صحيح أنه وفي العام 2017 دخل كازينو لبنان مرحلة جديدة مع إنتخاب مجلس إدارة جديد، إلا أن “الخبايا” في هذا المرفق العام تتكشّف فصولها تباعاً… والصحيح أن كثيرين ظنّوا أنه مع إنتخاب مجلس إدارة جديد سيطوي كازينو لبنان صفحة ليفتح أخرى عنوانها “عفا الله عما مضى” دون أن يعرف أحد ماذا حصل خلال الـ8 سنوات التي ترأس فيها حميد كيريدي مجلس ادارة الكازينو، ولكن ما يحصل اليوم في القضاء قد يكون مقدمة لمعرفة “خفايا” تلك المرحلة ومحاسبة المرتكبين!.
فمغارة “علي بابا”(1) والتي أظهرت الشهادات في القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نديم الناشف مؤخراً وبموجبه ادعى على رئيس مجلس ادارة ومدير عام كازينو لبنان السابق حميد كريدي بجرم إساءة استخدام بموال عائدة للمرفق العام وعلى مخالفة الأنظمة الادارية، تثبت وبالوقائع أن “مافيا السياسة” حكمت وتحكّمت بمفاصل أهمّ مرفق تملكه الدولة.
ايعاز السلطات السياسية
إذ أشار القاضي الناشف الى أنه وفي التحقيق الاولي تمّ الاستماع الى عدد من الشهود وأبرزهم كان محمد شعيب رئيس مجلس ادارة شركة انترا وعضو مجلس ادارة الكازينو. هنا تشير المصادر المطّلعة عبر “النشرة” على أن “شعيب أفاد الى أن مجلس الادارة هو الذي يوجه الدعوة لانعقاد الجمعيّة العموميّة ويحدّد جدول اعمالها، أما السبب الرئيسي لعدم إنعقاد الجمعية العمومية للكازينو هو عدم وجود قرار سياسي لانعقادها ولتسمية الاعضاء والرئيس”، وتضيف المصادر: “شعيب أكد أن مجلس ادارة الكازينو يحدّد المستحقات المالية للرئيس ومخصّصاته، والتي حددت بـ240 الف دولار اضافة الى مئة ألف دولار بونوس وذلك بإيعاز من السلطات السياسية”.
حضور المرابين قديم
ولفت القاضي الناشف في قراره الى أنه وبتاريخ 19/12/2019 تم الاستماع مرّة أخرى من قبل قاضي التحقيق الى محمد شعيب، الذي أشار وبحسب المصادر الى أن “الهدر موجود في الكازينو قبل وصول كريدي لأنّ عدد الموظفين كبير”، مقرّاً أيضاً أن “المرابين موجودون في فيه منذ زمن بعيد”، مشيرة الى أن “شعيب ذهب في افادته أبعد من ذلك ليؤكد أن مجلس الادارة لم يدع الى إنعقاد جمعية عمومية منذ العام 2011 وحتى العام 2017 لأنه كان يتم التقيّد بتوجيهات حاكم مصرف لبنان”.
تدنّي بالارباح
كذلك سرد الناشف في متن القرار مجموعة إفادات منها ما جاء على لسان مفوّض المراقبة لدى شركة Ernest and young وليد نقفور، الذي وبحسب المصادر أكد أن “نتائج شركة كازينو لبنان تظهر تدنٍّ حاد ومستدام في الارباح الصافية، التي انخفضت من 83 مليار ليرة للعام 2011 الى 15 مليار ليرة للعام 2014، وان الشركة أظهرت خسائر بلغت 13 مليار ليرة في العام 2015 جراء تسديد تعويضات انهاء خدمات 134 موظفاً”، مشيرة الى أن “نقفور أكد أنه لم يلحظ وجود عمليات تدقيق داخلي للحسابات الماليّة العائدة لها، أو أي مكتب متخصص بها”. بدورها تلفت المصادر الى “الشهادات التي أدلى بها أعضاء في مجلس الادارة الذين أكّدوا أنهم لم يكونوا على علم بعملياّت الصرف التي كانت تحصل في الكازينو”.
إذاً، هي “قنبلة” فجّرها رئيس شركة “إنترا” التي تملك اكثرية الاسهم في الكازينو ليقطع الشكّ باليقين، ويؤكّد لأول مرّة في محضر تحقيق عدلي وباعتراف صريح وبافادات موثقة من اعضاء مجلس الادارة، ان هناك اجماعا عن كيفية ادارة الكازينو بكل تفاصيله، خاصةً بالشأن المالي كما وعن ارتباط السياسة في هذا المرفق، ما أدى الى تراجع في الإرادات وخسائر في الأرباح الفائقة على الدولة اللبنانية.
اشارة الى أن ملف هدر المال العام في الكازينو فتح بتوجيهات من رئيس الجمهورية ميشال عون حين كان لا يزال نائباً عن كسروان، وبعدها تابع المحامي وديع عقل بدعاوى تتعلق بالفساد فيه، ليعطي عون بعد أن أصبح رئيسا فيما بعد توجيهاته الى وزارة العدل لتتحرك مع النيابة العامة التمييزية للمضي قُدُمًا في التحقيقات.
المصدر: النشرة -باسكال أبو نادر