عصابات تغزو الأحراج وحطب عكار يغزو لبنان

بعدم اكتراث، وبلا خوف أو وجل، تسرح وتمرح عصابات قطع الأشجار من غابة إلى أخرى، ومن نفق شجر معمر إلى آخر، تاركة وراءها جرائم بيئية كبرى في حق الغابات والأشجار النادرة التي طالما تميزت بها طبيعة عكار الغنية.

لا توفّر آلة القطع منطقة أو بلدة أو قرية في عكار، إلا وتعمل على تشويه المنظر الطبيعي والجمالي فيها. من الجرد إلى القيطع والدريب والجومة، تعمل ليلاً ونهاراً في محاولة لتجريد الطبيعة العكارية من نقاط قوتها. كل يوم يمرّ من دون إجراءات رادعة حقيقية وفعلية تخسر الطبيعة الكثير من الأشجار، وذلك بشهادة أهالي المناطق والعارفين بالأمر وبما يجري من استباحة على الأرض.

وعلى سبيل المثال، نفق الكينا المعمّر على طريق عام لبنان – سوريا في محلة «تل اندي» في سهل عكار، فقد تبيّن أنّ أشجاره تعرّضت لأبشع عملية إبادة جماعية على يدّ أحد الحطّابين الذي استحصل على رخصة من مأمور الأحراج المعني وراح يقطع ما تيسّر له وما لم يتيسر، فاستفاق أهالي المنطقة بسرعة على الأمر ونظّموا حملة مدافعة عن النفق الشجري، وتمكّنوا بعد جهد من إثبات أنّ النفق موجود في الأملاك العامة ومنعوا الحطّاب من الإجهاز عليه بالكامل. أمّا غابات بلدة فنيدق فتتعرّض هي الأخرى لحملة إبادة كبرى لا تهدأ منذ أشهر، ولم تعد الأمور تقف عند شخص أراد أن يؤمّن بعض الحطب للتدفئة في فصل الشتاء في ظل غلاء المازوت، كما كان يروّج، فعمليات القطع مستمرة حتى في عز الصيف، وشهدت أشهر حزيران وتموز وآب تواصل عمليات القطع من دون انقطاع، في غابات العزر والشوح واللزاب والسرو والصنوبر البري وغيرها.

واعتبر المفتش الديني في عكار الشيخ خالد إسماعيل أنّ قطع الأشجار والغابات في فنيدق– القموعة وباقي قرى عكار «جرائم منظمة في حق الطبيعة من «تجّار فجّار» لا يحترمون المجتمع ولا يقيمون وزناً للعطاء الإلهي، المتمثّل بهذه الطبيعة الجميلة التي هي حق لكل إنسان ولا يحقّ لأي كان أن يأخذ القرار بقطعها». وأضاف: «ناشدنا كثيراً وما زلنا نناشد مع كل الغيارى على الطبيعة أن يكون تحرّك الأجهزة الأمنية المعنية والوزارات المختصة أقوى وأفعل، وإلا فلن يبقى من الغابات شيء. القطع الجائر محرّم شرعاً، وكل مردوده على التجار حرام، لأنه يستبيح شيئاً لا يملكه، إنما هو ملك عام ذو منفعة شاملة».

وطالب المختار علي بدر اسماعيل بـ»تفعيل أجهزة وزارة الزراعة والبيئة والأحراج والضرب بيد من حديد على يد عصابات القطع والمجرمين في حق البيئة والطبيعة والإنسانية».

يشار إلى أن تجّار الحطب ما عادوا يأبهون لشيء ويقومون بأعمالهم تلك ليلاً ونهاراً، ففي النهار تشحيل الأشجار من رأسها حتى أسفلها، لتسهل عليهم في الليل عملية قطعها. ويشار أيضاً إلى أنّ طن الحطب الواحد يباع بين 100 و 150 دولاراً أميركياً. ووصل بيع حطب عكار إلى كل المناطق اللبنانية، بحسب ما يقول الأهالي.

 

مصدرنداء الوطن - مايز عبيد
المادة السابقةتعديل سقوف السحوبات وفق التعميم 151
المقالة القادمةموسم التفاح: سِباق مع تصريف الإنتاج