صندوق النقد للحكومة: هيك ما ماشي الحال

على مدى أسبوعين من الاجتماعات المتواصلة مع المعنيّين في رئاسة الحكومة والوزارات ومصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، تكوّنت قناعة لدى ممثلي صندوق النقد الدولي بأن الخطّة التي عرضها لبنان عليهم، ونوقش الكثير من جوانبها مع المعنيين، غير صالحة كأساس لإقراض لبنان من خلال برنامج تمويلي، لا بل إنها، وفقاً لمعايير صندوق النقد الدولي، ليست ملائمة نهائياً لمعالجة الأزمة.

إلا أن المؤكد أن النتائج والانطباعات التي تولّدت لدى فريق الصندوق، كان لها تأثير كبير على الرئيس نجيب ميقاتي إذ أعادته إلى الواقع، ودفعته إلى التنكّر لكل الخطوات التي أدرجها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضمن الخطة، وإلى الاتصال بمستشار الحكومة المالي، «لازار»، طالباً إجراء تعديلات على بنية الخطّة تتوافق مع ما يطلبه الصندوق. وبحسب المعلومات، فإن فريق «لازار» بدأ بالفعل العمل على اقتراح تعديلات وتحضير السيناريوهات اللازمة، إلا أن الأمر يتطلّب بعض الوقت.

لكن، بالنسبة إلى فريق الصندوق، تبيّن سريعاً من الاجتماعات الأولى مع المعنيين في لبنان، سواء كان نائب رئيس الحكومة أو حاكم مصرف لبنان ومستشاروه ونوابه أو لجنة الرقابة على المصارف أو وزير المال وفريقه، أو غيرهم، أن هناك مقاربات متعدّدة لتوزيع الخسائر، من بينها سيناريو أساسي حدّدته الحكومة يقوم على تصفية نحو 60 مليار دولار من الودائع على مدى 15 سنة عبر أسعار متعدّدة للصرف، وخلق كتلة نقدية بقيمة 695 تريليون ليرة، فضلاً عن تصفية قسم آخر من الودائع عبر آليات من بينها تقديم أصول الدولة ضمانة مقابل تسديد عوائد سنوية

تقول المصادر إن صندوق النقد استفسر عن الخطوات التي ستقوم بها الحكومة اللبنانية لمعالجة الأزمة، سواء عبر الموازنة، أو عبر إعادة هيكلة الدين العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وسأل عن الخطة وأهدافها وحساباتها، وخلص إلى اعتبار أنها غير مقبولة. وبحسب المصادر، فإن الصندوق قال كلاماً واضحاً بهذا الخصوص، وكرّره في أكثر من اجتماع، لكنه كان أكثر وضوحاً في الاجتماع الذي عقده مع رئيسة لجنة الرقابة على المصارف ميا دباغ. كذلك أعرب فريق الصندوق عن الاستياء من أداء لجنة الرقابة التي كانت تمارس تبعية للحاكم بدل أن تمارس استقلاليتها بأداء تقني يتعلق بالقواعد الأساسية لأعمال الرقابة على المصارف، ومن ضمنها الملاءة المالية واحتساب الخسائر والمؤونات وآليات شطبها وفق معايير المحاسبة الدولية…

ومن الدواعي الأساسية لرفض الصندوق للخطة هو أن توزيع الخسائر عبر ضخّ النقد أو «الليلرة» أو «تحويل الودائع من دولار إلى ليرة وفق أسعار صرف متعدّدة»، سيؤدي الى ضخّ هائل للنقد يمتدّ على 15 سنة. وبالتالي، فإنه في ظل العبء المتواصل الذي سيلقيه ضغط الضخّ النقدي على سعر الصرف، تصبح احتمالات اختلال التوازن أعلى، ما ينعكس سلباً على استدامة الدين العام. ففي حسابات سابقة للصندوق كان الوصول إلى الاستدامة يتطلب نحو 9 سنوات، إنما في ظل السيناريو الحالي قد يتطلب نحو 30 سنة. والاختلال سينعكس أيضاً على خزينة الدولة بشقَّي النفقات والإيرادات، ما ينعكس سلباً على العجز ويؤدي إلى انكماش الاقتصاد وتقلّص القدرات الشرائية للمستهلكين. باختصار ستُحدث هذه الخطة بالصيغة التي يقترحها سلامة لتوزيع الخسائر، دماراً هائلاً.

مصدرجريدة الأخبار - محمد وهبة
المادة السابقةفياض: نحتاج سلفة للكهرباء في أول سنة من خطة تحسين القطاع لكي يكون هناك استدامة لاحقًا
المقالة القادمة«البونزي» مجدّداً: من أين سيؤتى بـ25 مليار دولار؟