كفّة ميزان “التدقيق الجنائي” ترجح من جديد لمصلحة التعطيل

الإجتماع الذي كان من المفترض به أن يكون مصيرياً، أعاد إلى الواجهة السؤال الجوهري البسيط: هل سيكون هناك تدقيق جنائي؟ نعم أم لا؟

فعلياً، لا أحد يملك الجواب الشافي. ولا نقصد هنا الرأي العام والمتابعين والخبراء الماليين والحقوقيين، إنما المعنيين المباشرين. فـ”المالية” يبدو أنها لا تمتلك مفاتيح الحل والربط، ولم تتبلغ بعد القرار بالضغط للسير بالتدقيق. و”المركزي” يستغل الفرصة، ويستمر في سياسة التمييع وتضييع الوقت. أمّا الشركة الموكلة، فلم تقرر بعد ما إذا كانت ستتابع بالتدقيق حتى لو توفرت لها كل المعطيات والتسهيلات.

بالأرقام والتواريخ يَظهر، بحسب المحامي والبروفسور في كليات الحقوق د. نصري دياب، “مرور سنة وأسبوعين على تكليف الحكومة، وزير المالية اتخاذ ما يلزم من إجراءات مع مصرف لبنان ومع الجهات ذات الصلة بهدف القيام بعملية تدقيق محاسبية مركّزة، و7 أشهر وأسبوع على توقيع عقد التدقيق مع شركة ALVAREZ & MARSAL، و3 أشهر وأسبوع على إصدار مجلس النواب القانون 200/2020 القاضي بتعليق العمل بأحكام سرية المصارف لمدة سنة واحدة تنتهي في 31 كانون الأول 2021”.

وبحسب الدكتور دياب فان الهدف “ليس التدخل بالعمل الرسمي والحصول على معلومات لا يحق للنقابة بها، إنما الإستيضاح من وزارة المالية عن مجريات سير العملية، إستناداً إلى القانون رقم 28 تاريخ 10 شباط 2017 المتعلق بحق الوصول إلى المعلومات، ومعرفة موقف شركة Alvarez & Marsal لجهة استعدادها للمتابعة بالتدقيق من عدمه. وهذه أبسط حقوق المواطنين الذين يموّلون من خلال ضرائبهم أتعاب الشركة المتعاقد معها والبند الجزائي الذي سيترتب علينا في حال فض العقد”.

لذا من المهم من وجهة نظر نصري دياب “تأمين متطلبات التدقيق والمباشرة به فوراً”. لكن ما يقلق دياب هو تضمين القانون رقم 200/2020 عبارة التدقيق “بالتوازي”، بين مصرف لبنان وبقية مؤسسات وإدارات وصناديق الدولة. فعلى الرغم من إفتاء هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل بأن التوازي لا يعني التزامن، وأنه ليس من الضروري أن يتم التدقيق في بقية الوزارات والمؤسسات العامة بالتزامن – (في الوقت نفسه) – مع إنطلاق التدقيق في مصرف لبنان، “يبقى هذا المصطلح بمثابة “لغم” من الممكن أن ينفجر في المستقبل في أي مرحلة من مراحل التدقيق”، برأي دياب. بأي حال، فانه “من الضروري التدقيق بحسابات الدولة بمختلف وزاراتها وإداراتها، إذ إن الهدر والإختلاس حصلا فيها وليس (فقط) في مصرف لبنان”.

إقرار التدقيق الجنائي شكلياً، والإيحاء بتذليل العقبات من أمامه، يقابل بمسار طويل مزروع بمختلف العراقيل العملية، القانونية والتقنية. فكلما حلت عقدة تضاف تعقيدات جديدة. الأمر الذي بدأ “يطبش” كفة الميزان لمصلحة إفشال التدقيق بشكل نهائي.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالسائقون العموميون: صرخة استغاثة وخطة لدعم المحروقات وإعفاء من “المعاينة”
المقالة القادمةالإسراع في التطعيمات يضيف 9 تريليونات دولار للاقتصاد العالمي بحلول 2025