شكّلت طريق ضهر البيدر محط اهتمام المسؤولين في الآونة الاخيرة، لا سيما بعد الانزلاقات التي طالتها نتيجة إهمال صيانة الطريق من جهة ونقص التمويل لذلك من جهة أخرى. ما الذي يجعل طريق ضهر البيدر ذات جدوى اقتصادية؟ وما تداعيات إقفالها بالكامل؟ وهل من بديل؟
تحت شعار «اللهمّ اني بلغت» اطلق وزير الاشغال العامة علي حمية صرخة أخيرة توجّه فيها الى النواب الذين يجتمعون اليوم في المجلس النيابي لمناقشة موازنة العام 2024، للالتفاف الى موازنة الاشغال العامة التي رُصد لها مبلغ الـ60 مليون دولار لصيانة الطرق، وهو لا يمثل 20% مما هو مطلوب على مستوى الصيانة لها. وحذّر حمية من انّ عدم الصيانة المزمنة للطرق، سيؤدي إلى تكرار مشاهد انهيارات الطرق وفي أكثر من منطقة. فكيف يمكن للنواب ان يستجيبوا لهذه الصرخة؟ ما اقتراحات التمويل المطروحة؟ هل نقص التمويل هو وحده المشكلة ام غياب المراقبة على السلامة المرورية واعمال اعادة التأهيل والتدعيم ايضاً؟
في هذه الأثناء، ترتفع يومياً مخاطر المرور عبر طريق ضهر البيدر مع استمرار انزلاق التربة وانهيار الصخور، في حين لم تباشر بعد وزارة الاشغال بعمليات الصيانة المستعجلة اللازمة، والتخوف من ان يساهم الطقس الماطر والمنخفضات الجوية المرتقبة المحمّلة بالثلوح خلال الايام المقبلة الى مزيد من الانهيارات ستؤدي حكماً الى اقفال الطريق.
ضاهر: ضريبة للصيانة
في السياق، دعا النائب ميشال ضاهر، الذي يُعدّ مداخلة نارية اليوم في المجلس النيابي حول هذا الموضوع، الى الكف عن إيهام الناس بأنّ لا اموال في خزينة الدولة لصيانة الطرقات أو غيرها، فقد كان مدخول الدولة من الضريبة على القيمة المضافة في المرفأ وحده حوالى مليار دولار العام الفائت ماذا عن بقية موارد الدولة؟ ماذا عن الضريبة على القيمة المضافة من ايرادات الاتصالات؟ ومن الكهرباء؟ ومن المطاعم؟ اين ذهبت كل هذه الايرادات؟ كيف تصرّفت بها الدولة؟ وماذا عن القطاعات العامة التي تدرّ اموالاً على خزينة الدولة، لماذا اقفلت ما يزيد عن العام؟
وأكّد الضاهر لـ«الجمهورية»، انّه لن يصوّت على الموازنة التي ستُناقش اليوم في المجلس النيابي، كما فعل على مدى 5 سنوات حتى اليوم، فهذه الموازنة كسابقاتها كاذبة، وهذه الأكاذيب هي من اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم.
وقال: «سندعو خلال الجلسة اليوم الى رفع موازنة الاشغال العامة بهدف صيانة الطرقات قبل ان تنقطع الطرقات عن بعضها داخل البلد، أما اذا كان هذا مستحيلاً، سأقترح فرض ضريبة قيمتها دولاراً واحداً على كل تنكة بنزين، من شأنها تأمين 120 مليون دولار تُخصّص حصراً لصيانة الطرقات». ورداً على تقبّل الناس لفكرة ضريبة جديدة قال ضاهر: «لا يمكن اتهامي بفرض ضريبة على المستهلك، لأنّه بهذه الطريقة سيوفّر المستهلك من كلفة تغيير العجلات وصيانة السيارة التي غالباً ما تتكسر من طرقات لبنان، ويقلّل من حوادث السير، ويوفّر وقتاً على الطرقات… لكن الأهم ايجاد آلية شفافة تضمن حسن استعمال الاموال المجباة».
ورداً على سؤال، عن سلامة طريق ضهر البيدر، قال ضاهر: «تواصلت يوم الاثنين مع الوزير حمية، واتضح لنا انّ هناك شركة تجري حالياً دراسة لتأهيل الطريق والتوجّه راهناً نحو دعم الطريق بصخور مع صب باطون عليها كأسرع حل ممكن، لأنّ الطقس راهناً لا يساعد في التوجّه نحو حل آخر، نحن مجبورون على انتظار فصل الربيع للذهاب نحو حل أكثر فعالية، مثل تركيب «بايلات».
وأكّد ضاهر أن لا اقفال لطريق ضهر البيدر، وبالتوازي باشرت فرق وزارة الأشغال أمس بتدعيم طريق ترشيش التي تربط المتن بالبقاع، وردم الحفر وإزالة الردميات لتسهيل مرور السيارات، لافتاً الى انّ الشاحنات حولت سيرها نحو هذه الطريق.
الترشيشي
أما عن أهمية طريق ضهر البيدر، وعما اذا كان يمكن لطريق ترشيش ان تكون بديلاً، قال رئيس «تجمع مزارعي وفلاحي البقاع» ابراهيم الترشيشي لـ»الجمهورية»: «يُعتبر طريق ضهر البيدر الشريان الحيوي الذي يصل منطقة البقاع بمنطقة الساحل والعكس، تمرّ عليه بشكل رئيسي المنتجات الزراعية ومصدرها الرئيسي الاراضي السورية او الاردن او العراق…»، وأكّد ان المنتجات التي تدخل البقاع من المناطق الساحلية هي أكثر بكثير من تلك المغادرة، ومصدرها الرئيسي مرفأ بيروت او مرفأ طرابلس، حيث يتمّ نقل المستوردات الى البقاع التي تغذي قطاعات الصناعة والزراعة.
أما ابرز النقليات التي تتمّ من الساحل باتجاه البقاع عبر طريق ضهر البيدر فهي صهاريج النفط التي يصل عددها الى نحو 300 صهريج يومياً ما بين مازوت وبنزين، الى جانب المستلزمات الزراعية من اسمدة وأدوية ومعدات زراعية وكل ما يحتاجه المزارع في البقاع، الى جانب شحنات الأتربة ومصدرها شكا وسبلين، الترانزيت الواصل عبر البحر يعبر طريق ضهر البيدر باتجاه سوريا والعراق.
وأكّد الترشيشي انّ بقية الطرقات المتوفرة التي تربط الساحل بالبقاع غير كافية وغير عملية، وهي معرّضة بدورها الى الانهيار أو الاقفال بسبب تراكم الثلوج، عدا عن انّها غير مؤهلة لسلوك شاحنات بالأعداد التي تستوعبها طريق ضهر البيدر، لذا لا يمكن القول البتة انّ هناك طرقاً بديلة لها.
وتابع: «هناك عدة طرق تؤدي الى البقاع، منها طريق الارز، طريق القبيات الذي يؤدي الى عكار-الهرمل، طريق فاريا حدث بعلبك، طريق ترشيش، طريق من البقاع الى مرجعيون نحو الجنوب، الّا انه لا يمكن اعتبار اياً منها بديلاً لطريق ضهر البيدر لأنّها اطول وأكثر كلفة. فعلى سبيل المثال، تبلغ كلفة نقل كل طن من الساحل الى البقاع او العكس 10 دولارات حالياً، لكن في حال اعتماد اياً من تلك الطرقات المذكورة فحكماً سترتفع كلفة النقل الى ما لا يقلّ عن 20 دولاراً وهذه كلفة كبيرة، ستنعكس على اسعار السلع».
واعتبر الترشيشي انّ المتضّرر الاكبر جراء اقفال طريق ضهر البيدر في حال حصل هو الانتاج الزراعي والصناعي والمحروقات…
ورأى انّ الحل الأمثل اليوم اصلاح الطريق بأسرع وقت ممكن وقدر المستطاع، للحؤول دون انهيارها، إما الذهاب نحو انشاء نفق يربط بيروت بالبقاع وهو مشروع حلم للبقاعيين، إما انهاء مشروع الاوتوستراد العربي المتوقف من سنوات.
مصلحة الابحاث تحذر
في سياق متصل، حذرت مصلحة الابحاث العلمية الزراعية الى انه في ظل الامطار التي تهطل حالياً على ارتفاع ١٦٠٠ متر وما دون مما يؤدي الى تشكل السيول، وفي ظل تشبع التربة في الجبال والتربة تحت الطرقات بالمياه وحتى وصول درجات الحرارة المنخفضة أوائل الاسبوع المقبل بحيث تتحول المتساقطات الى ثلوج على ارتفاع ١٢٠٠ متر، وفي ظل مرور السيارات والشاحنات على الطرقات المختلفة مثل ضهر البيدر وترشيش وفي ظل غياب الصيانة منذ سنوات فإن هذه الطرقات مهددة بمزيد من الانزلاقات ان كان من التربة عن الطرفين أو انزلاق التربة تحت الطرقات مما يشكل خطراً على جميع السيارات والشاحنات.
ودعت المصلحة الاجهزة المعنية وقوى الامن متابعة الموضوع حتى لو اضطروا الى منع السير عليها.