قرار وزارة العمل: الأمر للنقابات المهنية

«… مع التقيّد بالشروط الخاصة بالمهن المنظَّمة بالقانون». بهذه العبارة، خُتمت المادة الثانية من قرار وزير العمل مصطفى بيرم (القرار 96/1 الصادر في 25 تشرين الثاني الماضي) المتعلّق بالمهن الواجب حصرها باللبنانيين، والتي نصّت على استثناء كل من الفلسطينيين ومكتومي القيد وأبناء وأزواج اللبنانيات من لائحة تلك المهن، والسماح لهم تالياً بمزاولتها، خلافاً لبقية الأجانب. وبموجبها، يكون القرار الذي رأى فيه كثيرون «خرقاً» لمسار «حماية» اليد العاملة اللبنانية (من العمالة الفلسطينية تحديداً) وتمهيداً لـ«التوطين»، قد «أقصى» العاملين في مهن كالطب والهندسة والمحاماة والصيدلة والتمريض والعلاج الفيزيائي وغيرها من المهن المنظّمة عن الاستثناء. وعليه، قد تبقى ممارسة هذا النوع من المهن محظورة على هذه الفئات التي استبشرت في القرار خيراً ما لم تتخذ نقاباتها قراراً بـ«الامتثال» لقرار الوزير.

يرى مسؤول البرامج الوطنية في المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية جاد ياسين، أن التحدّي الأكبر الذي قد يحول دون تطبيق القرار يتمثّل بمبدأ المعاملة بالمثل الذي تفرضه القوانين لممارسة بعض الأعمال كالطب والهندسة، «وصحيح أن الفلسطينيين المولودين في لبنان تم إعفاؤهم من مبدأ المعاملة بالمثل في ما خصّ الاستحصال على رخصة عمل، إلّا أن هذا الإعفاء لا يمتدّ الى المهن المنظّمة عبر قانون كالتي سبق ذكرها (أي الطب والهندسة والمحاماة)، وبالتالي تبقى هذه المهن محظورة عليهم»

وهذا ما يؤكده المُستشار القانوني لوزير العمل الدكتور عصام إسماعيل لجهة أن قرار ممارسة العامل الفلسطيني (وغيره من العمال المشمولين بالاستثناء) لتلك المهن متوقّف على إجازة الجهات المعنية بهذه المهن له بممارستها، «فالمهن المحصور ممارستها بالانتساب إلى نقابة تبقى خاضعة لقوانينها الخاصة ولا تخضع لرقابة وزارة العمل ولا لحمايتها، ولا يمكن تبعاً لذلك أن ترخص الوزارة لأي جهة بممارسة مهنة من دون ترخيص مسبق من الجهة المنوط بها صلاحية الترخيص». ويرمي ذلك الكرة في ملعب النقابات والجهات الوصيّة عليها لكي تقرر بنفسها إذا ما أرادت «الامتثال» للقرار أو لا.

وإلى تحدّي التقيّد بشروط المهن المنظّمة بالقانون ومبدأ المعاملة بالمثل، ثمّة تحدٍّ آخر، وفق ياسين. إذ إن القرار لم يُعفِ المُستثنين من الحصول على رخصة عمل، «ما يزيد من كلفة توظيفهم على أصحاب العمل، حاجة هؤلاء العمال الماسّة إلى العمل تجبرهم على القبول بالعمل غير المنظّم بما أن البديل الوحيد في أغلب الحالات هو بقاؤهم عاطلين من العمل». انطلاقاً من ذلك، يلفت ياسين إلى أن نسبة كبيرة من العمل في لبنان هو عمل غير منظّم، «ما يضعف من قدرة التشريعات والقرارات الحكومية على تغيير الواقع». لذلك، من الضروري تحسين تطبيق قوانين العمل، وخصوصاً أن موضوع العمالة غير المنظّمة هو إحدى أهمّ المشكلات التي يهدف هذا القرار إلى حلّها بما أنه يزيل عراقيل قانونية تواجهها هذه الفئات المهمّشة في الوصول الى العمل اللائق في بعض القطاعات، و«القانون ليس المعرقل الوحيد»، و«لا يمكن مجابهة ظاهرة العمل غير المنظّم من دون فرض تشريعات العمل ومراقبة تطبيقها بشكل فعّال وناشط بما يتطلّبه ذلك من استثمار في الهيئات الرقابية».

 

مصدرجريدة الأخبار - هديل فرفور
المادة السابقةواشنطن للمصارف: أنتم جيّدون… تعاونوا أكثر!
المقالة القادمة«الصحّة» تفتح باب «الاستيراد المبدئي» للأدوية؟