أقرّ مجلس الوزراء، في الأسبوع الماضي، اللجوء إلى منصة “بلومبيرغ”، لتكون بديلاً عن منصة “صيرفة”… اليوم في عالم المال لا أحد يعرف إذا ما كانت هذه الخطوة صحيحة أم ستكون خطوة إضافيّة بإتجاه الانهيار، خصوصا أنّ مصرف لبنان استنزف أموالاً طائلة من الاحتياطي للمحافظة على استقرار سعر الصرف، وأثبتت التحقيقات عدم شفافية “صيرفة” حينها… فما هي “بلومبيرغ”، وما سيكون دورها في المرحلة المقبلة؟.
ما بين “صيرفة” و”بلومبيرغ”
“الأكيد أن منصة “بلومبيرغ” ليست أبداً بديلاً عن منصّة صيرفة، إذ عبر الأخيرة كان مصرف لبنان يستند إلى المواد 82 و83 من قانون النقد والتسليف، التي تسمح له أن يبيع ويشتري ويتدخل في السوق”. هذا ما تؤكّده الاستاذة في القانون المصرفي في الجامعة اللبنانية سابين الكيك، شارحةً عبر “النشرة” أن “منصة “صيرفة” كان فيها عمليات تتمّ مع مصرف لبنان بيعاً وشراءً، أما منصة “بلومبيرغ” فليست منصّة تداول بل منصة “داتا” معلومات لسوق العرض والطلب”.
وترى الكيك أن “التهليل لاقرار هذه المنصّة واعتبارها أمراً هاماً يعود سببه إلى أنه سيكون هناك شفافية وستسجل عليها جميع العمليات، كما أنّ سعر الدولار عليها سيكون مقبولاً دولياً”، وتشير إلى أن نجاح هذه المنصّة مرتبط بتسجيل كافة العمليات عليها وبأن يقوم مصرف لبنان باعتمادها، بمعنى آخر أن يقوم بالغاء كافة التعاميم واعتماد سعر وحيد في المصارف وغيرها… من هنا فإنّ أدوات نجاح المنصّة ليست لدى “بلومبيرغ” بل لدى مصرف لبنان، ومدى قدرته على الزام المصارف والصيارفة على تسجيل كافة العمليات عليها.
آليات نجاح “بلومبيرغ”
بدوره، يعتبر الخبير الاقتصادي ميشال فياض أنه “على عكس صيرفة، يجب أن تكون المنصّة الجديدة في متناول أيّ شخص يرغب في شراء أو بيع العملات في السوق، لتعكس سعر الصرف الحقيقي والحر. ومع ذلك، فإنّ التفاصيل حول الجديدة وآلياتها لا تزال غير واضحة في الوقت الحالي”، مشيراً إلى أن “صيرفة لم تقدّم الدولارات إلا لعدد محدود من البنوك المتميّزة أو موظفي القطاع العام”.
“أقرّت منصّة “بلومبيرغ” في مجلس الوزراء ولكن لها تكلفة مرتفعة وهي بالدولار”. وهنا تلفت الكيك إلى أنه “يجب تأمينها وهي استنزاف أيضاً”، وتذهب أبعد من ذلك، لتشدّد على أنّ “اعتماد “بلومبيرغ” بشكل صحيح يعني وجود سعر صرف موحد، ما يعني أننا سنتوقف عن الدفع للقطاع العام بالشكل الذي نفعله، وأرقام الموازنة ستتغيّر كما أنّ دولار المصارف لا يمكن أن يبقى 15 ألف ليرة”.
الشفافية معيار
في حين أنّ فياض يرى أن “منصّة بلومبيرغ لن تقوم بمعالجة نفس الحجم الذي تعالجه صيرفة بسبب القواعد الصارمة وبرنامج KYC المشارك (اعرف عميلك)، وبالتالي لن يرتفع سعر صرف الدولار إذا تمّت مراقبة عمليّة شراء الليرة”، معتبراً أن “استخدام بلومبيرغ يمكن أن يقدم حلاً من حيث الشفافيّة، مقارنة بصيرفة، لتحديد سعر الليرة”.
وتعود الكيك لتشرح أنّ “سعر الدولار هو كم نحن بحاجة اليه مقابل وجود الاحتياطي، ونحن قادمون على مرحلة نحن بحاجة فيها إلى الدولار بشكل أكبر”، لافتةً إلى أننا “في فصل الشتاء بحاجة إلى استيراد الفيول للتدفئة، كما أنّ كمية الدولارات ستنخفض مع إنتهاء الموسم السياحي، وبالتالي سيعاود الدولار ارتفاعه”.
في المحصّلة، علينا انتظار الأيام المقبلة وبدء تطبيق منصة “بلومبيرغ” لنرى فعاليتها… وتتجه الانظار إلى تأثيرها على سعر صرف الدولار وعلى بقية الأسعار، فهل تعتمد كسعر موحد حتى لدولار المصارف؟.