يؤكد المختصون أن ألعاب الفيديو من أبرز أشكال الترفيه في العالم منذ أن أطلقت شركة سوني قبل ربع قرن جهاز بلايستايشن الرائد، ولكنهم يرون مع ذلك أن التنوع المتزايد لمليارات اللاعبين يعيد تشكيل هذه الصناعة.
وتشير العديد من البحوث إلى أن الألعاب الإلكترونية في طريقها إلى أن تصبح قوة عملاقة في صناعة الترفيه والتسلية في حياة البشر، نظرا إلى الارتفاع المتسارع في نسب مستخدميها مقارنة بالألعاب التقليدية ووسائل الترفيه الأخرى.
وتستعد شركة التكنولوجيا اليابانية العملاقة ومنافستها الأميركية مايكروسوفت لإطلاق أحدث أجهزتهما في الأيام المقبلة، في منافسة تجري في سوق عالمية تقدر قيمتها بنحو 175 مليار دولار، وهي أعلى من سوقَي الأفلام والموسيقى مجتمعتين.
ويرجح المختصون أن يزيد حجم هذه السوق خلال سنوات قليلة بفضل الطفرة التي أحدثتها التكنولوجيا المتقدمة، والتي دفعت عمالقة القطاع إلى توظيف كل إمكانياتهم من أجل الظفر بمشتركين جدد من جميع أنحاء العالم.
ويقول محللون إن ألعاب الفيديو التي كان ينظر إليها سابقا على أنها ترفيه متخصص موجه إلى الشبان، استفادت من الدفع الكبير الذي حصل في التسعينات لجذب المزيد من الزبائن، وكانت سوني مع جهاز بلايستايشن قائدة الطريق في كسر الحواجز الاجتماعية.
ويوضح غيلهيرم فرنانديز مستشار التسويق في شركة نيوزو للألعاب الإلكترونية في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه “خلال العقدين الماضيين، شهدنا توجها قويا نحو تعميم استخدام الألعاب”.
وقطعت ألعاب الفيديو شوطا طويلا منذ ظهور أول ماكينات أركيد بدائية في سبعينات القرن الماضي مع عروض مثل بونغ وباكمان وسبيس أنفيدر.
ويبدو أن الأمر تغير كثيرا خلال السنوات الماضية بفضل التطور التكنولوجي المتسارع، حيث قال فرنانديز إنه “قبل 25 عاما، كان معظم الناس لا يزالون يعتبرون الألعاب شكلا هامشيا من أشكال الترفيه”.
وتربط عدة تقارير اقتصادية النمو السريع لسوق الألعاب التكنولوجية بالزيادة الكبيرة في عدد أصحاب الهواتف الذكية واستخدامهم لتطبيقات الأجهزة المحمولة.
وكذلك، أصبح اللاعبون أكبر سنا في الكثير من الأسواق الرئيسية، الفئة العمرية للاعب في الولايات المتحدة هي بين 35 و44 عاما وفقا لجمعية أنترتينمنت سوفتوير أسوسييشن.
وبعد بلايستايشن، أطلقت مايكروسوفت جهاز إكس بوكس في عام 2001 تلاه جهاز وي من نينتندو في عام 2006، لتثور بعدها فورة الهواتف الذكية التي ساهمت في ارتفاع شعبية الألعاب الإلكترونية.
ووفق تقديرات شركة نيوزو المتخصصة في مجال الألعاب الإلكترونية، فإن هناك ما يقارب من 2.7 مليار لاعب في أنحاء العالم، نصفهم تقريبا من النساء.
ويشير الخبراء إلى أن القدرة على شراء الأجهزة ساهمت أيضا في جذب جمهور إضافي، فقد استطاعت سوني أن تصل إلى فئات واسعة من المجتمع نظرا إلى السعر المنخفض لأول جهاز بلايستايشن أطلقته والذي أثبت نجاحا تجاريا.
ويقول مايكل جاكوبسون منسق الأبحاث في معهد أم.آي.تي للألعاب “إذا صححنا التضخم، فإن وحدات التحكم أرخص بكثير اليوم مما كانت عليه في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. لقد كانت نوعا من الترفيه للطبقة المتوسطة العليا في ذلك الوقت”.
ونظرا إلى أن الألعاب الإلكترونية أصبحت هواية عالمية منتشرة على نطاق واسع، فقد تم تحدي الانطباع السائد بأنها للشبان حصرا. ويوضح فرنانديز “يأخذ المطورون التنوع على محمل الجد بشكل متزايد، ويزيدون من عدد بطلات الألعاب من الإناث”.
ومع ذلك، لم يكن هذا التحول سلسا وجاء بعد سنوات من التوعية بكراهية النساء والتنمر والسلوكيات السامة الأخرى التي كانت متفشية في ثقافة الألعاب الإلكترونية.
وقد أجبرت الصناعة على التحرك بعد أول موجة مضايقة في العام 2014 أطلق عليها اسم “غيمر غايت” التي بدأت بعدما اتهم الحبيب السابق لمطورة الألعاب الأميركية زوي كوين زورا أنها تسعى للحصول على تقييمات إيجابية مقابل ممارسة الجنس.
وواجهت كوين تهديدات بالاغتصاب والقتل، وتم تسريب معلوماتها الشخصية عبر الإنترنت. كما تعرضت نساء يعملن في الصناعة وشخصيات نسوية أخرى للتهديد من قبل أشخاص غاضبين من الجهود المبذولة لتحسين التمثيل النسائي في الألعاب الإلكترونية.
واتهم عمالقة الألعاب الإلكترونية بالتسامح مع الانتهاكات أو التغاضي عنها. وكتبت أنيتا سركيسيان الناقدة الإعلامية والتي كانت عرضة لبعض المضايقات على موقع بوليغون العام الماضي “قد يكون من الصعب أحيانا شرح مدى وحشية غيمر غايت وقسوتها”.
وقد نددت شركات الألعاب الكبرى بمثل هذا السلوك وقدمت تعهدات بزيادة التنوع بما في ذلك إضافة شخصيات نسائية كبطلات. ورغم الجهود المبذولة، يقول النقاد إن الإساءات والمحتوى لا يزالان يمثلان مشكلة في الصناعة، بين اللاعبين وشركات الألعاب.
وقامت شركة يوبيسوفت إحدى أكبر شركات صناعة الألعاب في العالم، بطرد بعض كبار مسؤوليها التنفيذيين هذا العام بعد موجة من الاتهامات بالتحيز الجنسي والتحرش التي هزت المجموعة.