إنه زمن «البزنس». الوظيفة لم تعد تطعم خبزاً. تبحث السيدات اليوم عن عمل آخر، يعود عليهنّ بالربح المالي. بعضهنّ قرّرنَ العمل «online» في تسويق السلع والبضائع، حتى بات هذا العمل مهنة الكثيرات. أمّا الأخريات، فقرّرن ابتكار فرصة عملهن بمشاريع حرفية صغيرة، وهذا ما برز في معرض «فرصة امرأة» الذي شكّل نافذة اقتصادية لسيدات عرضن مشاريعهن، في قاعة مركز كامل يوسف جابر في النبطية برعاية وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، علّهنّ يحظين بدعم أو فرصة تسويق.
الشابة ولاء الهسي، هي واحدة من بين 50 امرأة وشابّة شاركن في المعرض، لعرض ما صنعت يداها من الزجاج والمرايا. تُظهر رؤيتها الخاصة في العمل، تجده هوية لكل باحث عن شيء مميز، لأن «المرآة هي الأنا». بدأت بمشروع المرايا الذي تقدمه بشكل مختلف، ترسم بواسطتها هويّة كل واحد، وتُذيّله بعبارات خاصة. ما تبحث عنه ولاء هو تأسيس كينونتها الإقتصادية.
تطوّر عملها الصغير لتساعد والدها في تأمين متطلبات إخوتها الستة. فهي كما تقول: «أصبحت أمّهم بعد رحيل والدتها قبل خمس سنوات». تمضي طالبة الإعلام، ساعات في صناعة أعمالها، من الكتابة على الأكواب والمرايا إلى سلاسل المفاتيح وغيرها. تطمح إلى تطوير مشروعها وصناعة علامتها التجارية. طموح تسعى إليه كل السيّدات المشاركات في المعرض، الذي طرح السؤال عن غياب المصانع. فتطوير أي مشروع يحتاج إلى مصنع، وإلا بقيت المبادرات والصناعات في إطار العمل الفردي.
إنّه المعرض الأوّل الخاص بصناعات المرأة. كل شابة وسيدة أتت بأعمالها الخاصة بها وإن تركّز معظمها على الحرفيات، التي عادت لتحتلّ الواجهة الإقتصادية للنّساء اليوم. ما شجع ابنة بلدة الشوف إخلاص الحجّار على توسيع نشاطها في الحياكة أو ما يعرف بـ»الكروشيه». بدأت عملها مع بداية الأزمة، أدخلت إليه تقنيات خاصة بها، حتى أنها حاكت القُبعات وحقائب البحر وغيرها، فضلاً عن العديد من الأعمال التي زاد الطلب عليها في الآونة الأخيرة. وتقول الحجّار إنّ «الأوضاع الراهنة دفعت كل سيدة للبحث عن مهن تؤمّن لها المردود المالي»، مؤكّدة أنّ «قوّة المرأة من قوّتها الإقتصادية».
أمّا زينب ابنة الزرارية فتشير إلى أن «العمل هو سلاح المرأة». قررت أن تتمتّع باستقلال اقتصادي وذاتي. ترى أنّ الأشغال الحرفية التي تصنعها من خرز، رائجة بين الشباب، فهي تحمل طابعاً جديداً. قبل شهرين فقط، بدأت زينب مشروعها بمساعدة شقيقتها طالبة الطب. بدأتا بحياكة السلاسل والحلق وغيرها، تصنعان من اللاشيء موضة رائجة. تتطلب دقّة وصبراً، فأقل قطعة تحتاج بين يومين وأسبوع عمل، وتباع بين 3 و6 دولارات.
إنها الفرصة إذاً التي تبحث عنها كلّ المشاركات. سارة الأمين، سيدة أعادت تدوير الطاولات القديمة بشكل فني، سعر الواحدة 40 دولاراً. تشير إلى أن الطلب لافت، لأن ما تصنعه غير مألوف، وهو صناعة يدوية. لا تقتصر أعمال سارة على التدوير بل في حياكة «العباءات» وتزين الفخّاريات. إختارت سارة مشروعها هرباً من أزمتها بعد خسارتها ابنتها وزوجها. وجدت في صناعتها فرصة لتعالج جروحها، وتؤسس لصناعتها الخاصة، غير أنّها عاتبة على الدولة، مضيفة: «نحن نُقدم أفكاراً مميزة، لكنّها تبقى صغيرة ومحدودة. ولكن لو كان لدينا مصانع، لكنّا طورنا أعمالنا وقمنا بتصدير إنتاجنا إلى الخارج».
المصانع غائبة في جنوب لبنان، أو أقلّه بقيت محدودة نسبيّاً، تقتصر على صناعات خفيفة، في وقت بدت توضح أهمية الصناعة في الخروج من الأزمة، كما أسهمت صناعة الدواء في حلّ معضلة الإستيراد. إذ يُمكن لصناعة الملابس، الحرفيات، الأحذية وغيرها أن تُساهم في تحسين ظروفه الإقتصادية، بدل الإتكال على استيراد السلع وتصدير الشباب إلى المهاجر.