثري إلى 13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027، لكن الناصر حذر من أن الاستثمارات العالمية في قطاع النفط والغاز لا تزال “قليلة للغاية ومتأخرة جدا وقصيرة الأمد جدا”.
ويأتي نقص الاستثمارات بينما يتراجع فيه فائض الطاقة الإنتاجية ولا يزال الطلب “قويا إلى حد ما” رغم الرياح الاقتصادية المعاكسة العاتية.
ومما يثير القلق أن حقول النفط حول العالم تتراجع في المتوسط بنحو 6 في المئة سنويا وأكثر من 20 في المئة في البعض من الحقول القديمة العام الماضي.
وتشير بعض التقديرات إلى أن استثمارات النفط والغاز تراجعت من 700 مليار دولار في العام 2014 إلى 300 مليار دولار في العام الماضي خاصة وأن الزيادات هذا العام قليلة جدا ومتأخرة للغاية.
وقفز النفط الخام فوق 125 دولارا للبرميل في أعقاب الحرب في شرق أوروبا، على الرغم من انخفاضه منذ ذلك الحين إلى 90 دولارا، بينما سجلت أسعار الغاز الأوروبية ارتفاعات قياسية.
وأوضح الناصر أن فائض الطاقة الإنتاجية الفعلي يبلغ نحو واحد ونصف في المئة من الطلب العالمي وأن مخزونات النفط منخفضة، إلا أن ثمة “عامل خوف” لا يزال يمنع الاستثمارات اللازمة في النفط والغاز ويتسبب في “انكماش” المشاريع طويلة الأجل.
وقال “عندما يتعافى الاقتصاد العالمي، يمكننا أن نتوقع أن ينتعش الطلب أكثر، وبالتالي سينتهي شح فائض الطاقة الإنتاجية حول العالم… ولهذا السبب أشعر بقلق بالغ”.
وتعتقد السعودية أن الطلب على الوقود الأحفوري سيظل قويا لعقود من الزمن وأنه لا يمكن تقليل استخدامه إلا تدريجيا.
ولا تزال الدولة ملتزمة بتحييد انبعاثات الكربون بحلول عام 2060 وتستثمر في الطاقة الشمسية والهيدروجين كجزء من ذلك.
ولفت الناصر إلى أن أزمة الطاقة لا تعني ضرورة تغيير أهداف المناخ، وإنما تعني أن العالم بحاجة إلى خطة أكثر قابلية للتطبيق لتحول الطاقة.
وتعكف أرامكو على خفض كثافة الكربون في المراحل الأولى لعمليات الإنتاج وكثافة الميثان مع تعزيز الجهود لتحديث تقنيات احتجاز الكربون.
وتعمل شركة النفط السعودية مع شركة شلمبرغير الأميركية على منصة استدامة ذكية يمكنها تسويق عدد من الحلول الرقمية ودعم الوصول إلى صافي الصفر الكربوني.
وقال الناصر إن “أفضل مساعدة يمكن أن يقدمها صانعو السياسات وكل أصحاب المصلحة هي توحيد العالم حول خطة تحول جديدة أكثر مصداقية”.