صندوق النقد هو الحلّ الوحيد.. والإصلاحات «موجعة»

بعد انقطاع التفاوض لأكثر من سنة مع صندوق النقد الدولي بفعل الخلافات على ارقام الخسائر الحقيقية، وتباينها بين حكومة الرئيس السابق حسان دياب وارقام لجنة المال والموازنة المنسجمة مع جمعية المصارف، تكبّد لبنان خسائر هائلة كان في غنى عنها. ومع تشكيل حكومة «معاً للإنقاذ»، تُشخّص الأنظار اليوم مجدّداً على إعادة إحياء المفاوضات ووجوب توحيد الارقام، لإنقاذ لبنان من أزمته الإقتصادية، والأهم الشروع في الإصلاحات التي أوضحها الخبير الإقتصادي ومستشار البنك الدولي سابقاً روك مهنّا.

إنّ حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة له هي 860 مليون دولار، ولكن أُضيف لها في عام 2009 مبلغ 275 مليون دولار، ليصبح المجموع ملياراً و135 مليون دولار، والتي من المفترض أنّها حُوِّلت من صندوق النقد الدولي الى مصرف لبنان في 16 أيلول، وبالطبع يحق للحكومة اللبنانية التصرّف بها. ولكن لا يزال هناك تريث بسبب نقاط عدّة عالقة. أولاً، البطاقة التمويلية التي طال انتظارها وتمويلها هي العقدة الأساسية، وحكي أن يُمَوّل قسم منها من خطة القرض المدعوم من خطة النقد المشترك المموّلة من صندوق النقد الدولي بقرض مدعوم. وأُضيفت إليها أموال أخرى تساعدها أيضاً من تحويل المليار و135 مليون دولار. وهناك رأي آخر، يكمن في الزيادة على الاحتياطي، أي أموال المودعين، والتي تساوي نحو 14 مليار دولار، بهدف دعم سعر الصرف والليرة اللبنانية.

بالنسبة الى البطاقة التمويلية، اعتبر مهنّا، أنّه لو أُقرّت البطاقة من نحو السنة، لكان في إمكانها أن تخدم نحو 90 في المئة من الشعب اللبناني، لأنّ بطبيعة الحال نسبة الفقر كانت أدنى بكثير. أما اليوم، فباتت نسبة الفقر تلامس الـ 78% بحسب الإحصاءات الدولية، ولهذا السبب لن تتمكن البطاقة التمويلية من مساعدة هذه الشريحة ومساعدة اللبنانيين المحتجزة أموالهم في المصارف.

إنّ العقبة الأساسية في مفاوضات صندوق النقد تكمن في تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، ولم يُنفّذ أيّ منها على مدار الحكومات المتعاقبة:

ـ أوّلا، التدقيق الجنائي في مصرف لبنان والقطاع المصرفي والمؤسسات الرسمية التي لطالما طاولتها الشوائب والهدر والفساد.

ـ ثانياً، قانون «الكابيتال كونترول» الذي يكون دائماً شرطاً أساسياً لصندوق النقد الدولي، فكان من المفترض إقرار قانون «الكابيتال كونترول» في اليوم الثاني من بدء الأزمة الإقتصادية في لبنان، وذلك بسبب تهريب أموال النافذين الى الخارج والتي قُدِّرَت بنحو 6 الى 7 مليارات دولار أميركي.

كل هذه الإصلاحات البنيوية ستكون موجعة وغير شعبوية، وفق د. مهنا، وذلك من خلال زيادة الضرائب، الرسوم، وزيادة تعرفة الكهرباء. أما بالنسبة الى القطاع العام، فانهيار سعر العملة وتراجعها قلّصا القدرة الشرائية وفرضا إعادة هيكلة مالية للقطاع. كما انّ سندات الخزينة خُفِّضَت تلقائياً بعد تراجع قيمة الليرة، ويُرتَقّب أن تشهد سندات اليوروبوندز «هيركات» بنسبة 75%، والتي تأتي بذلك بعد مفاوضات صندوق النقد الدولي.

إلى ذلك، اعتبر الخبير الإقتصادي، أنّ حبل النجاة الوحيد اليوم هو «صندوق النقد» الذي قطعاً لا يمسّ بسيادة لبنان، بل على العكس، فالعبرة في التنفيذ والإصلاحات لن تكون شعبوية. اولاً، الحلول الأساسية تكمن في ضبط سعر الصرف والتخفيف من تقلّباته الحادة، لإعادة جزء ولو حتى بسيط من القدرة الشرائية. ثانياً، التخفيف من الهدر والفساد ووضع سياسة تقشّفية والاستثمار في قطاع الاتصالات.

 

مصدرجريدة الجمهورية - شانتال عاصي
المادة السابقةالتعيينات على “نار حامية”
المقالة القادمةشركات تحويل الأموال تتحوّل مكاتب صيرفة