على الرغم من نفي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديثه التلفزيوني أمس علمه بأي اهتمام مصرفي أردني أو عراقي لشراء مصارف لبنانية، يؤكد الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، وسام فتوح، أن الاهتمام العربي لا يقتصر فقط على مستثمرين من الأردن والعراق بل من عدد من الدول العربية الأخرى، من الخليج ومصر وغيرها. كما أن الأمر لا يقتصر على الإهتمام النظري، بل أن الأمر تُرجم بلقاءات ثنائية جرى فيها البحث بإمكانات الاستثمار المصرفي في لبنان.
تجعل الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية التي يمر بها لبنان مسألة الإقبال على الاستثمار في البلد أمراً باعثاً على التفاؤل، لاسيما في ظل تقاعس السلطة السياسية عن صوغ حلول، تحديداً على مستوى القطاع المصرفي وإعادة هيكلة المصارف والإصلاحات الاقتصادية والمالية.
من هنا، أخذت مسألة كشف فتوح لاهتمام عربي بالاستثمار المصرفي حيزاً واسعاً من النقاشات والتداول الإعلامي. وعن عدم علم مصرف لبنان بالأمر، أوضح فتوح في حديثه إلى “المدن” أن النقاشات لم تصل إلى مرحلة إبلاغ مصرف لبنان، وعرض الموضوع رسمياً عليه. فهي لا تزال في طور الاهتمام والاستطلاع.
اهتمام جدّي
وإذ يجزم فتوح بوجود اهتمام عربي شديد للاستثمار المصرفي، تحديداً في لبنان، يوضح “أنا لم أقل إن الأمور وصلت إلى مرحلة المفاوضات، إنما هناك رغبة جدّية واهتمام جدّي بالاستثمار المصرفي، لاسيما بالمصارف التي ليس لديها مطلوبات وديون كبيرة. ولاحقاً، يمكن أن تصل الأمور إلى مرحلة إبلاغ الجهات الرقابية ومصرف لبنان من قبل البائع، وليس من حقنا نحن أن نبلغ عن أي من هذه الأمور”.
ويشدد فتوح على أن اتحاد المصارف العربية لمس اهتماماً من العديد من المستثمرين والمصارف العربية، من جنسيات مختلفة، منها خليجية ومصرية وليست فقط أردنية وعراقية، للاستحواذ أو تملك مصارف لبنانية. والاهتمام توجه إلى المصارف الصغيرة تحديداً. وقد حصلت منذ أشهر لقاءات ثنائية مصرفية بين عدد من المستثمرين ومصارف لبنانية.
ويلفت فتوح إلى انعقاد مؤتمر لرجال الأعمال والمصارف في بيروت لأول مرة في الأسبوع الأول من شهر آب المقبل (3 آب)، كاشفاً عن ترتيب لقاءات ثنائية بين رجال أعمال عرب ومصرفيين لبنانيين، “وسنحاول استقدام مستثمرين للبنان سواء بالقطاع المصرفي أو الصناعي أو الزراعي أو أي جانب آخر”.. ثم يسكت قليلاً ويقول: “نحن مهمتنا جمع هؤلاء المستثمرين. وهم عليهم ترجمة اهتماماتهم. فلو لم يكن هناك قبول واهتمام كبيرين بالاستثمار في لبنان، لما كنا سنقدم على هكذا مؤتمر. ثم أن الاستثمار لا يحصل بشكل مفاجئ، بل يبنى على دراسات السوق والتدقيق بمالية المؤسسة المعنية، ووضع دراسات جدوى وغيرها. لذلك القرارات تأخذ وقتاً قبل أن تصل إلى الجهات الرسمية”.
أهمية الاستثمار
وعن مدى أهمية الإقبال العربي اليوم، في ظل الأزمات، على الاستثمار في القطاع المصرفي في لبنان، يلفت فتوح إلى أن لبنان بلد واعد، ومن حق أي مصرف أن يحاول التسويق لنفسه والتفاوض مع مستثمرين جدد، وعلى أساسها ينطلق بالمسارات الرسمية. داعياً إلى إقامة المؤتمرات لتحسين صورة لبنان والتشجيع على الاستثمار بمختلف القطاعات، على أمل النهوض بالقطاع المصرفي. ويقول فتوح “أنا متفائل. فالدمج والتملك عبر الحدود هو أمر صحي”.
ويضيف: “هذه الخطوة صحية. فانعكاسها إيجابي. وهي بداية استرجاع الثقة بالقطاع المصرفي. وهو ما يشكل حافزاً لترشيد الإدارة وتحسين الأصول بأي مصرف، لأن بعض المصارف اللبنانية مهتمة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، إن لجهة الشراكة أو الاستحواذ الكامل”، يقول فتوح.
لبنان بلد صغير ولديه قرابة 60 رخصة مصرف. من هنا، فإن أي دخول للمصارف الأجنبية إلى بلد ما، هو عامل إيجابي، ومن شأنه خلق منافسة بالخدمات المصرفية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن دخول مصارف أجنبية إلى لبنان لا يعني، حسب فتوح، أنها ستحل محل المصارف الوطنية.
وعلينا الاعتراف بأن اللبنانيين فقدوا ثقتهم بالمصارف اللبنانية، وإن أي دخول لمصارف أجنبية إلى لبنان، ستستحوذ على ثقة أكبر. ومن الممكن أن تستحوذ على حصة سوقية أكبر في لبنان. باختصار، يقول فتوح، إن دخول مصارف عربية إلى لبنان هي مكملة للمصارف اللبنانية، ولن تحل محلها.
مع الإشارة إلى أن في لبنان 12 مصرفاً عربياً، منها مصري وكويتي وإماراتي وبحريني وقطري وليبي وعراقي وغير ذلك.