«قبلة حياة» لاتفاق التجارة الأميركي ـ الصيني

بعد تصعيد واسع النطاق من الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوحى بتجميد اتفاق التجارة مع الصين، وردود فعل غاضبة من بكين على استهداف واشنطن للعديد من شركتها، ما أدى إلى توقعات بانهيار الاتفاق، أعاد كبار المسؤولين التجاريين في الولايات المتحدة والصين تأكيد التزامهم باتفاق المرحلة واحد التجاري الذي شهد تخلف الصين عن التزاماتها بشراء سلع أميركية، مما مثل «قبلة حياة للاتفاق التجاري»، وأعطى دفعة للأسواق المالية أمس.

وجرى التعهد بذلك خلال مكالمة هاتفية بين الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين من جهة، ونائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي من الجهة الأخرى، في أول حوار رسمي لهما منذ أوائل مايو (أيار) الماضي، وسط مخاوف من أن الاتفاق لا يقف على أرض ثابتة بسبب تدهور علاقات الولايات المتحدة والصين.

وقال مكتب الممثل التجاري الأميركي في بيان، بعد ما وصفه بمكالمة مقررة بانتظام: «كلا الجانبين يرى تقدماً ويلتزمان باتخاذ الخطوات الضرورية لضمان نجاح الاتفاق».

وكان من المتوقع إجراء المكالمة في الأصل في 15 أغسطس (آب)، أي بعد ستة أشهر من إطلاق اتفاق التجارة. لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي عبر على نحو متكرر عن غضبه من الصين بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، قال قبل أيام إنه أجل المحادثات مع الصين لأنه «لا يريد التعامل معها الآن».

وتبادلت واشنطن وبكين العقوبات والانتقادات اللاذعة حول قائمة متنامية من القضايا من بينها قانون الأمن القومي الجديد المفروض على هونغ كونغ ومطالبات الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه وفيروس كورونا واتهامات من الولايات المتحدة إزاء تهديدات للأمن القومي تشكلها شركات التكنولوجيا الصينية.

وأكدت وزارة التجارة الصينية أن الجانبين أجريا «حواراً بناء»، وأعلنت الوزارة أنّ «الطرفين اتفقا على تهيئة الظروف والأجواء لمواصلة دفع تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة».

وقال مكتب الممثل التجاري الأميركي إنهما «تناولا الخطوات التي اتخذتها الصين لتنفيذ تغييرات هيكلية حيز التنفيذ» بشأن مسائل من بينها حماية حقوق الملكية الفكرية وإزالة العوائق أمام الشركات الأميركية في قطاعي الخدمات المالية والزراعة وإنهاء عمليات النقل القسري للتكنولوجيا. وأضاف: «ناقش الطرفان أيضاً الزيادات الكبيرة في مشتريات الصين من المنتجات الأميركية، وكذلك الإجراءات المستقبلية اللازمة لتنفيذ الاتفاق». ودفعت أنباء الاتصال الأسهم العالمية والعملات الآسيوية إلى الصعود.

وبحسب بيانات رسمية، فإن مشتريات الصين من السلع الأميركية تقل كثيراً عن الوتيرة المطلوبة لتلبية زيادة في العام الأول تبلغ 77 مليار دولار المحددة في الصفقة. وبينما كثفت الصين في الآونة الأخيرة شراء سلع زراعية منها فول الصويا، فإنها لا تزال بعيدة عن الوفاء بالتزامها بشراء ما قيمته 36.5 مليار دولار من السلع الزراعية الأميركية بموجب الاتفاق، وهي المشتريات التي اعتمد عليها ترمب لتعزيز دعمه في الولايات الزراعية التي أيدته في انتخابات عام 2016.

وصدّرت الولايات المتحدة سلعاً زراعية إلى الصين في النصف الأول من العام بقيمة 7.274 مليار دولار فحسب، وفقا لمكتب الإحصاء الأميركي. وقال تاجر سلع زراعية مع شركة صينية مملوكة للدولة لـ«رويترز»، رافضاً الكشف عن هويته لكونه ليس مخولاً بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن التعليقات الأميركية «أظهرت أنهم يعتقدون أننا سنستمر في الشراء من الولايات المتحدة، على الأقل قبل إجراء الانتخابات. وسنقوم بذلك». وأضاف «سنحافظ بالتأكيد على موقفنا لشراء أكبر قدر ممكن، ولكن من الصعب حقاً تحديد ما إذا كان يمكن الوصول إلى الأهداف».

واشترت الصين خمسة في المائة فقط من منتجات الطاقة المستهدفة البالغة 25.3 مليار دولار من الولايات المتحدة في النصف الأول من عام 2020. وقد حجزت شركات النفط الصينية المملوكة للدولة ناقلات لنقل ما لا يقل عن 20 مليون برميل من الخام الأميركي لشهري أغسطس وسبتمبر (أيلول).

وقبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) وفي ظل تراجع ترمب في استطلاعات الرأي، ضاعفت الإدارة الأميركية في الآونة الأخيرة هجماتها على الصين. غير أن الاتفاق التجاري كان وعداً قطعه ترمب للمزارعين الأميركيين الذين عانوا كثيرا من الحرب التجارية ولا سيما مع خفض بكين استيراد منتجات مثل الصويا.

وبمعزل عن الخصومة التجارية، تمتد الخلافات بين البلدين إلى مجال التكنولوجيا، إذ تضغط واشنطن من أجل شراء تطبيق «تيك توك» التابع لمجموعة صينية، ولمحاصرة مجموعة هواوي الصينية العملاقة للاتصالات التي تشتبه بأنها تقوم بأنشطة تجسس لحساب السلطات الصينية. وتسعى الإدارة الأميركية لإقناع حلفائها باستبعاد هواوي من نشر شبكة إنترنت الجيل الخامس «5 جي».

وفي أول جولة يقوم بها في الخارج منذ أزمة كوفيد – 19، يزور وزير الخارجية الصيني وانغ لي اعتباراً من الثلاثاء خمس دول أوروبية سيدعو فيها محاوريه إلى عدم الرضوخ للضغوط الأميركية بشأن هواوي. وكان لي ندد الاثنين لدى استقباله نظيره المجري في الصين بـ«المضايقات من طرف واحد» التي تمارسها الولايات المتحدة ودعا إلى فتح الأسواق بشكل متبادل.

 

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةالبرازيل تتروى في إعلان حزمة إجراءات لدعم الاقتصاد
المقالة القادمةالرئيس عون يطلب من اللواء خير الإسراع في إجراء عمليات مسح الأضرار الناتجة عن الإنفجار