هل فكّ موظفو الإدارات العامة البالغ عددهم نحو 15 ألفاً إضرابهم المفتوح الذي مضى عليه أكثر من شهر ونصف، أم أن ما يحصل هو عملية فكفكة لوحدة موقف الموظفين من خلال الزامهم بالعودة الى العمل في كل دائرة على حدة؟
سؤال يطرح نفسه مع عودة عدد من موظفي الإدارات العامة الى العمل، بعد الاجتماع الذي حصل بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمدراء العامين انتهى بالتأكيد على ما تم اقراره من اللجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الأزمة المالية التي انعقدت الأسبوع الماضي، لناحية منح مساعدة مالية اضافية تعادل قيمة راتب كامل وبدل نقل يومي بقيمة 95000 ل. ل يستفيد منها جميع مَن شملهم القرار شرط استئناف العمل.
وكذلك اعطاء تعويض انتاج عن كل يوم حضور فعلي الى مركز العمل في الادارات العامة وتعاونية موظفي الدولة وذلك لشهري آب وايلول على النحو الآتي: 150000 ل. ل لموظفي الفئة الخامسة وما يماثلهم من المتعاقدين والأجراء ومقدمي الخدمات و 200000 ل. ل لموظفي الفئة الرابعة، 250000 ل.ل لموظفي الفئة الثالثة، 300000 ل.ل لموظفي الفئة الثانية، و 350000 ل. ل لموظفي الفئة الأولى.
واشترطت اللجنة ألا يستحق تعويض الإنتاج الا بحضور الموظف فعلياً الى مركز عمله ثلاثة ايام على الأقل اسبوعياً خلال الدوام الرسمي. كما طلبت اللجنة من الرؤساء التسلسليين اتخاذ الاجراءات الادارية والتأديبية، بما فيها الاحالة الى التفتيش المركزي والهيئة العليا للتأديب بحق من يتخلّف من المعنيين عن الحضور من دون مسوغ قانوني لمدة يومين على الأقل، وتطبيق أحكام نظام الموظفين بحق من ينقطع عن الحضور من دون مبرر لمدة 15 يوماً لجهة اعتباره مستقيلاً من الخدمة.
وفي اجتماع اللجنة الوزارية الأخير الذي عقد امس برئاسة ميقاتي، تقرّر الطلب من المؤسسات العامة التي تسمح موازناتها بدفع زيادة الانتاج وفقا للآلية والشروط التي نص عليها المرسوم رقم 9754 تاريخ 28-7-2022 اتخاذ الاجراءات الآيلة الى ذلك بحسب الأصول. أما بالنسبة الى باقي المؤسسات العامة فيطلب اليها تقديم طلب الى وزارة المالية للبحث في امكانية تأمين الاعتمادات المطلوبة لها استناداً الى دراسة مالية ترفع من خلال سلطة الوصاية. كما طلب من الأجهزة الأمنية كافة اعداد دراسة بشأن قيمة المبالغ المطلوبة لتأمين المساعدات اسوة بما حصل مع موظفي القطاع العام ورفعها الى وزارة المالية لدراستها ومناقشتها في الاجتماع المقبل للجنة.
تلك المشهدية التي تدلّ على أن الإضراب الى زوال شيئاً فشيئاً، تقابلها أخرى معاكسة من قبل رابطة موظفي الإدارات العامة التي ترأسها نوال نصر والتي أصرّت خلال حديثها الى “نداء الوطن” على أن “الإضراب مستمرّ”.
وأضافت: “إن قرار التمسّك بالإضراب من قبل الرابطة اتخذ بعد استشارات الموظفين واستبيان أعدته بيّن أن نسبة 80% من موظفي الإدارات العامة مع الإضراب المفتوح، وهناك شبه إجماع من الغالبية الساحقة من الهيئة الإدارية على متابعة الإضراب. وعزت عودة بعض الموظفين الى عملهم “جرّاء ضغوطات معينة مورست عليهم من الوزراء”، مؤكّدة أن الموظفين غير منقسمين ولا يزالون يداً واحدة.
ووصفت عودة بعض الموظفين الى عملهم بالخرق البسيط للاضراب “بل تشويه له من قبل الذين يقطنون بالقرب من عملهم ويطمعون بالقرش الإضافي لأنهم يعيشون كفاف يومهم”. مؤكّدة أن “هؤلاء سيلتحقون بالإضراب مجدداً لأن صرختهم عادت لتعلو خصوصاً في ظلّ عدم تأمين مستلزمات الطبابة والاستشفاء والتعليم”.
وكانت بعض الوزارات لا تزال تعمل طوال فترة الإضراب مثل وزارة الصناعة والعمل وبعض موظفي وزارة الإقتصاد والزراعة مداورةً و”بخجل”… إلا أن دوائر المالية التابعة لوزارة المال عاد موظفوها أمس الى العمل استناداً الى القرارات التي صدرت عن اللجنة الوزارية. وكذلك أعلن “اتحاد النقابات العمالية للمصالح المستقلة والمؤسسات العامة” في بيان أمس، تعليق إضرابه لغاية 10 آب ضمناً بعد أن قررت اللجنة الوزارية توصية بتطبيق مرسوم تعويض الانتاجية على العاملين في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة.