يواجه عملاق وادي السيليكون غوغل خطر تفكيك أجزاء من أعماله المربحة في أوروبا بعدما اتّهمته الجهة التي تتولى مكافحة الاحتكار بالهيمنة على سوق الإعلانات للقضاء على المنافسة.
وقالت مارغريت فيستاغر مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة خلال مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي، إن “وحدة شركة ألفابت استفادت من برنامجها لتبادل الإعلانات على حساب منافسيها”.
وأكدت أن غوغل عززت دورها المحوري في سلاسل توريد تكنولوجيا الإعلانات، فضلاً عن تمكنها من فرض رسوم مرتفعة مقابل الخدمة التي تقدمها. وأضافت فيستاغر “من وجهة النظر المبدئية للمفوضية يمكن أن يعالج تقسيم جزء من خدمات غوغل المخاوف المتعلقة بالمنافسة”.
وأشارت إلى أن غوغل موجودة على جميع المستويات تقريباً في ما يطلق عليه سلاسل توريد تكنولوجيا الإعلانات، و”مصدر قلقنا الأساسي هو أن الشركة ربما استخدمت مكانتها السوقية للاستفادة من خدمات الوساطة التي تقدمها”.
وترى المفوضية الأوروبية أن صدور أمر محتمَل للشركة بإجراء تعديلات على سلوكها قد لا يكون كافياً لمعالجة السلوك المستغِلّ، ما سيفتح الباب أمام صدور أمر محتمَل بحق الشركة لفصل مجال تكنولوجيا الإعلانات عن خدماتها الأساسية.
وانخفضت أسهم غوغل بنصف نقطة مئوية إلى 123.2 دولاراً في تعاملات ما قبل افتتاح جلسة التداول الخميس على خلفية الاتهامات.
ويقول خبراء إن قضية الاتحاد الأوروبي تشكل هجوما مباشرا على “الصندوق الأسود” للإعلانات على الإنترنت، إذ تحسب غوغل تلقائياً وتعرض المساحات الإعلانية والأسعار للمعلنين والناشرين بمجرد أن ينقر أحد المستخدمين على رابط لصفحة إلكترونية.
وتعتبر الإعلانات على الإنترنت أكثر أنشطة ألفابت ربحية، وقد استحوذت على 80 في المئة من إجمالي الإيرادات في العام الماضي، محقّقة نحو 225 مليار دولار.
وتأتي لائحة الاتهام الجديدة بعد ثلاث قضايا سابقة رفعها الاتحاد الأوروبي ضد غوغل، فُرضت بموجبها غرامات على الشركة بأكثر من 8 مليارات يورو منذ 2017.
وشملت تلك الغرامات سوء استخدام غوغل لسيطرتها على نظام تشغيل الهواتف وعملها في البحث وعمليات عرض الإعلانات. وما زالت الشركة تدافع عن براءتها.
وتُعتبر لائحة الاتهام خطوة رسمية تحدّد مخاوف الأوروبيين بشأن سلوك معين تعتبره المفوضية الأوروبية مضرّاً بالسوق. وقد ناشدت ذراع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار الشركة لتقديم حلول.
ورغم أن لوائح اتهام مكافحة الاحتكار قد تمهّد الطريق لفرض غرامات تصل إلى 10 في المئة من مبيعات الشركة العالمية، فإنها نادراً ما تبلغ هذا الحد، ما يعني أن التأثير في أرباح شركات “وادي السيليكون” سيكون على الأغلب محدوداً.
لكن الجهات التنظيمية في أرجاء أوروبا حوّلت مسارها للإصرار على إصلاحات أشد حزماً، بما يتضمن إجراء تغييرات على نماذج أعمال الشركات، ما قد تكون تكلفته أكبر بكثير.
كما أنها وافقت على سلسلة من القواعد الجديدة في محاولة للتصرف قبل فوات الأوان لمنع الشركات الأكثر نفوذاً من القضاء على المنافسة في الأسواق.
ولطالما احتفظت غوغل بموضع مهمّ يمكّنها من جمع البيانات التي تسمح للمعلنين باستخدام الإعلانات الموجهة، إلى جانب بيع المساحات الإعلانية، وتقديم التقنية التي تسمح للمعلنين بإيجاد الناشرين لبيع مساحاتهم الإعلانية. وفتح الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى تحقيقاً في ممارسات غوغل في تكنولوجيا الإعلانات عام 2021.
وما زال تحقيق المفوضية يفحص احتمال تعطيل الشركة وصول منافسيها إلى بيانات المستخدمين بغرض الإعلان على الإنترنت، إلى جانب احتمال حصرها استخدام البيانات على الشركة. كما تحّقق هيئة حماية المنافسة في المملكة المتحدة في ممارسات “غوغل” في تقنية الإعلانات.
وما زالت الدعوى المرفوعة ضد الشركة بخصوص سلوكها مستمرة في الولايات المتحدة، باعتبارها واحدة من 3 دعاوى مختلفة رفعتها وزارة العدل الأميركية، بخلاف الدعوى المرفوعة من مجموعة من الولايات والدعوى المرفوعة من المعلنين والناشرين. ويعتقد المحللون أن تؤدي تلك القضايا إلى صدور أمر للشركة بفصل ذراعها الخاصة بتكنولوجيا الإعلانات عن نشاطها الأساسي.