كميل ابو سليمان: تخفيض “مودينز” لتصنيف لبنان ليس مؤامر

اعرب وزير العمل كميل ابو سليمان عن عدم اعتقاده ان الجميع مقتنع بخطورة الوضع الاقتصادي الذي يشعر به، مشيراً الى انه “كلما تأخرنا باتخاذ القرارات الصعبة باتت الامور اصعب، يجب الإسراع باتخاذ الإجراءات التي تساهم بتحسين الوضع ونعول على الإصلاحات لعودة الثقة بلبنان وليتمكن من الوفاء بإلتزاماته وليتحرك السوق”. واشار الى ان “القوات اللبنانية” مع اتخاذ القرارات الجريئة لمصلحة الوطن والناس، مؤكداً “ان خدمة الناس لا تعني الشعبوية، ونحن نرى ان مصلحة الناس العليا يجب ان تكون بخطوات طويلة الأمد لا بمصالح آنية قد تؤدي إلى إفلاس البلد”.

واضاف في مقابلة عبر برنامج “صالون السبت” من اذاعة “الشرق”: “القوات اللبنانية بأداء وزرائها اظهرت كيف يكافح الفساد فعلاً. نحن أمام مشكل كبير بالأرقام والشعارات لا تكفي لسد العجز، علينا ان نتعاطى مع الأمور بمسؤولية. الأولوية للموازنة وتخفيض العجز.الشعارات رنانة جداً ولكن ما يحزنني اني حتى الآن لم أر مكافحة فعلية للفساد. يجب ان نبحث بكل الأمور وننتظر عروض وزير المال لدرس الوضع ولكن لنتمكن ان نصنع الفرق المحرمات مرفوضة”.

اكد ان الاولوية التي يجب ان تنطلق منها الحكومة في عملها بعد نيلها الثقة هي موازنة العام 2019 التي تتطلب تفكيراً جدياً مدروساً لا ان تكون معلّبة وذلك كي تعود مصداقية الدولة للداخل والخارج، اذ لا يجوز انه حتى اليوم لم تأخذ الدولة أي إجراء لتخفض العجز عبر التقشف.

اضاف ابو سليمان: “العام 2018  لم تصدر نتائج الموازنة، لكن العجز الفعلي المقدر للسنة 5.9 مليار دولار. نصرف اكثر من مدخولنا نحو الثلث منذ سنوات، ونحن نكبد اولادنا واحفادنا هذه الديون. ديننا العام 83 مليار دولار وخدمة الدين تمثل 52 % من الايرادات وبعد 3 سنوات ستمثل 100% من الايرادات فلا نعد حينها نستطيع دفع الاجور. الامر لا يحتمل الانتظار ونحن بحاجة لإجراءات صعبة وشجاعة وتحترم العدالة الاجتماعية وهذا التحدي الاكبر. يجب على الخبراء بالموضوع الاقتصادي الذين عملوا في هذا المجال في بلدان أخرى ان يواكبوا هذا الملف. انتهت جلسات الثقة واليوم يجب اتخاذ القرارات اللازمة والحفاظ على ذوي الدخل المحدود”.

واعتبر وزير العمل ان تخفيض “مودينز” لتصنيف لبنان ليس مؤامرة كما يحكى هنا، بل يستند الى معادلات علمية ورياضية ترتكز على الارقام وللاسف التصنيف صحيح. في لبنان اذا كان البحث جدياً وخالياً من المحرمات يمكننا ان نصنع فرقاً والمطلوب اولا اعادة مصداقية الدولة، كيف لبلد ان يحتمل ان 73 % من الانفاق على الاجور يذهب للمتقاعدين؟! فعلى سبيل المثال البحرين خفضت العجز 35% في سنة. بمجرد عودة الثقة يرتاح السوق وتنخفض الفوائد وتتحرك الدورة الاقتصادية، وعلى الدولة ضبط الانفاق فعلياً. إذا لم يوقفوا التوظيف العشوائي سأعترض فذلك ليس مقبولاً”.

ورداً على سؤال عن خطة “ماكنزي”، اجاب ابو سليمان: “ليس هناك ما يسمى خطة “ماكنزي” هناك مئات الصفحات والاقتراحات ونحن تلاقينا و”حزب الله” حول هذا الموضوع. بالطبع هناك نقاط ايجابية ولقد عدلنا البيان الوزاري من هذا المنطلق وسنعمل على ما أقر فيه من خطة “ماكنزي”. “ماكنزي” اعتبر ان قطاع الكهرباء في لبنان هو الأسوأ، والبلدان العربية سبقتنا وهنا لا بد من القاء الضوء على ما فعلته الحكومات السابقة بملف الكهرباء، فترتيبنا فقط قبل اليمن ومالاوي”.

تابع ابو سليمان: “طلبت نزع الالتزام بتأمين الكهرباء خلال سنة من البيان الوزاري لأن ذلك سيزيد الهدر، اذ ان الكهرباء تباع من الدولة بأقل من كلفتها وإن زدنا الكهرباء سنخسر. الأولوية اليوم لتسوية أوضاعنا بوقف الهدر ومن بعدها التوجه للكهرباء، وهذا القرار المسؤول. المطلوب انشاء معامل انتاج بأسرع وقت لا الاعتماد على حلول موقتة كالبواخر، وموقفنا واضح كقوات لبنانية في هذا الاطار. لدينا مشكلة أساسية وقرارات مشروع الموازنة تصدر من وزارة المال، ويجب ان يقدم وزير المال الاقتراحات والا يكون هناك محرمات بل يجب البحث بجميع الأمور ومن ضمنها معاشات التقاعد. ليس هناك من قرار سياسي بإتخاذ القرارات الجريئة، وموازنة الدولة سهلة ولا يجوز ان نستمر بالصرف اكثر من الارادات، وننتظر اقتراحات وزارة المال التي سندرسها بعمق. القطاع المصرفي مستعد للمساهمة ولكن يريد هو وسواه من القطاعات ان يتأكدوا ان الدولة تضبط انفاقها. يجب عدم الاقتراب من ذوي الدخل المحدود وعلينا حمايتهم”.

وبشأن مقررات “سيدر”، قال: “البيان الوزاري اقر الالتزام بـ”سيدر” ولكنه لم يدخل في التفاصيل، وما يميز “سيدر” انه مشروع استثماري كبير وهناك قروض ميسرة. “سيدر” ليس إطلاقاً مشاريع مبطنة للتوطين، وبرأينا كـقوات لبنانية الأهم إقرار موازنة لتخفيض الانفاق. “سيدر” يعني إعادة تنشيط الاقتصاد اللبناني ولكن ان لم نهيئ وضعنا المالي ونحسنه “سيدر” لا يكفي”.

استغرب وزير العمل كيف أن الجميع يتكلمون الفساد ولا أحد منهم فاسداً، وسأل: “أين هو هذا الفساد ولماذا نسبته مرتفعة لهذا الحد ولبنان بالمرتبة 140 من اصل 175 بلداً من حيث الشفافية؟ يجب معالجة الفساد بالفعل لا بالقول وليبدأ كل طرف من ذاته. انا أفتخر اننا في “القوات اللبنانية” اعطينا نموذجاً فعلياً عن مكافحة الفساد وكيفية تعاطي الوزراء بالشأن العام، وأنا سأواصل هذا النهج”.

واردف: “لسنا البلد الوحيد الذي يعاني من الفساد، فجورجيا على سبيل المثال كانت من أكثر البلدان فساداً واصبحت من اقلها اليوم. لقد اسشتغلت شخصيا فيها وكنت محامي الدولة الجورجية، لقد اخذوا 350 قرارا ضد الفساد. مكافحة الفساد تبدأ من فوق، من الحكام والمسؤولين لا بالشعارات. على سبيل المثال، مسألة الاثراء غير المشروع، لن أكتفي بالتصريح عن ممتلكاتي ومداخيلي انا وزوجتي الى المجلس الدستوري بل أفكر بالطلب من مكتب محاسبة التدقيق بحسابات ومداخيلي ليعرفوا أي دفعة لي أو لزوجتي ما مصدرها ومن أين أتت. وفي حال الشك بأي شيء إبلاغ المجلس الدستوري. يجب اعادة النظر بقانون الاثراء غير المشروع”.

ورداً على سؤال، اجاب: “أرى مصلحة لبنان مع البلدان العربية، واعرف ما قامت به السعودية لتساعد لبنان ومصلحتنا الاقتصادية معهم. وقرار السعودية برفع تحذير رعاياها لزيارة لبنان مرحب به وكل لبنان يستفيد منه. مع كل الاحترام لعروض ايران ولكن كيف سنتعامل معهم بالليرة اللبنانية؟”

المادة السابقةغسان عطالله: العودة ستكون فعليّة لا صوريّة
المقالة القادمةرودولف عبود: لنضع طاقاتنا في خدمة لبنان ورئيسه فننجح جميعا