عائدان من كازاخستان يرويان تفاصيل ساعات الرعب: عصي وحديد وأوجاع قوية

بعد تعرّضهم للضرب والترويع، عاد لبنانيون وفلسطينيون من كازاخستان إلى لبنان، حيث حطّت طائرة طيران الشرق الأوسط رحالها في المطار فجر اليوم، منهية أياماً من الرعب عاشها مَن كان على متنها مع عدد كبير من جنسيات عربية، على خلفية نشر صورة على مواقع التواصل الاجتماعي للشاب إيلي داود مع كازاخستانية اعتُبرت مسيئة بحق الفتاة والبلد.

وأشرف الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، مكلفاً من رئيس الحكومة سعد  الحريري، على عودة نحو 126 عاملاً لبنانياً مع عائلاتهم من كازاخستان إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، في حضور قنصل كازاخستان في لبنان ومدير شركة ccc يوسف كنعان وذوي العمال.

وعند وقوع الأحداث أعلن المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، أن “السفيرة اللبنانية في عاصمة كازاخستان نور سلطان تتابع تداعيات حادثة الشغب التي جرت في موقع تنغيز النفطي غرب كازاخستان (2000 كلم عن العاصمة)، ضمن المخيم التابع لشركة CCC، والتي نتج عنها عدد من الجرحى من جنسيات مختلفة ومنها لبنانية تعمل في الموقع”. كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للبناني إيلي داود، الذي كان السبب وراء الواقعة، قدّم فيه اعتذاراً من شعب كازاخستان عن أي إساءة قد يكون تسبّب بها لزميلته في العمل، مشدداً على أن الصورة التي تمّ التقاطها لم تكن بهدف الإساءة على الإطلاق.

ساعات من الرعب

“الصورة ليست إلا الشرارة التي أطلقت الحقد الدفين في قلب العمال الكازاخستانيين على العمال العرب بسبب التمييز في الأجور بين الاثنين، وبعد مطالبات عدة أطلقوها لرفع أجورهم من دون أن تلقى آذاناً صاغية، جاءت الصورة التي نشرها إيلي مدخلاً لتفجير غضبهم”، بحسب ما قاله حسن خليل (30 سنة) أحد العائدين من كازاخستان إلى لبنان، والذي تعرّض للضرب المبرح على أيدي المئات من أبناء هذه الدولة، حيث شرح لـ”النهار” ساعات الرعب التي عاشها وزملاءه: “تفاجأنا بالصورة يوم الجمعة الماضية، قيل لنا إنهم سيجدون حلاًّ للأمر، يوم السبت قدمنا إلى العمل، كانت الامور تسير بشكل طبيعي حتى الساعة التاسعة والنصف صباحاً، حين بدأ العمال الكازاخستانيون بالانتشار ضمن مجموعات كبيرة بالمئات لا بل بالآلاف، صعدوا إلى المكاتب الرئيسية، بعدها قصدوا المكاتب التي أعمل بها كمهندس مساحة وغيرها، ضربوا بداية موظفاً عربياً، سارعت ومن معي إلى إغلاق الباب وإحكامه بالكراسي، إلا أنهم تمكّنوا من دخوله بطريقة وحشية وبدأوا ضربنا بكل ما أوتيوا من قوة، والفيديوات التي انتشرت ما هي إلا نقطة في بحر ما عانيناه”.

ضرب وحشي

“بالعصي والحديد وما تيسّر في المكان ضُربنا، على وجهنا وكامل أنحاء جسدنا، وحتى اللحظة أشعر بأوجاع قوية في صدري”، قال حسن قبل أن يضيف: “تمّ إخراجي من المكتب، فتحت عينيّ لأرى آلاف العمال يحيطون بي، وأحدهم يرشّ الماء على وجهي، لأغيب من جديد عن الوعي، وعندما استيقظت وجدت نفسي في المستشفى، بعدها نُقلنا إلى المدينة. وكي لا تسوء الأمور، لم يعاودوا أخذنا الى المستشفى، انتظروا يومين كي تهدأ الاوضاع لنقلنا الى المطار وبعدها الى لبنان عبر طائرة الميدل إيست”، لافتاً الى أنه” قبل خمس سنوات دفعتني البطالة في لبنان الى الهجرة من أجل العمل، فأنا ربّ أسرة، ووالد لفتاة أبحث عن عيش كريم لها، وكدت أن أخسر حياتي وأنا بعيد عنها، وبعد الذي حصل لا أعلم ان كنت سأعود الى هذا البلد، فلم أتخذ القرار المناسب بعد”.

تطور دراماتيكي

كذلك كان يوسف حسن (26 سنة) الذي قصد كازاخستان قبل 10 أشهر، متواجداً في شركة النفط والغاز حيث يعمل ميكانيكياً، حين انقلبت الامور رأساً على عقب الا أنه كما قال: “حالفني الحظ أنني كنت بعيداً عن المكان الذي حصل فيه الضرب”، شارحاً: “بدأت الامور بتظاهرة للعمال الكازاخستانيين قبل توجههم الى المكاتب وتكسيرها، ثم بحثوا عن إيلي داود من دون أن يجدوه، ليبدأوا بعدها بضرب كل عربي وجدوه، نحو ثلاث ساعات بقيت الأمور تسير على نحو جنوني الى أن تمكّن الأمن من ضبط الوضع، ونُقلنا الى فندق في المدينة تم تشديد الحماية عليه خوفاً من خروج الوضع عن السيطرة”، وشرح “العمال في شركة C.C.C وأنا واحد منهم تمكّنا من جلب جوازات السفر، في حين أن العمال في المشروع الاميركي لم يتمكنوا من التوجه الى مكان سكنهم لجلبها بسبب تجمعات العمال الغاضبين، لذلك لا يزال شقيقي في كازاخستان”، مشيراً الى أنّ “ما حصل كان نتيجة التراكمات وليس الصورة التي نشرت، فأساس القضية أجور العمال الكازاخستانيين”، وعمّا إن كان يفكر بالعودة من جديد الى كازاخستان، أجاب “بالتأكيد كون لا فرص عمل في لبنان”.

مصدرالنهار
المادة السابقةقيومجيان: 1067 طناً من القمح سيوزع على اللبنانيين والنازحين
المقالة القادمةخطيبة الشهيد حسن فرحات تنشر صورة لهما قبل استشهاده بساعات