توكيل الصرافين مهمة تزويد الدولار بموجب مستندات ثبوتية الى فئات محددة من المواطنين، يجعل من لبنان أول بلد في العالم يعيد مهمة المصارف الى الصرافين الذين – يوم لم يكن هناك مصارف في القرن الرابع عشر – كانوا يجلسون وراء مقاعد Banks في مقاطعة لومبارديا الايطالية يتداولون بالعملات والاذونات والشيكات، واذا حصل ان ارتكب أحدهم مخالفة كان مندوب البلدية في المدينة يشطب له ترخيصه ويكسر له مقعده أو بنكه Bank. ومن هنا جاءت كلمة «البنك» ومعها العبارة الشائعة «انكسر البنك» يوم لم تكن المهنة قد تطورت الى المصارف الحديثة التي عاد جزء من مهامها في لبنان – في زمن حكومة التكنوقراط «العصرية»- من المصارف الحديثة الى مهنة الصرافة القديمة كي توزع على فئات محددة من اللبنانيين كميات محدودة من الدولارات وبموجب مستندات قد تنتقل عدواها قريبا الى وزارة الاقتصاد في اعلان الوزير أخيرا انه في حال رفع الدعم عن المحروقات سيتم توزيعها بموجب قسائم تتولى الاشراف عليها المحطات.. وبانتظار أن يتولى التجار بدورهم مهمة توزيع الطحين وباقي المواد المعيشية وأيضا بموجب قسائم تعيد لبنان الى أيام «الاعاشة» في الحرب العالمية الأولى زمن المجاعة والحرب العالمية الثانية زمن التضييق والتقنين.
تأثير رفع الدعم على السياحة والاستثمارات
والمشكلة الإضافية التي من المفترض أن يتنبه لها وزير الاقتصاد أن رفع الدعم عن المواد الأساسية والضرورية، سيزيد إطلاق المعيشة في لبنان الذي أشارت التقارير الدولية إلى بلوغه من درجة عالية في الغلاء، حيث حلت العاصمة بيروت في آخر هذه التقارير في الدرجة الرابعة بعد دبي والدوحة وأبوظبي والرياض في أكلاف سلّة المعيشة، وبحيث أن في هذه الأكلاف إذا كان سيغذي خزينة الدولة، فإنه يُسيء إلى السياحة والاستثمارات.
مخاطر رفع الدعم
نقيب مستوردي القمح أحمد حطيط أعلن أنه في حال رفع الدعم عن القمح سيتخطى سعر ربطة الخبز الـ٣٠٠٠ ليرة والمرجح أن يكون ٦٠٠٠ ليرة!
فيما يستدل من تركيبة سعر المازوت ان سعر الصفيحة قد يصل الى ٢٥ ألف ليرة.
ومن جهته، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي قال «ان اقتراح وزير الاقتصاد زيادة سعر صرف الدولار على المحروقات والقمح من ١٥١٥ الى سعر السوق لم يصمد طويلا، لأنه لا أحد من القوى السياسية يمكنه أن يتحمل الخضة الاجتماعية التي يمكن ان تنتج عن قرار كهذا، وأن تبرير الوزير بعبارة «لماذا ندعم الاغنياء؟» لم يؤد غايته، وأن تحويل ٥٠% من المستهلكين الى مستجدين للقسائم التي تغطي الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق يبدو أشبه بـ«مزحة سمجة»!.
وأمس استدرك وزير الزراعة والثقافة هذه المخاطر مطالباً بتوسيع حجم الاقتصاد لا سيما في الإنتاج الزراعي، وفي الوقت نفسه دعم بعض القطاعات الحيوية «من أجل تخفيف الأعباء على كاهل المواطنين»، وأن الحكومة كما قال تسير في هذا الاتجاه.