حذرت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، من تزايد الكوارث المناخية في حال الفشل في التصرف سريعاً لمواجهة التغير المناخي، مشيرة إلى أنه «إذا عملنا معاً، وبجدية وسرعة أكبر، فإن مستقبلاً أكثر اخضراراً وصحة ومرونة لا يزال ممكناً».
وأشارت غورغييفا، في بيان صحافي قبل قمة «كوب27» التي تنطلق الأحد المقبل في مدينة شرم الشيخ المصرية، إلى أنه إذا استمر الاحتباس الحراري، يتوقع العلماء المزيد من الكوارث المدمرة على المدى الطويل واضطراب في أنماط الطقس من شأنه أن يدمر الأرواح وسبل العيش ويقلب المجتمعات؛ ما يمكن أن تتبعه هجرات جماعية.
وأوضحت أن الفشل في الوصول إلى هدف المسار بتقليص الانبعاثات والحفاظ على المسار بحلول عام 2030 قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض فوق درجتين مئويتين، ومخاطر التحول ستكون كارثية؛ حيث يصبح تغير المناخ ذاتياً. وشددت على أنه «إذا تصرفنا الآن، فلن يمكننا فقط تجنب الأسوأ، ولكن يمكننا أيضاً اختيار مستقبل أفضل. وإذا تم ذلك بشكل صحيح، فإن التحول الأخضر سيوفر كوكباً أنظف مع تلوث أقل، واقتصادات أكثر قدرة على الصمود، وأشخاصاً يتمتعون بصحة أفضل».
وفي سبيل الوصول إلى ذلك، فإن الوضع يتطلب اتخاذ إجراءات على ثلاث جبهات وأولويات حاسمة، هي سياسات ثابتة للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية عام 2050، وتدابير قوية للتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري المحصورة بالفعل، ودعم مالي قوي لمساعدة البلدان الضعيفة على دفع ثمن هذه الجهود، بحسب غورغييفا.
وأكدت مديرة صندوق النقد أنه من الضروري أن يحد العالم من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من 1.5 إلى 2 درجة مئوية. وبلوغ ذلك بحلول عام 2050 يتطلب خفض الانبعاثات بنسبة 25 – 50 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بـمستويات ما قبل 2019.
وقالت غورغييفا إن «النبأ السار هو أن نحو 140 دولة – تمثل 91 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري – قد اقترحت بالفعل أو حددت أهدافاً صافية صفرية حول منتصف القرن… لكن النبأ السيئ هو أن الخطاب المعلن لا يتطابق مع الواقع».
وطالبت مديرة صندوق النقد ببذل المزيد من الجهد لتعزيز أهدافها لخفض الانبعاثات، لا سيما الاقتصادات الكبيرة. وقالت إن «هناك فجوة أكبر على صعيد السياسة. ففي تحليل جديد لصندوق النقد الدولي، تظهر سياسات المناخ أنها لن تحقق سوى خفض بنسبة 11 في المائة فقط».
ومن أجل اللحاق بالركب، سيتطلب ذلك مزيجاً من الحوافز لدفع الشركات والأسر إلى إعطاء الأولوية للحفاظ على ملاءمة الأهداف المناخية في جميع قراراتهم. وقد يشمل مزيج السياسات المثالي تسعير الكربون، بما في ذلك خفض الوقود الأحفوري، إلى جانب التدابير البديلة التي يمكن أن تحقق نتائج متكافئة، مع مراعاة مستويات الدخل في البلدان المعنية. من الضروري أيضاً تضمين حوافز للاستثمارات الخاصة في مجال الكربون المنخفض، والتقنيات والاستثمارات العامة الصديقة للنمو في البنية التحتية الخضراء، والدعم للأسر الضعيفة.
ويحتوي تحليل صندوق النقد الجديد على توقعات مشجعة لحزمة عادلة من شأنها أن تحتوي ظاهرة الاحتباس الحراري عند 2 درجة مئوية. مع تقدير أن صافي تكلفة الانتقال إلى التكنولوجيا النظيفة ستكون نحو 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2030، وهذا مبلغ ضئيل مقارنة بالتكاليف المدمرة للتغير المناخي غير الخاضع للرقابة… «لكن كلما طال انتظارنا، سيكون إجراء التحول أكثر تكلفة بكثير وأكثر إرباكاً»، بحسب غورغييفا.
وأشارت مديرة صندوق النقد إلى أنه «على الرغم من أن الاقتصادات الأكبر في العالم تسهم أكثر من غيرها في التغير المناخي، ويجب أن تقدم نصيب الأسد من التخفيضات في غازات الاحتباس الحراري العالمية، تدفع الاقتصادات الأصغر أكبر التكاليف ومواجهة أكبر فاتورة للتكيف. وفي الواقع، وبالنسبة لنحو 50 من الاقتصادات منخفضة الدخل والبلدان النامية، فإن تقديرات صندوق النقد الدولي توضح أن تكاليف التكيف السنوية ستتجاوز 1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للسنوات العشر المقبلة».
ودعت غورغييفا إلى نهج مبتكر وسياسات جديدة تحفز المستثمرين من القطاع الخاص على فعل المزيد؛ حيث إن الدعم الحكومي وحده لا يكفي، موضحة أن «التحول الأخضر يجلب الكثير من فرص الاستثمار في البنية التحتية والطاقة وغير ذلك».
وختمت غورغييفا: «يدرك صندوق النقد الدولي الأهمية الحاسمة للتحول الأخضر، ونحن كثفنا هذه المسألة، بما في ذلك من خلال شراكاتنا مع البنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وشبكة (تخضير) النظام المالي، وغيرها. ونحن نقوم بالفعل بدمج الاعتبارات المناخية في جميع جوانب عملنا، بما يشمل المراقبة الاقتصادية والمالية، والبيانات، وتنمية القدرات، مع العمل التحليلي. وأول أداة تمويل طويلة الأجل لدينا، هي صندوق الاستدامة الذي لديه الآن أكثر من 40 مليار دولار من تعهدات التمويل».