“شورى الدولة”: على يوسف خليل نشر التدقيق الجنائي… فوراً ومن دون إبطاء

سقطت كلّ حجج وزير المالية يوسف خليل وعليه نشر التدقيق الجنائي فوراً. فقد أصدر القاضي الإداري كارل عيراني (مجلس شورى الدولة) قراراً بإلزام وزارة المالية تسليم المفكّرة القانونية، نيابة عن «ائتلاف محاسبة الجرائم المالية»، والمعلومات والمستندات المتوفّرة لديها المتعلّقة بمراحل تنفيذ عقد ‫التدقيق الجنائي‬ الموقّع في 17/09/2021 مع شركة «ألفاريز آند مارشال»، وكل ما هو مفيد من معلومات وتفاصيل لهذه الغاية، وذلك بصورة فورية ودون إبطاء.

‏ورفض القاضي جميع الحجج التي أدلت بها هيئة القضايا في وزارة العدل لردّ الطلب، وأهمّها ذريعة حماية «الأمن القومي المالي» التي اعتبرها القاضي مفهوماً جديداً لم يذكره القانون، فيما يتوجّب تفسير الاستثناءات على الحق في الوصول إلى المعلومات بشكل ضيّق.

‏وشدّد القاضي على واجب الدولة أصلاً ومن تلقاء نفسها إعلام المواطنين بالمراحل التي وصل إليها التدقيق الجنائي خصوصاً بعد انتهاء كلّ المهل المنصوص عليها في العقد وأنّه «من المفترض أن يؤدي هذا التدقيق إلى كشف الأسباب الواقعية والقانونية والمستترة التي أدّت إلى الانهيار المالي للاقتصاد اللبناني». وفي ما يلي نص القرار القضائي:

نص القرار

عملاً بنص أحكام المادة 66 من نظام مجلس شورى الدولة، وبنص المادة 19 من القانون رقم 2017/28، تاریخ 2017/2/10 وتعديلاته (قانون الحق في الوصول الى المعلومات) وبعد الاطلاع على أوراق الملف كافة، وبما أن المستدعية، «جمعية المفكرة القانونية»، تقدمت لدى هذا المجلس بواسطة وكيلها بمراجعة سجلت تحت الرقم 2023/201 تاريخ 2023/6/20 تطلب فيها إلزام المستدعى ضدها تسليم المعلومات المتوفرة لديها ولدى وزارة المالية، وأي مستند مفيد من شأنه إعلامها بما هو واقع الحال الراهن بالنسبة لمراحل تنفيذ عقد التدقيق الجنائي الموقّع بتاريخ 2021/9/17 مع شركة «ألفاريز آند مارشال» وكل ما هو مفيد من معلومات وتفاصيل لهذه الغاية، وتضمين المستدعى ضدها نفقات الدعوى كافة.

إن المراجعة مقدمة ضمن المهلة القانونية ومستوفية سائر الشروط الشكلية وإنها تقدّمت بتاريخ 2023/4/4 بالاشتراك مع الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين، ومرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد في جامعة القديس يوسف، والمرصد الوطني لحقوق المودعين، وجمعية كلنا إرادة، وجمعية الشفافية الدولية- لبنان، بطلب الحصول على المعلومات، الى وزير المالية تطلب فيه تزويدها بالمعلومات المتوفرة لديه، وأي مستند مفيد من شأنه إعلامها بما هو واقع الحال الراهن بالنسبة الى مراحل تنفيذ عقد التدقيق الجنائي الموقع بتاريخ 2021/9/17 مع شركة «ألفاريز آند مارشال» وكل ما هو مفيد، ولم يصدر أي قرار لغاية تاريخه.

حجج الجهة المستدعية

إن قانون الحق في الوصول الى المعلومات منح هذا الحق لأي شخص طبيعي أو معنوي، من دون اشتراط أي صفة أو مصلحة مباشرة، وإن وزارة المالية تدخل ضمن الإدارات المشمولة بحق الوصول الى المعلومات. وان المعلومات المطلوبة تدخل ضمن المعلومات المشمولة بقانون حق الوصول الى المعلومات وفقاً للمادة الثالثة منه. وإن المعلومات المطلوبة لا تدخل ضمن أي من الاستثناءات الواردة في المادة 5 من القانون. وإن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لا تزال خارج الخدمة وان إلزامية المراجعة أمامها لا تزال معلقة لحين مباشرتها العمل فعلياً وفقاً لقرار هذا المجلس رقم 463 تاريخ 2023/4/4.

حجة المستدعى ضدها

وبما أن المستدعى ضدها، الدولة اللبنانية تقدّمت بتاريخ 2023/7/10 بلائحة طلبت فيها رد المراجعة شكلاً وأساساً لعدم قانونيتها وتضمين المستدعية الرسوم والمصاريف كافة، وأدلت بما بيانه: أن المادة 5 من القانون 2021/233 المعدل للقانون رقم 2017/28 نصّت على حق الإدارة بعدم الإفصاح عن عدد من المعلومات ومن بينها ما يتعلق بالأمن القومي، إذ انه مما لا شك فيه أن عقد التدقيق الجنائي الموقع بتاريخ 2021/9/17 مع شركة «ألفاريز أند مارشال» يصنّف ضمن مفهوم الأمن القومي المالي نظراً لانعكاساته ونتيجة التدقيق الجنائي على الأمن القومي المالي. وأن المادة 5 منعت الاطلاع على الوقائع والتحقيقات قبل تلاوتها في جلسة علنية، والمستندات التحضيرية والإعدادية والإدارية غير المنجزة، وأن التقرير الجنائي لم ينجز بعد وهو من المستندات التي لم تتلَ في جلسة علنية، ولها طابع تحضيري غير منجز، ولا يحق لأي كان الاطلاع على التقرير طالما لم ينجز.

بناءً على ما تقدّم

أولاً: في الشكل: بما أن المراجعة مستوفية الشروط الشكلية، فتكون مقبولة شكلاً.

ثانياً: في الأساس: بما أن المستدعية تطلب إلزام المستدعى ضدها الإدارة المختصة – وزارة المالية، تسليمها المعلومات المتوفرة لديها، وأي مستند مفيد من شأنه إعلامها بما هو واقع الحال الراهن بالنسبة لمراحل تنفيذ عقد التدقيق الجنائي الموقع بتاريخ 2021/9/17 مع شركة «ألفاريز أند مارشال» وكل ما هو مفيد من معلومات وتفاصيل لهذه الغاية وبما أن المستدعى ضدها تدلي أولاً بأن عقد التدقيق الجنائي الموقع بتاريخ 2021/9/17 مع شركة «ألفاريز أند مارشال» يصنّف ضمن مفهوم الأمن القومي المالي، ولا يجوز إعطاء المعلومات المرتبطة به سنداً للمادة 5 من قانون الحق في الوصول الى المعلومات التي تضمّنت من جملة ما تضمنت، عدم الإفصاح عن معلومات تتعلق بالأمن القومي، وان عقد التدقيق الجنائي مرتبط بالأمن القومي المالي، وبما أن المادة 5 من قانون الحق في الوصول الى المعلومات نصت على: «تمتنع الإدارة عن الإفصاح عن المعلومات المطلوبة إذا تناولت المواضيع التالية:

الأمن القومي

أسرار الدفاع الوطني والأمن القومي والامن العام…» وبما ان الحظر المنصوص عنه في المادة 5 المذكورة بعدم الإفصاح عن المعلومات يجب أن يفسر بصورة ضيقة، وإلا يترك للإدارة تحت ستار التفسير الواسع، الاستنساب في رفض طلبات الحق في الوصول الى المعلومات، بحجة وقوع الطلب ضمن التعداد الوارد في المادة 5 الذي هو أصلاً تعداد حصري ومحدّد، إذ من شأن ذلك أن يؤدي الى تعطيل تطبيق قانون الحق في الوصول الى المعلومات في كل مرة ترتئي الإدارة عدم تسليم المعلومات المطالب بها. وبما أنه وفضلاً عن أن المستدعى ضدها، الدولة اللبنانية أضافت على المادة الخامسة مفهوماً جديداً وعبارة جديدة هي «الأمن القومي المالي» لم يذكرها القانون، فإن عدم إعطاء المعلومات المتعلقة بالمراحل التي وصل اليها التحقيق الجنائي والنتائج التي توصل اليها، من شأنه أن يعرض «الأمن القومي المالي للخطر»، لما يمثله هذا التدقيق من أهمية لجميع اللبنانيين في ظل الوضع الاقتصادي والأزمة المالية التي أصابت البلاد برمتها وأدت الى الانهيار المالي. وبما انه من واجب الدولة اللبنانية أصلاً، ومن تلقاء نفسها إعلام المواطنين بالمراحل التي وصل اليها تقرير التدقيق الجنائي خصوصاً بعد انتهاء كل المهل الملحوظة بالعقد، أو أقله إعلامهم بالعوائق التي تحول دون إنجازه، وهذا حق لهم خصوصاً وأنه من المفترض أن يؤدي هذا التدقيق الى كشف الأسباب الواقعية والقانونية والمستترة التي أدت الى الانهيار المالي للاقتصاد اللبناني وبما انه، والحالة ما تقدم، يكون السبب المدلى به لهذه الجهة مردوداً لعدم القانونية. وبما أن الدولة اللبنانية تدلي ثانياً بأن طلب المستدعية يتعلق بمستندات لم تتلَ في جلسة علنية، وهو من المواضيع التي أشارت اليها المادة 5 المذكورة. وبما أن البند ب فقرة 1 من المادة 5 من قانون الحق في الوصول للمعلومات ينص على ما حرفيته: «يمنع الاطلاع على المستندات التالية:

الوصول إلى المعلومات

1 – وقائع التحقيقات قبل تلاوتها في جلسة علنية، والمحاكمات السرية، والمحاكمات التي تتعلق بالأحداث وبالأحوال الشخصية. أما مضمون الملفات والدعاوى والمراجعات القضائية، فلا تكون متاحة للاطلاع عليها إلا وفق قوانين أصول المحاكمات المتبعة… وبما أنه يتبيّن بصورة لا لبس فيها ودون حاجة الى اللجوء لأي تأويل أو تفسير أن الفقرة 1 المذكورة تتعلق بواقع تحقيقات قضائية قبل تلاوتها في جلسة علنية، وبجلسات قضائية، ومحاكمات، ولا علاقة لطلب المستدعية به، إذ يقتصر الطلب على إعطاء معلومات إدارية غير مرتبطة على الإطلاق بأي تحقيقات قضائية او دعاوى عالقة لدى المحاكم ما يقتضي معه ردّ السبب المدلى به لهذه الجهة.

طابع تحضيري وإداري غير منجز

وبما ان المستدعى ضدها تدلي ثالثاً بأن التقرير الجنائي هو من المستندات التي لها وبما ان البند ب الفقرة 4 من المادة 5 المذكورة ينص على أنه: المستندات التحضيرية والإعدادية والمستندات الإدارية غير المنجزة… وبما أنه يتبين من طلب المستدعية انه يتضمّن تزويدها بالمعلومات المتوفرة لدى وزارة المالية، وأي مستند مفيد من شأنه إعلامها بما هو واقع الحال الراهن بالنسبة لمراحل تنفيذ عقد التدقيق الجنائي(forensic audit) الموقع بتاريخ 2021/9/17 مع شركة «ألفاريز آند مارشال» (Alvarez&Marsal) وكل ما هو مفيد من معلومات وتفاصيل لهذه الغاية.

وبما أن طلب المستدعية لا يتعلق بمعاملة إدارية غير منجزة أو مستند تحضيري، بل ينص على تزويدها بالمعلومات العائدة لمراحل تنفيذ عقد التدقيق الجنائي والإفادة عن مصيره، وهذا الأمر يخرج عن مفهوم الفقرة 4 من البند ب من المادة 5 ويقتضي بالتالي رد السبب المدلى به لهذه الجهة. وبما أن الحالة ما تقدم، يكون طلب المستدعية متوافقاً مع ما نص عليه قانون الحق في الوصول الى المعلومات، وعلى المستدعى ضدها والإدارة المختصة – وزارة المالية ان تبادر الى تسليمها ما تطلبه دون إبطاء.

تسليم فوري

أولاً: إلزام المستدعى ضدها وزارة المالية تسليم المستدعية المعلومات المتوافرة لديها، وأي مستند مفيد يتعلق بالواقع الراهن بالنسبة لمراحل تنفيذ عقد التدقيق الجنائي الموقع بتاريخ 2021/9/17 مع شركة «ألفاريز آند مارشال» وكل ما هو مفيد من معلومات وتفاصيل لهذه الغاية، وذلك بصورة فورية ودون إبطاء.

ثانياً: تضمين المستدعى ضدها الرسوم والمصاريف كافة.