ألم تقتنع الحكومة بعد أنه من الخطير الاستمرار في فرض ضرائب ورسوم قبل اطلاق عجلة الانتاج، ونودّ هنا التذكير ان دور الحكومة هو تحقيق الازدهار للناس، لا ان تكون جابي ضرائب لتمويل الخزينة فقط. ففرض الضرائب العشوائية عملية لا تتطلب شطارة او فكراً، لأنّ أي شخص مهما كان مستوى الذكاء عنده قادر على ان يفرض ضرائب عشوائية هنا وهناك، امّا القيادة الحكيمة، والتي تملك فكراً اقتصاديا متقدما، هي القادرة على تحقيق النمو والازدهار والانتاج بأقل مقدار من الضرائب.
وتجربة العقود الثلاثة التي مرّت تثبت انّ المسؤولين الذين تتابعوا خلال هذه الفترة لا يملكون القدرات المطلوبة، فنطلب من المسؤولين الحاليين ان يعيدوا حساباتهم، ويقوموا بتغيير جذري او يرحلوا.
انّ الاستمرار في فرض ضرائب من دون ازدهار وانتاج هو تدمير كامل للاقتصاد وسيؤدي الى هروب كل منتج من لبنان، ولن يفكر اي مستثمر في ان يأتي الى هنا. وبالتالي سيتم تفريغ البلد من الفئات المحرّكة للاستثمارات، مما سيؤدي الى تراكم التعتير والتدهور والشلل.
الفكر الاقتصادي السليم يكون بدعم القطاعات المنتجة عبر وسائل عدة، منها إعادة الانتاجية الى القطاع العام وتغيير شامل وكامل للاجراءات الادارية في لبنان، والتخلص من القوانين الحقيرة والتي تُهرّب المستثمرين، واعطاء اهمية اساسية لتطوير الاستيراد والتصدير وخفض الاكلاف على المنتجين، وغيرها من الخطوات التي نكررها في كل مناسبة.
نشدّد على انّ المطلوب اليوم هو ان نضع الإنتاج قبل الضرائب، لكي يتمّ تأمين فرَص عمل مُنتجة، والانتاج أساسه الشفافية المطلقة واعادة الودائع او ما تبقّى منها الى اصحابها.
وهذه المواضيع لا تناقشها الحكومة او المصارف الّا بطريقة سلبية، ومنها اخيراً الاقتراح ان يتم التدقيق في اصل الودائع قبل اعادتها الى اصحابها، هذه وقاحة وجريمة وعرقلة مُفتعلة لتأخير اعادة الودائع، وكأنّ ما تمّ تقليصه من الودائع غير كاف، لذلك يبحثون عن سُبل لزيادة تقليصها. فمَن سرق الودائع يريد أن يُجري تحقيقاً مع مَن سرقه، هذا في المبدأ. امّا عملياً فهذا الاقتراح يهدف الى عرقلة اعادة الودائع حيث انّ التحقق من أصل الودائع هو عملية معقدة وتتطلب وقتاً طويلاً، خصوصاً انّ كل الودائع عمرها أكثر من اربع سنوات.
ولنتخيّل هذا الحوار بين المودع والمصارف والمصرف المركزي، فيقولون له بكل ثقة: «لم تستطع أن تبرهن أصل وديعتك وانها ليست تبييض اموال او احتيال، وبالتالي اصبحت هذه الاموال ملك للمسؤولين في المصرف المركزي او لأصحاب المصارف». (إستعملتُ كلمة إنسى وديعتك) وفهمكم كفاية.
كفى تضليلاً وإهداراً لحقوق الناس!
ستتمّ محاسبة الجميع يوماً ما على هذه السرقة الوقِحة، وسيستيقظ الناس يوماً ما ليحاسبوا ويَقتصّوا مِمّن ساهم في هذه العملية التي تهدف الى تدمير البلد عبر تدمير الاقتصاد.