مشاهد السلع والبضائع في “التعاونيات المدعومة”، وبطاقات الإعاشة الممغنطة للموالين والأقربين كان يجب أن تكون كفيلة باتخاذ القرار الجريء بتصويب سياسة الدعم، والإنتقال إلى المساعدة المباشرة من قبل الدولة للعائلات الأكثر حاجة. فبعد استنزاف ما لا يقل عن 30 في المئة من أموال الدعم المقدرة سنوياً بحدود 7 مليارات دولار على التهريب، ها هي الدولة تشرّع لفئة من اللبنانيين “التوزيع غير العادل للسرقات”، كما تصف الباحثة الإقتصادية د. ليال منصور ما يسمى بالدعم.
فمنذ اليوم الأول للإنهيار الإقتصادي شرعت الدولة بإدارة ملف استكمال السطو على حقوق المودعين، إذ إن ما جرى لا يسمى بحسب منصور “دعماً، إنما سيطرة بعض الفئات من أحزاب وتجار على أموال المودعين والتصرف بها بما يخدم مصالحهم الشخصية. في حين أن الدعم الحقيقي هو سياسة إقتصادية وقتية تحدد فيها البداية والنهاية، وترعاها دولة وحكومة قادرتان، وتموّل من خلال موازنات عامة وسياسات ضريبية دقيقة وهادفة.
عدا عن أن باطنه ذلّ وظاهره إنساني فان “كرت الإعاشه” كما وصفه النائب أسامة سعد في تغريدة على موقع “تويتر” يخفي خلفه جرائم نظام ودولة فاشلة وفئوية مقيتة وسياسات عاجزة. فزمن الإعاشة بحسب سعد غير زمن الكرامة. ومن جهة أخرى فإن ما وصلنا إليه هو النتيجة الطبيعية لنظام التقاسم والتسويات السائد، فـ”من يرتضي بنظام المحاصصة، ينتهي به الأمر إلى استجداء الحصص الغذائية”. وعلى هذا المنوال تحوّل الوطن إلى “صندوقة” غذائية يستمر تمويلها مما تبقى من أموال المودعين في المصارف اللبنانية.