قال وزير الصناعة جو عيسى الخوري إن لبنان يفتح الآن أبوابًا واسعة للاستثمار في خمس مجموعات صناعية ذات أولوية: الصناعات الغذائية والمشروبات، الصناعات الاستهلاكية والتجميلية، الصناعات الإبداعية، الصناعات التكنولوجية المتقدّمة، والصناعات الدوائية والصحّية وصناعة القنب الطبي.
شارك عيسى الخوري، أمس في افتتاح الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات في العاصمة السعودية الرياض، في حضور ممثلي 173 دولة عضو في المنظمة، إضافة إلى مراقبين دوليين وممثلين عن القطاع الخاص.
افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني السعودي، تلاه تقديم عرض فيلم موجز عن تطوّر الاقتصاد الصناعي والاستثمارات في البنى التحتية والمشاريع الصناعية في المملكة. ثمّ تمّ انتخاب وزير الصناعة والثروة المعدنيّة السعودي بندر بن ابراهيم الخريّف رئيسًا للدورة الحادية والعشرين. كما تمّ التجديد للمدير العام الدكتور غيرد مولر.
وفي كلمة لبنان ألقاها عيسى الخوري في الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعيّة (يونيدو) المنعقد في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات في العاصمة السعوديّة الرياض، أعلن أن لبنان يحمل قصّة صمود، وفي جعبته رؤية للمستقبل.
الاقتصاد يقوم على الصناعة
وجاء في نصّ الكلمة التي ألقاها الوزير عيسى الخوري أمام الجمعيّة العموميّة: “واجه بلدنا خلال الأعوام الماضية سلسلة أزمات متراكمة: أزمة مالية غير مسبوقة، انهيار بنيويّ في الخدمات العامة، وأخيرًا حرب مدمّرة خلّفت أضرارًا اقتصادية جسيمة، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية. ولكن رغم كلّ هذا، برزت حقيقة لا يمكن تجاهلها: الصناعة اللبنانية لم تهزم. فالصناعيون لم يغلقوا مصانعهم، والعمّال لم يتخلوا عن خطوط الإنتاج. بل على العكس، تطوّر القطاع الصناعي ليصبح أكبر رب عمل خاص في لبنان، يضمّ أكثر من 250,000 وظيفة، وأكثر من 7,000 مؤسسة، ومساهمة تفوق 9 مليارات دولار في الناتج المحلي. هذا الصمود ليس حدثًا طارئًا، بل هو امتداد لعمق تاريخي. فالصناعة في لبنان ليست قطاعًا مستجدًا، بل هي جذورنا: من الصناعات الغذائية، إلى الأدوية، إلى الأثاث والمجوهرات، وصولًا إلى الصناعات التكنولوجية (Semiconductors and Robotics).
الاستراتيجية الوطنية للصناعة
منذ أسبوعين، أطلقنا الاستراتيجية الوطنية للصناعة، وهي خارطة طريق متكاملة تهدف إلى إعادة هيكلة قطاعنا الصناعي وتحويله إلى محرّك للنمو والاستقرار، وإلى رافعة لتعافي الاقتصاد اللبناني. وتقوم هذه الاستراتيجية على خمسة محاور أساسية:
– تحديث البنية التحتية.
– بناء بيئة أعمال تنافسية وجاذبة للاستثمار.
– تصنيع حديث… مستدام… ودائري.
– تعزيز الصادرات وإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية وتحسين جودة صنع في لبنان.
– أخيرًا تمكين الكفاءات والمهارات.
إن هذا الإطار الوطني يتماشى بالكامل مع إطار برنامج لبنان 2025 – 2029 الذي نعمل على مناقشته مع “يونيدو”، والذي يشمل الطاقة المتجدّدة، والاقتصاد الدائري، وتطوير سلاسل الصناعات الزراعية، وتحسين مهارات القوى العاملة.
لبنان لا يكتفي بوضع خطط، بل يفتح الآن أبوابًا واسعة للاستثمار في خمس مجموعات صناعية ذات أولوية: الصناعات الغذائية والمشروبات، الصناعات الاستهلاكية والتجميلية، الصناعات الإبداعية، الصناعات التكنولوجية المتقدمة، والصناعات الدوائية والصحية وصناعة القنب الطبي.
هذه القطاعات تشكل فرصًا استثمارية لتطوير منصات تعاون دولي، ولبناء جسور تربط الصناعات اللبنانية بشركاء عالميين. لذلك، أدعو من هذا المنبر جميع الدول الأعضاء، والشركات العالمية، وجميع الحاضرين، إلى النظر إلى لبنان كوجهة استراتيجية للاستثمار الصناعي لعدة أسباب:
– موقع لبنان الاستراتيجي يتيح تطوير Nearshoring و Offshoring.
– لبنان يمتلك كفاءات بشرية مبدعة مع أعلى معدلات التعليم، وقوة عاملة متعدّدة اللغات، ومجتمعًا رائدًا في الابتكار.
– القطاع الخاص في لبنان قطاع مرن ومستعد لإقامة شراكات استثمارية.
– ولبنان منفتح على التكنولوجيا الجديدة كالذكاء الاصطناعي وتصنيع الروبوتات.
لبنان يخرج من أزمته ليس بالاستسلام، بل برؤية صناعية جديدة، آملًا أن يحظى بشركاء دوليين يؤمنون بإمكاناته. إن بلادنا تمتلك المقوّمات لتكون من جديد بيتًا للصناعة، منصة للابتكار، وجسرًا اقتصاديًا بين الشرق والغرب. فباسم الحكومة اللبنانية، أؤكد لكم:
لبنان جاهز للأعمال. نحن نملك المواهب والإبداع والإرادة، ونرحّب باستثماراتكم وخبراتكم”.
ووجه الوزير عيسى الخوري “تحية تقدير للمملكة العربية السعودية على قيادتها الإقليمية في التنويع الاقتصادي والصناعة المتقدّمة وعلى استضافتها هذا المؤتمر.
لقاءات
وكان عيسى الخوري أجرى محادثات مع رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض المهندس عبداللّه بن عبد الرحمن العبيكان، وحضر رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين سليم الزعني. وبحث المجتمعون فرص تعزيز التعاون بين قطاعي الأعمال بالبلدين.
كما التقى وزير الصناعة المغربي رياض مزور، واتفقا على أهميّة القيام بزيارات متبادلة تضمّ رجال أعمال وصناعيين للتعرّف أكثر على الفرص المتاحة في كلا البلدين.
واجتمع عيسى الخوري أيضًا مع رؤساء وفود آخرين ومسؤولين في “يونيدو” عن المكتب العربي. كما حرص ممثلون إقليميّون للمنظمة وسفراء دول أوروبيّة كانوا معتمدين في بيروت، على الاجتماع مع وزير الصناعة. وأكدوا له وضعهم الإمكانات المتوفرة لديهم في مساعدة لبنان.
وكان توافق وزيرا الصناعة اللبناني والسعودي عيسى الخوري وبندر بن إبراهيم الخريّف على أن العلاقات بين بلديهما تسودها الثقة المتبادلة المبنية على أسس صلبة وتاريخية من التبادل والودّ والاحترام. وأشادا بحسن العلاقات وبتطوّرها نحو المزيد من الثبات، ونحو الأفضل.
هذه المواقف أتت في لقاء الوزيرين عشيّة تفقدهما قاعات الاجتماعات التي احتضنت الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو).



